منتدى المدية
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى, و شكرا.
إدارة المنتدى

منتدى المدية
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى, و شكرا.
إدارة المنتدى

منتدى المدية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني4

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Hamykaly
 
 
Hamykaly


عدد المساهمات : 176
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
العمر : 34
الموقع : سوق أهـــراس

شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني4 Empty
مُساهمةموضوع: شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني4   شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني4 Emptyالسبت 6 مارس 2010 - 17:43

بالعلم تصح النيات

هناك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم جامع رائع، يبين فضل العلم، وهو الحديث الذي رواه الترمذي وصححه، وابن ماجة، وأحمد في مسنده من حديث أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الدنيا لأربعة نفر: رجل آتاه الله علماً ومالاً فهو يتقي الله فيه، يصل به رحمه، ويرعى لله فيه حقه، فهذا بأفضل المنازل، ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً فهو يقول: لو أن لي كفلان لعملت بعمله، فهو ونيته، فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً فهو يخبط في ماله، لا يرعى لله فيه حقه، ولا يصل به رحمه، فهذا بأخبث المنازل، ورجل لم يؤته الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو أن لي كفلان لعملت بعمله، فهو ونيته فهما في الوزر سواء). فالناس اثنان، واثنان تبع لهما، فالثاني تبع للأول، والرابع تبع للثالث. الرجل الأول: آتاه الله علماً ومالاً، وهناك نكتة في قوله عليه الصلاة والسلام: (إنما الدنيا لأربعة نفر) فذكر الدنيا ليصبر الناس على طلب العلم، بعض الناس يبدأ في العلم بنية فاسدة، كأن يتمنى أن يكون شيخاً كبيراً وعالماً جليلاً ومفتي الديار، وهذه النية ما لم يبتغ بها الآخرة فهي نية فاسدة. فأقل قدر من طلب الدنيا يعكر عمل الآخرة، ونمثل لهذه المسألة بإناء فيه قطعة من الطين الرقراق، ثم صببت الماء في هذا الإناء، فكيف سيصير شكل الماء، سيصير كله بشكل الطين، برغم أن حجم الماء كثير بالنسبة لحجم الطينة الموضوعة في الإناء، إلا أن هذا عكر ذاك كله، فأقل قدر من الدنيا يعكر عمل الآخرة، لذلك الإخلاص لله ضروري ومهم. النبي عليه الصلاة والسلام استفاد من مال أبي بكر رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: (إنه ليس أحد أمنّ علي في صحبته وماله من أبي بكر ، وقال له: لك يد علي لا يجزيك بها إلا الله). ومع ذلك لما أراد أن يهاجر عليه الصلاة والسلام كما في صحيح البخاري، وأخبر أبا بكر أنه سيهاجر اشترى أبو بكر راحلتين وحبسهما يطعمهما ويعلفهما استعداداً للهجرة، فلما آن أوان الهجرة وجاء أبو بكر بالراحلتين فأعطى راحلة للنبي صلى الله عليه وسلم، قال له النبي عليه الصلاة، والسلام: (بالثمن) فلماذا قال له عليه الصلاة والسلام بالثمن وهو قد أخذ منه كثيراً قبل ذلك ولم يعطه الثمن؟ وكم واساه أبو بكر رضي الله عنه بماله، لأن الهجرة لله فلا يريد أن يعكرها بشيء من الدنيا، قال له: (لا أخذ الراحلة إلا بثمنها)، تجريداً للقصد. وكذلك لما دخل النبي عليه الصلاة والسلام المدينة فوجد قطعة أرض لغلامين يتيمين من الأنصار، فقال: (ثامنوني بحائطكم يا بني النجار) يعني: بيعوه مني بالثمن، فقالوا: لا والله لا نأخذ ثمنه إلا من الله عز وجل، ومع ذلك أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم الثمن، لأن هذا بيت الله. فأقل قدر من الدنيا يعكر الآخرة، فالإنسان في بداية طلبه العلم يتمنى أن يكون مفتياً وإماماً وفقيهاً ومحدثاً، وكل هذا يعكر فضله، لكن قد يدخل المرء بوابة العلم بهذه النية الفاسدة، ثم يطلب العلم فتصلح نيته بعد ذلك مع طلب العلم. فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (إنما الدنيا لأربعة نفر) أي من طلب الدنيا بالعلم نال الدنيا، والعلماء سلاطين غير متوجين، والعامة تخضع لهم أكثر من خضوعهم للسلطان؛ لأن العلماء