موضوعات علمية مختصرة من خطبة جمعة عادية : الزلازل بتاريخ 28 / 08 / 1988 لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي .
الزلازل
أيها الإخوة المؤمنون ... ما دام الحديث في الخطبة الأولى عن زلزال الأرض ، الذي حدَّثنا الله عنها :
( سورة الزلزلة )
فماذا عن الزلازل التي نراها من حينٍ إلى آخر ، أو نستمع إلى أخبارها ، إن هذه الزلازل من وظائفها أنها تعطينا معنى الزلزلة الكبرى ، التي وعد الله بها .
يقول العلماء : إن الأرض أكثرُّ الكواكب في المجموعة الشمسية كثافةً ، فكثافة الأرض تزيد عن كثافة الماء بخمسة أضعاف ، وإنه يحدث في العام الواحد ما يزيد عن عشرين زلزلة ، على سطح الأرض ، وفي قيعان البحار ، أما الزلزلات الدقيقة ، التي لا تؤذي ، فهي تزيد عن مليون زلزلة في العام ، بمعدَّل زلزلة في كل دقيقتين ، اهتزاز طفيف .
ويفسِّر العلماء الزلزلة ، بأنها حركةٌ في باطن الأرض ، بحيث ينشأ عنها ضغطٌ هائل ، لا تحتمله قشرة الأرض ، عندئذٍ تتصدَّع هذه القشرة . تصدُّع قشرة الأرض هو الزلزال الذي نستمع إلى أخباره من حينٍ إلى آخر.
ويزيد سمك هذه القشرة ، عن تسعين كيلو متراً ، ومع ذلك تتصدع، يزيد عمق هذه الطبقة عن تسعين كيلو متراً من صخور البازلت ، وهي أقصى أنواع الصخور ، ومع ذلك يأتيها ضغوطٌ من باطن الأرض لا تحتملها فتتصدع ، وهذا طرفٌ من معنى أن الله قوي .
( سورة الذاريات )
هناك ثقوب سوداء في الفضاء ، لو دخلتها الأرض لأصبحت كالبيضة تماماً ، مع المحافظة على وزنها ، وزن الأرض مجموعٌ في حجمٍ لا يزيد عن بيضة دجاج ، هذا معنى قول الله عزَّ وجل :
( سورة الذاريات )
ويقول بعض العلماء : إنَّ هناك زلازل سجلتها بعض التواريخ ، ففي عام ألف وخمسمئة وستة وخمسين ، حدث زلزال في الصين ، أودى بحياة ثمانمئة وثلاثين ألفاً في ثوانٍ ، وفي عام ألف و سبعمئة وسبعة وثلاثين حدث زلزال في الهند ، أودى بحياة مئة وثمانين ألفاً ، وفي عام ثلاثة وعشرين بعد تسعمئة ، حدث زلزال في اليابان ، أودى بحياة مئة ألف ، وفي عام ألف وتسعمئة وستة وسبعين ، حدث زلزال في الصين ، أودى بحياة مئة ألف ، وحدث زلزال بإيطاليا أودى بحياة خمسة وثلاثين ألفاً ، ثوانٍ معدودة .
( سورة الحج )
حصل فيضان في قطر عربي شقيق ، أودى بمليون شريد ، فالله سبحانه وتعالى :
( سورة البروج )
فلنعد إليه ، قبل أن يلجئنا إليه قصراً .
أيها الإخوة المؤمنون ... نعمة كبرى أن تستيقظ صباحاً وترى الأرض مستقرَّة ، لا تعرف هذه النعمة إلا إذا شهدت زلزالاً . الله سبحانه وتعالى يلفت نظرنا ويقول :
( سورة النمل : من آية " 61 " )
هذا الاستقرار لولا أنها مستقرة ، لم يبقَ بناءٌ على وجه الأرض ، لانهارت الأبنية ، لتصدَّعت الجسور ، لتعطَّلت الطرق ، أن تنعم ببيت تسكنه منذ عشرين عاماً ، في الطابق السابع، أو الثامن ، لولا أن الأرض مستقرَّة لما نعمت بهذا البيت .
( سورة النمل : من آية " 61 " )
وهي تسير بسرعة ثلاثين كيلو متر في الثانية ، الأرض تنطلق ..
( سورة النمل : من آية " 88" )
الأرض المستقرة مع هذه السرعة البالغة ، ما الذي يعرِّفنا باستقرارها ؟ هي شواهد ، وأدلَّة ، وأداة تعريف ، ووسائل إيضاح .
أيها الإخوة المؤمنون ... يقول الله سبحانه وتعالى :
( سورة الطارق )
من لوازمها التصدُّع ، والتصدُّع أداةٌ لتخويف الناس من معصية الله عزَّ وجل .
والحمد لله رب العالمين
* * *