خيرية الحارثي
يقول عليه الصلاة والسلام : ( من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بـها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شئ ) رواه مسلم .. فجال بخاطري تلك الفتاة التي استيقظت يوماُ وهي تحمل في ثناياها وسوسة من الشيطان ، فوقفت أمام المرآة ، وتفننت في عمل النقاب ، إلى أن وصلت إلى منظر جميل يرضيها ويرضي بنات جنسها ممن خلت قلوبهن من الخشية من الرحمن ، وبهذا تكون قد سنت سنة سيئة ، تهافت عليها جمع كبير دون إدراك ،ودون تمييز ،وكما قال القائل حجاب يحتاج إلى حجاب ،وما علمت أنها سعت لتدمير نفسها وتدمير ممن تبعها ، فلقد أصبح الحجاب زينة وجمالاُ وخـزياُ ، نعوذ بالله من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ..
ويتراءى لك أختي المسلمة ذلك المشهد الحي ،فقد رأيت إحداهن في الحرم ، فقلت لها : أما سمعت ياأختي عن فتوى النقاب ، وكأنني سكبت على رأسها مـاء ساخناُ ، فهاجت ولاجت ، ورفعت صوتها بكلمات كأنها سهام متتابعة ، وما تعجبت له ، أنها قالت ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) سبحان الله كأنها مترصدة للدعاة والناصحون بهذه الآية ، فقد خاطبتها بصوت هادئ ، تركتها تجلجل ، ومشيت في طريقي ..
ويعقبه حديثاً آخر : أن الرسول مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء ، فقال عليه الصلاة والسلام : دعه فإن الحياء من الإيمان .. متفق عليه .. وإنا لندرك أن الحياء نُزع في أغلب نساء اليوم ، فقد عدنا لحياة الجاهلية الأولى ، فبقوله تعالى( ولاتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) يقول سيد قطب رحمه الله :جميع الصور التي تروي لنا عن تبرج الجاهلية الأولى تبدو ساذجة متحشمة حين تـقاس إلى تبرج أيامنا هذه في جاهليتنا الحاضرة ..
فوالله لقد صدقت، فلم تكن المرأة في الجاهلية ،تلبس البنطلون الذي ترتديه نساء اليوم ، فهو يفصل أجسامهن جزءاً جزءاً، فتبدوا أمام الأخريات وكأنها عارية ، دون خجل ،ودون حياء ، بل تتفاخر بما تصنع فهي أسيرة لفوضى الموضى ، والظريف في الأمر ، ومما يبعث حركة التأمل والأستغراق ، في مهرجان المجتمعات النسائية ، أن الفساتين تكاد تنقرض ، فلا ترين إلا البنطلون على الصغيرة والكبيرة ، والبدينة والنحيفة ، وكأنها مناظرة ،لتبين لك من الأكثر جرأة ، وأقل حيـاء ً .. فماذا نقول ، وإلى أين المفر من هذه المناظر ، وإلى من نشكي ، إلا إلى الله ..
نسأله أن يكشف عن نساء أمة محمد ماهن فيه من بلاء ، وأن يردهن إليه رداً جميلاً ، وأن يعيننا على فن التعامل مع هذه الأنفس من خلال دروبها ومنحنياتها ، فهي لاتسير إلا على هواها ،( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه )
فهي تتبع الهوى المتقلب ، وتخضع له ، وتجعله مصدر تصوراتها وتحركاتها