يملكون سلطان الحجة الذي يخضع القلب له، بينما السلاطين لا يملكون إلا سلطان اليد؛ الذي لا يخضع البشر إلا له. لأنه قد تجد الرجل يكابر العالم وقلبه خاضع لسلطان الحجة الذي ذكره العالم، إذاً العالم يسيطر على القلب؛ لأجل هذا كان سلطانه أقوى، قال تعالى: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [النمل:14] فهو جاحد، لكن في حقيقة أمره مستيقن وخاضع لها قلبه، فالعالم يملك قلوب الناس، ومن هنا تأتي قوته. فمن أراد الدنيا فعليه بالعلم، وهذا نوع من الترغيب، فكأنه يقال لك: إذا طلبت العلم فعجزت عن تصحيح نيتك، وأحسست أن الدنيا متقدمة فلا تنصرف عن العلم، رجاء أن يصلح الله حالك. بعض الناس يقول لك: أنا لم أستطع، أحس أني أريد أن أكون فقيهاً، فخلطه بين الرياء والدعوة يصرفه عن العلم، فنقول له: اصبر، وهذا من دليل نصح النبي عليه الصلاة والسلام. إن العابد يزهد الناس في الدنيا والناس لا تستغني عنها فقلما يطيعونه، لكن العالم يحبب الناس في الله، فتهون الدنيا عليهم، وهذا هو الفرق، فإذا قلت لإنسان: اترك الدنيا وأت ورائي، لا يسمع منك هذا الكلام، ليس لأنه لئيم، أو لأنه غير مؤمن، ولكن لو بينت له أن التقلل من الدنيا طاعة لكان أحرى وأجدر، ولذلك ما أحسن نصيحة أصحاب قارون له، قالوا: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77]. يعني عندما نقول لك: اتبعنا، فأنا لا أقول لك اترك ما أنت فيه من الأبهة، فإذا كان هناك رجل غني جداً، وعنده كل رفاهيات الحياة، وأراد أن يلتزم كيف تريده أن ينخلع من كل هذا، أتريد أن يكون مثل أبي ذر مثلاً، وتقص عليه قصة أبي ذر ؟ لماذا لا تقص عليه قصة عبد الرحمن بن عوف ؟ وإذا صعدت قليلاً فتقص عليه قصة سليمان عليه السلام. وانظر إلى سفيان بن عيينة رحمه الله عندما قال له سائل: أيهما أحب إليك قول مطرف بن عبد الله بن الشخير : لأن أعافى فأشكر خيراً لي من أن أبتلى فأصبر، أم قول أخيه أبي العلاء : اللهم إني رضيت لنفسي ما رضيته لي، فسكت سفيان ساعة ثم قال: قول مطرف أحب إلي، لماذا؟ قال: إني قرأت كتاب الله عز وجل فرأيت وصف سليمان مع ما كان فيه من النعمة: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:30] ورأيت وصف أيوب مع ما كان فيه من البلاء: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:44] فقام الشكر مقام الصبر وبقيت العافية، فلأن أعافى فأشكر خير من أن أبتلى فأصبر، إذا كانت الدرجة عند الله واحدة. فسليمان عليه السلام قام بحق الله في شكر النعم، فإذا كان هذا الرجل الذي تدعوه عنده مال وقلت له: اترك المال لا يتبعك؛ لأنه يشق عليه ذلك، هناك بعض الناس يقول: أنا أخشى الفقر وأخافه، ولا أتخيل أنني أعيش فقيراً، فمثل هذا لا نقول له: اترك مالك ونظل نحبب هذا الشيء إليه، لا. فهذا قارون لو أن كل أغنياء العالم الآن جمعوا ما عندهم من المال، لكان ما يمتلكونه شيئاً يسيراً بالنسبة لما يمتلكه قارون، انظر إلى عظم حجم الأموال التي كان يمتلكها قارون، ولك أن تتخيل إذا علمت أن العصبة أولي القوة يحملون مفاتيح الخزائن فقط. فإذا كان هناك شخص غني وعنده كل هذا المال مثل قارون، وفي نفس الوقت وضيع، فلا يمكن أن يترك هذا المال، وعلامة أنه وضيع قول الله عز وجل: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى [القصص:76] يعني شخص من قوم، أي: ليس له قيمة، ليس له كنية، ليس له أي قيمه في المجتمع، ثم صعد هذا الصعود الهائل وصار غنياً هذا الغنى. فعندما يكون وضيعاً وغنياً ثم أحب أن يلتزم أو يقترب، فمن الخطأ الجسيم أن تقول له: اترك مالك واتبعني! ولكن قل له: تمتع بكل المباحات وأخرج حق الله من المال، واعطف على ابن السبيل والأرملة والمسكين، وكل كما تحب وتريد، قال: وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77]. فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما يقول: (إنما الدنيا لأربعة نفر) هناك بعض الناس يدخل العلم بهذه النية، فنقول له: لا تضطرب، ولا يحرمنك فساد نيتك أول الأمر على ترك طلب العلم، لكن اطلب العلم، واطرق بابه، وستصحح نيتك بعد ذلك كلما أضفت شيئاً إليك قرآناً أو سنة، كل هذا تتعلم منه شيئاً فشيئاً، فتصحح نيتك بعد ذلك.

