تفسير مختصر لسورة الطارق

سورة الطارق

((وَالسَّمَاء))، أي قسماً بالسماء، ((وَالطَّارِقِ))، أي قسماً بالطارق، وهو الذي يأتي ليلاً، سمي طارقاً لأنه يطرق الباب إما في النهار فقد كانت العادة الجارية لديهم أن تفتح الأبواب، فإذا جاء أحد استأذن ودخل، والمراد به هنا النجم الذي يطلع ليلاً.

((وَمَا أَدْرَاكَ)) أيها الإنسان، أو أيها الرسول ((مَا)) هو ((الطَّارِقُ))؟ وذلك لتعظيم شأنه.

وهو ((النَّجْمُ الثَّاقِبُ)) الذي يثقب السماوات بنوره، ومن يعرف عظم النجوم وكثرة بعدها حتى أنها تحتاج إلى سنوات ضوئية حتى توصل نورها إلى الأرض يعرف عظم هذا القسم، والظاهر أن المراد بالنجم الجنس لا خصوص نجم واحد، وما ذكر له في التفسير من المصداق فهو من باب المثال.

((إِن كُلُّ نَفْسٍ))، أي ما كل إنسان ((لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ))، أي إلا عليها حافظ من قبل الله سبحانه، وهو الملائكة الذين يحفظون البشر من المهالك كما يحفظون أعمالهم، وهذا هو متعلق القسم.

وإذا كان الإنسان في شك من الإله فليفكر في أصله ونشأته، ((فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ))، أي ليفكر ويتدبر ((مِمَّ خُلِقَ))، أي مماذا خلق وما هو أصله.

((خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ))، أي ماء يدفق، والدفق هو الصب الذي فيه دفع وقوة، فإن المني يخرج هكذا.

((يَخْرُجُ)) ذلك الماء الذي هو مبدأ الإنسان ((مِن بَيْنِ الصُّلْبِ)) للرجل، وهو العظم الذي في ظهره مركز المني، ((وَالتَّرَائِبِ)) نواحي الصدر، واحدتها "تربية"، فإن مني المرأة مركزة هناك.

إن الله الذي خلق الإنسان بهذه الكيفية ((إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ))، أي إرجاعه إلى الحياة بعد الموت ((لَقَادِرٌ)) كما قدر على ابتداء خلقه حين لم يكن شيئاً مذكوراً.

قادر على رجعه في ((يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ))، أي تختبر الضمائر، فإن "سرائر" جمع سريرة، وهي المحل الكامن في الإنسان، فإن يوم القيامة تظهر بواطن الناس وما انطووا عليه من خير وشر.

((فَمَا لَهُ))، أي للإنسان ((مِن قُوَّةٍ)) يدفع بها العذاب ((وَلَا نَاصِرٍ)) ينصره من تلك الأهوال، فليخش وليحذر أن يخالف الله سبحانه حتى لا يبتلى بالعذاب.

((وَالسَّمَاء))، أي قسماً بالسماء ((ذَاتِ الرَّجْعِ)) التي ترجع في كل دورة إلى مكانها الأول، أو ذات المطر، وسمي المطر رجعاً لأنه يرجع كل نفسه، أو لأنه يرجع إلى الأرض بعد التصاعد منها بالأبخرة.

((وَالْأَرْضِ))، أي قسماً بالأرض ((ذَاتِ الصَّدْعِ)) التي تتصدع وتتشقق فيخرج منها النبات.

((إِنَّهُ))، أي القرآن، أو ما ذكر من رجوع الخلق بعد الموت وتشقق الأرض عنهم، وهذا هو المناسب للآيتين السابقتين، ((لَقَوْلٌ فَصْلٌ)) يفصل بين الحق والباطل.

((وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ))، أي باللعب، فإنه كلام واقعي لا أنه قيل على وجه اللعب والهزل.

((إِنَّهُمْ))، أي الكفار ((يَكِيدُونَ)) ويحتالون لإبطال هذا الكلام الذي هو قول فصل، ((كَيْدًا)) بقولهم أنه شعر وسحر وكهانة وما أشبه ذلك.

((وَأَكِيدُ))، أي أريد أمراً آخر ضد ما يريدون، وسمي كيداً للمشابهة، ((كَيْدًا)) كما أنهم يكيدون.

((فَمَهِّلِ)) يا رسول الله ((الْكَافِرِينَ))، أي انتظر بهم قليلاً فلا تشغل نفسك بهم، ((أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا))، أي زماناً قليلاً حتى ترى بأس الله فيهم.

صدق الله العضيم

» تفسير مختصر لسورة عبس
» تفسير مختصر لسورة ص
» تفسير مختصر لسورة الناس
» تفسير مختصر لسورة الزلزلة
» تفسير مختصر لسورة المطففين