العلم ومكانته في الإسلام

إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد.. فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثه بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. رتب الإمام البخاري رحمه الله صحيحه ترتيباً يدل على عمق فقهه وعلمه، فافتتح كتابه الصحيح بكتاب بدء الوحي، وختم كتابه بكتاب التوحيد، فكأنه يريد أن يقول: من أراد أن يخرج من الدنيا على التوحيد فعليه بالوحي. وما بين بدء الوحي وكتاب التوحيد الإسلام كله، والوحي قرآن وسنة، وكانت السنة توحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مثلما يوحى القرآن، لكن السنة من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لا ينطق عن هوى نفسه عليه الصلاة والسلام، قال الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)[الأنفال:24]. فالخروج من الدنيا على التوحيد يكون بالوحيين، والفرق التي ضلت السبيل إلى الله، إنما سلكت سبيلاً آخر غير الوحي الذي هو السنة، وحتى الوحي الذي هو كتاب الله عز وجل ما استضاءوا فيه بقول الذين نزلَ القرآن وهم شهود، وهم الصحابة، وهم الصحابة، وفي الحديث أن الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، وهؤلاء ما اختلفوا في الأحكام الفرعية، كالوضوء، وعدد غسلات الأيدي، والمسح على الرأس، والبيوع والأنكحة، وإنما اختلفوا في الإيمان والتوحيد. فبدأ هؤلاء يضعون متاريس يتقون بها ضربات أهل السنة القائمة على ساق الحجة والمحجة، وبدءوا يؤصلون من عندهم أصولاً يردون بها الأحاديث، فيقولون مثلاً: إن خبر الواحد لا يعمل به في العقيدة، وهذا أصل فاسد، لكنهم أصلوه، لماذا؟ حتى يتقوا به الأحاديث التي هي حجة عليهم، فأهملوا شطر الوحي، فالسنة بيان للقرآن، ومعلوم أن المرء لا ينتفع بالقرآن إلا إذا أخذ بالسنة، فنفى هؤلاء السنة، وكان من جراء نفيها أنهم لم يوالوا أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام. فالإمام البخاري بدأ صحيحه بكتاب بدء الوحي، وثنى بكتاب الإيمان، ليقول لك: إن الإيمان لا يصح إلا إذا كان مؤيداً بالوحي، فهل يعقل أن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام الذين نقلوا تفاصيل هذا الدين عنه نقلاً لا يعلم لأصحاب نبي قط نقل عشر معشاره، حيث نقلوا هذا الدين بهذه الدقة، بتفاصيل دقيقة، بل نقلوا حتى اهتزاز لحيته عليه الصلاة والسلام في الصلاة. فأهم المطالب كلها معرفة الله عز وجل، فهل يتصور أن هؤلاء الصحابة ماتوا ولم يفهموا هذا الباب؟ إن المبتدعة جميعاً يقولون: نعم. ماتوا ولم يعرفوا هذا الباب. ولو جمعنا المسائل الفقهية التي اختلف الصحابة فيها لكانت بالألوف، وحسبك كتاب: الإجازة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة، لـبدر الدين الزركشي رحمه الله، وهذا الكتاب أورد فيه مصنفه ما استدركته عائشة ، وتعقبته على الصحابة رضي الله عنهم -يعني الاعتراض منها على الصحابة- فجمع كتاباً. فلو أردت أن تجمع كتاباً لكل صحابي اعترض على الباقين لطال الأمر، ومع اختلافهم في المسائل الشرعية لا نعلمهم قط اختلفوا في مسائل الإيمان، إلا في مسائل يسيرة ومحكمة، وكان يراجع بعضهم بعضاً في النقل في المسائل الفقهية، لكن في المسائل الاعتقادية لا، وهذا من أكبر الأدلة على أنهم لم يختلفوا في مسائل الإيمان، أو في مسائل التوحيد. فالرسول عليه الصلاة والسلام لما قال: (إن الأمة ستختلف على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا وحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟! قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي). فترتيب الإمام البخاري لكتابه ترتيب يدل بعضه على بعض، الأول: بدء الوحي، حتى إذا أراد أحد أن يدخل الدين يدخله من بوابة الوحي؛ لأنك إذا اختلفت معي بعقلك واختلفت معك بعقلي، فلا بد أن يكون هناك عقل سابق يحكم بيننا، فإذا اختلفنا نحن الاثنان فلا بد أن يكون هناك حكم. فمن الذي يحكم بيننا؟ لابد أن يكون هناك عقل كبير؛ نرجع ونتفق عليه، ولا يكون ذلك إلا النبي عليه الصلاة والسلام، فرجعنا في الأخير إلى تحكيم النبي عليه الصلاة والسلام بيننا، وكلامه موجود، فإذا اختلفنا في مسألة من مسائل الإيمان رجعنا إليه، ونظرنا إلى السنة العملية للصحابة، هل اختلفوا في هذا الباب أم لا؟ فإذا لم يختلفوا فلا يتأتى الخلاف، لا يحل لنا أن نختلف، أما إذا اختلفوا فيسعنا كما وسعهم. فإذاً أول باب ندخله هو باب بدء الوحي، ثم أهم المطالب جميعاً الإيمان، فلا يكون الإيمان إلا بالوحي، ثم ذكر ثالثاً: كتاب العلم؛ لأن كل الأحكام الشرعية التكليفية لا تكون إلا بعلم. والإنسان يستغرب عندما يخرج ليشتري جهازاً كهربائياً، ويعطى رسالة لتشغيل الجهاز وهو (الكتلوج)، واتفق الناس جميعاً على ضرورة الرجوع إلى مثل هذا الكتاب، لفهم هذه الآلة التافهة، فيستغرب المرء أن أقواماً لا يرجعون إلى الكتاب على الإطلاق، ولكن يدخل ليعبد الله عز وجل كيفما يريد، ولا ينظر إلى مثل هذا الكتاب، والله عز وجل يقول: الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا [الفرقان:59] اسأل عن الرحمن من يعرفه، لا تسأل عنه الجهلة الذين لا يعرفونه، لكن اسأل عن الرحمن من يعرفه، وهذا فيه دلالة على ضرورة العلم والتعلم، وأن المسائل الاعتقادية كلها لابد أن تؤخذ من مشكاة النبوة، فلا تؤخذ من عقل، لأن الوحي هو الشاهد، ثم أتى ثالثاً بكتاب العلم بعد كتاب الإيمان وقبل كتاب الطهارة، وهذا يدل على أن كل تصرفاتك تفتقر إلى العلم.

التشويق إلى العلم بذكر فضائله

بدأ الإمام البخاري الكتاب بداية معتادة، فبدأه بعقد باب لفضل العلم، وذلك فيه نوع من التشويق، فقبل أن تَأْمُرَ بالشيء اذكر فضله، وهذا من سداد الحكمة، فالنبي عليه الصلاة والسلام لما رغب الصحابة في الجهاد بين لهم منزلة الشهيد، ومنزلة من يقتل في سبيل الله، فتحمسوا، لماذا؟ لأن الله عز وجل لما خلق الإنسان خلقه باحثاً عن الهدف، لا يعمل عملاً مجرداً من الهدف، وإنما يعمل العمل لشيء أو لهدف، وفي الحديث الصحيح: (أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم -وكان النبي قد سأله، ماذا تقول عندما تسجد في صلاتك- فقال: أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ ، لكني أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار، فقال: حولها ندندن) يعني كل هذا الكلام الذي تسمعه ولا تستطيع أن تفهمه، كله من أجل أن يدخلنا الله الجنة، ويعيذنا من النار، كل كلامنا منحصر في هذه الكلمة التي قلتها أنت: نسأل الله الجنة ونعوذ به من النار. ونصب الله الجنة والنار للناس، فنصب الجنة ترغيباً، لذلك أخطأ من يظن أن العمل لأجل الجنة فاسد، وهذا عند بعض غلاة الصوفية، ويذكرون العبارة المشهورة -التي تعرفونها جميعاً إن شاء الله- عن رابعة العدوية : اللهم إن كنت أعبدك طمعاً في جنتك فاحرمني من جنتك، وإن كنت أعبدك خوفاً من نارك فأحرقني بنارك، وإن كنت أعبدك طمعاً في وجهك فلا تحرمني من وجهك. هذا الكلام فيه مغالطة، لأنها لا يمكن أن ترى الله إلا في الجنة، فالله لا يرى إلا بعد دخول الجنة، فعندما أقول: اللهم ارزقني الجنة فأعظم ما في الجنة هي رؤية الله عز وجل، فكأني أقول: يا رب! امنحني رؤيتك، لكن أن أقول: إن سألتك طمعاً في جنتك فاحرمني من جنتك، فكيف، والنبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما سأل الله الجنة واستعاذ به تبارك وتعالى من النار؟! فالإنسان مخلوق ليعمل ويبحث عن الأجر، فإذا علم أنه لا يؤجر فترت همته، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)، فالإنسان عندما يغرس النخلة لن يأكل منها، وإنما ليأكل منها أولاده وأحفاده كما أكل هو من غرس أجداده، إذاً ما غرس الفسيلة إلا لهدف، فترغيباً من النبي صلى الله عليه وسلم في غرس هذه الفسيلة قال: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها) وتقدير الكلام: فلا يقل: لمن أغرسها وقد قامت الساعة ولن ينتفع بها أحد؟! فحري أن يتركها ولا يغرسها، فكأنه قال له: خالف طبعك واغرسها مع أنك لن تجد من ورائها ثمرة دنيوية. والرجل الذي جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وفي يده تمرات فقال: (مالي عند ربي إن قتلت في سبيله؟ فقال: لك الجنة، فقال: إنها لحياة طويلة حتى آكل هذه التمرات، وألقى بها وقاتل حتى قتل). فسأله ما يكون لي؟ فقال له: أن تدخل الجنة، فقال: لا يحول بيني وبين الجنة إلا أن آكل هذا التمر، إذاً هي حياة طويلة، وهي ثانية أو ثانيتان، أو دقيقة أو دقيقتان، إذاً الحياة طويلة في هذه الدنيا، فرمى بالتمرات وقاتل حتى قتل. فتخيل لو أن الجواب: ليس لك شيء، كان من الممكن أن يأخذ جراب تمر ثم يقعد ويأكل، وعلى ماذا سيستعجل؟! وطالما أن المسألة لا أجر فيها ولا حافز. فلماذا لا ينعم بالحياة؟! كالرجل الذي جاء إلى عبد الله بن الزبير لما كان يتقاتل هو وعبد الملك بن مروان على الخلافة، فقال له: أنا بطل مغوار وفارس معروف، لكن كم تعطيني من الأجر؟ فقال: أعطيك كذا وكذا، قال له: إذاً هات! فقال له: هذا عندما تقاتل وتبلي بلاء حسناً! فتولى عنه الرجل وقال: أراك تأخذ روحي نقداً وتعطيني دراهمك نسيئة. يعني تأخذ روحي مقدماً بينما دراهمك تعطينيها مؤخراً، فهو يريد أولاً أن ينعم بهذا المال قبل أن يموت، فلما علم أنه قد يقتل ولا يأخذ الأجر فترت همته وتولى. ولهذا خلق الإنسان باحثاً عن الأجر، فإذا أردت أن ترغب إنساناً ما في شيء ما فعليك أن ترغبه، وتبين له أجر عمله، لأن هذا أدعى لأن يقدم، ولذلك تجد القطاع الخاص ناجحاً، والقطاع العام فاسداً، لماذا؟ لأن القطاع الخاص يربط الأجور بالإنتاج، بينما القطاع العام، لا. فالموظف يذهب لينام ثم يأخذ العلاوة ويأخذ المرتب والحوافز، بينما القطاع الخاص يقول لك: القطعة بجنيه مثلاً، فيحث العامل على أن لا يجلس فارغاً، فيقول: لماذا أجلس ولا أعمل؟ وكلما عمل كسب، فنجح، والشركات التي تعطي أجوراً عالية عندها مبدعون، لأنها تعطيهم الأجر وزيادة، وهذا نوع من الحافز.

الصبر وأهميته في تبليغ العلم

فلذلك الإمام البخاري رحمه الله بدأ كتاب العلم بذكر باب فضل العلم؛ لأن العلم واسع ومضن وشاق ليس بسهل، وتحرير محل النزاع في كثير من المسائل يحتاج إلى صبر بالغ، فتبليغ العلم للناس، والصبر على أذاهم ومخالفاتهم، وعلى بلادة المجتمع أحياناً، كل هذا يحتاج إلى صبر. وتبليغ العلم مع كثرة المناوئين لك، وكثرة الأسفار والترحال، كل هذا يحتاج إلى صبر، ويحتاج إلى مجهود كبير، فلا يدخل فيه إلا من يعلم قدره. والإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من ليس بأهله، وكفى بالجهل عاراً أن يتبرأ منه من هو فيه)، يعني لو قابلت أبا جهل في الطريق فقلت له: يا جاهل! لاحمر وجهه من الغيظ، مع أن أبا جهل ليس جاهلاً فحسب، وإنما هو أب للجهل، ومع ذلك يستنكر أن تصفه بالجهل، فالوصف بالجهل مر، كل الناس تدعي العلم في أي فن من فنون الدنيا، حتى لو لم تكن متحققة من هذا العلم، لماذا؟ لأن العلم شرف، فالعلم يرفع صاحبه، يرفع صاحبه حتى في علوم الدنيا، لما يلبس الشخص لباس أهل العلم، ويطلبه كل الناس فإنه يشعر بالعز من كثرة الطالبين.

الصبر على جفوة الشيخ والتماس العذر له

أنت عندما تطلب العلم يجب أن تصبر على جفوة شيخك؛ لأنك أنت ربما تأتيه وهو مكدر الخاطر. ذات مرة أتى إلي شخص وقال لي: انظر! أنا تركت مجلسك وصار لي سنتان، أظن أنه من حقي أن تعطيني من صبرك ومن وقتك. قلت له: أنت تركتني منذ سنتين لكن غيرك لم يتركني، يعني أنا مشغول بصفة مستمرة، وأنت ممن انقطع. فقد يكون الإنسان مكدر الخاطر، بالذات إذا كان رجلاً يحمل هم الدعوة، ونشر الدين، ومشاكل الناس؛ لأن مشاكل الناس تترك نكتة سوداء على القلب. يعني تخيل مثلاً لما يأتيك أن شخصاً زنى بابنته! رجل متهتك، سافل، وآخر تزوج عشر نساء، هذا الذي زنى بابنته هرب واختفى، لا يعرفون أين هو، فكبرت البنت والتزمت، وتقدم لها خطاب كثيرون وكانت ترفض، وبعد رفضها لكل خاطب تنطلق في نوبة من البكاء، وكان أخوها أيضاً ملتزم وهو لا يعلم بما حصل، فسألها، لماذا ترفضين كل من يتقدم لخطبتك فلم تفصح عن السبب، وبعد حوالي سنة من هذه المسألة صارحت أخاها بما حصل لها وقالت: ماذا يقال عني لو أني قبلت أن أتزوج بهذا الإنسان؟ فيأتي هذا الأخ ويسأل: هل يجوز ترقيع غشاء البكارة؛ لكي ننقذ هذه البنت، ولا يساء الظن بها؟ فقيل له: لا، لا يجوز؛ لأنه إن صح أنك تريد أن تستر بنتاً، لكنك خدعت رجلاً يريد بكراً، وهما متقاسمان في الحقوق، لا يجوز لك لكي تنقذها أنك تأخذ حق الرجل المتقدم. فأنت كداعية وعالم لما تعرض عليك مثل هذه المسائل يحصل عندك نوع من الاكتئاب، فعندما تكون مكتئباً ويرد عليك عشرات أمثال هذا، وهذا أكل حق هذا، وهذا كذا، مع مخططات أعدائنا الخارجية، كل هذا يجعل الإنسان مكتئباً أو شبه مكتئب، فأنت لما تأتي للشيخ وهو مكتئب، وأنت تظن أنه متفرغ لك؛ فصدك أو ردك، كان من الواجب عليك أن تعذره. قبل أن أغادر هذه المسألة، أيضاً نذكر الفتوى في مسألة البنت هذه، فكان الجواب وقتها أني قلت: ممكن أن تكذب في طريقة إزالته، كأن تقول مثلاً: قفزت من على جدار، وهي تعمل ألعاب كذا، ممكن تأتي بشهادة على ذلك، صحيح أن هذا كذب، ولكنه أهون بكثير من أن ترقع غشاء البكارة؛ لأنه قلما تعرض هذه المسألة على إنسان فيستريح، سيرتاب دائماً. فالقصد أن الإنسان قد يكون مهموماً، فأنت إذا جئت فرأيت جفوة من شيخك فينبغي عليك أن تصبر، إذا ردك مرة وثانية وثالثة ورابعة، فينبغي عليك أن تصبر أيضاً، ولا تعتقد أن الشيخ يقصد إذلالك، لا، يعني احمل فعله على الخير. إذاً: عندنا حسن القصد واللين، وعندنا الصبر على جفوة الشيخ، وعندنا أن توطئ أكنافك لرفيقك، فهذه ثلاثة آداب من الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم.

يتبع لكتاب 5


تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://hamykaly113.skyrock.com
rama88
 
 
rama88


عدد المساهمات : 892
تاريخ التسجيل : 16/01/2011
العمر : 35
الموقع : منتدى المدية

شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني4   شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني4 Emptyالأربعاء 11 مايو 2011 - 12:07

thanks thanks thanks thanks thanks thanks thanks
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني4
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني2
» شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني3
» شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني5
» شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني6
» شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني7 

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المدية :: - دينــــــــــي الحنيــــــــف - :: المنتــدى الإسلامـــي-
انتقل الى: