منتدى المدية
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى, و شكرا.
إدارة المنتدى

منتدى المدية
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى, و شكرا.
إدارة المنتدى

منتدى المدية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1

اذهب الى الأسفل 
+2
المديـر
Hamykaly
6 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Hamykaly
 
 
Hamykaly


عدد المساهمات : 176
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
العمر : 34
الموقع : سوق أهـــراس

بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Empty
مُساهمةموضوع: بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1   بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Emptyالسبت 6 مارس 2010 - 3:12

مقــــــــدمـــــة

البطالة مشكلة اقتصادية، كما هي مشكلة نفسية، واجتماعية، وأمنية، وسياسية. وجيل الشباب هو جيل العمل والانتاج، لأنه جيل القوة والطاقة والمهارة والخبرة. و إن تعطيل تلك الطاقة الجسدية بسبب الفراغ، لاسيما بين الشباب، يؤدي الى أن ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً مسببة له مشاكل كثيرة. وتتحول البطالة في كثير من بلدان العالم الى مشاكل أساسية معقّدة، ربما أطاحت ببعض الحكومات، فحالات التظاهر والعنف والانتقام توجه ضد الحكام وأصحاب رؤوس المال فهم المسؤولون في نظر العاطلين عن مشكلة البطالة. وتؤكد الاحصاءات أنّ هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان، وتخلف أوضاعهم الصحية، و عجزهم عن تحمل مسؤولية اُسرهم. كما تفيد نفس الاحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية، كما لها آثارها على الصحة الجسدية.
المبحث الأول ماهية البطالة.
المطلب الأول تعريف البطالة
لا شك أنه من المنطقي قبل التوصل لإعطاء تعريف شامل للبطالة لابد أولا تحديد مفهوم من هو العاطل عن العمل Unemployed. إن من أهم صفات العاطل أنه لا يعمل. لكن هذا المفهوم يعتبر غير كاف حيث هناك أفراد لا يعملون لأنهم غير قادرين على العمل و بالتالي لا يمكن اعتبارهم عاطلين عن العمل مثل الأطفال و المرضى والعجزة و كبار السن و اللذين أحيلوا على التقاعد و هم الآن يقبضون المعاشات. كما أن هناك بعض الأفراد القادرين على العمل و لكنهم لا يعملون فعلا و مع ذلك لا يجوزاعتبارهم عاطلين لأنهم لا يبحثون عن العمل not seeking work، مثل الطلبة اللذين يدرسون في الثانويات و الجامعات و المعاهد العليا ممن بلغوا سن العمل و لكنهم لا يبحثون عن عمل بل يفضلون تنمية قدراتهم و مهاراتهم بالدراسة، و لهذا لا يصح ادراجهم ضمن العاطلين. كذلك هناك بعض الأفراد القادرين عن العمل لكن لا يبحثون عنه لأنهم أحبطوا تماما discouraged، لأن جهودهم في البحث عن العمل في الفترة الماضية لم تُجْدِ، كما أن الاحصاءات الرسمية لا تدرجهم ضمن العاطلين. و بالمقابل هناك أفراد آخرين قادرين على العمل و لكنهم لا يبحثون عن عمل لأنهم في درجة من الثراء تجعلهم في غنىً عن العمل، فهؤلاء أيضا لا يعتبرون عاطلين.
و من ناحية أخرى هناك بعض الأفراد اللذين يعملون فعلا ، غير أنهم مع ذلك يبحثون عن عمل أفضل و بالتالي لا يمكن ادراجهم ضمن العاطلين. و هكذا نستنتج أنه ليس كل من لا يعمل عاطلا، و في الوقت نفسه ليس كل من يبحث عن عمل يعد ضمن دائرة العاطلين. فحسب الاحصاءات الرسمية فإن العاطل عن العمل يجب أن يكون عمره يتراوح ما بين 15 و 64 عاما و أن يتوفر فيه شرطان أساسيان، و هما :
• أن يكون قادرا على العمل
• أن يبحث عن فرصة للعمل
كما يجمع الاقتصاديون و الخبراء، وحسب توصيات منظمة العمل الدولية على تعريف العاطل بأنه " كل من هو قادر على العمل، و راغب فيه، و يبحث عنه، و يقبله عند مستوى الأجر السائد، و لكن دون جدوى". (1).
المطلب الثاني انواع البطالة
هناك عدة أنواع للبطالة خاصة تلك التي عرفتها البلدان الرأسمالية و التي نذكر منها :
• البطالة الدورية
• البطالة الاحتكاكية
• البطالة الهيكلية
البطالة الدورية
تنتاب النشاط الاقتصادي بجميع متغيراته في الاقتصاديات الرأسمالية فترات صعود و هبوط و التي يتراوح مداها الزمني بين ثلاث و عشر سنين و التي يطلق عليها مصطلح الدورة الاقتصادية Business Cycle و التي لها خاصية التكرار و الدورية. و تنقسم الدورة الاقتصادية بصورة عامة على مرحلتين : مرحلة الرواج أو التوسع Expansion ، و التي من مميزاتها الأساسية اتجاه التوظف نحو التزايد، إلى أن تصل إلى نقطة الذروة Peak أو قمة الرواج، و التي تعتبر نقطة تحول ثم يتجه بعد ذلك النشاط الاقتصادي نحو الهبوط بما في ذلك التوظف، وتسمى هذه المرحلة بمرحلة الانكماش Recession. و تبعا لدورية النشاط الاقتصادي، فإن البطالة المصاحبة لذلك تسمى بالبطالة الدورية.
البطالة الاحتكاكية
تعرف البطالة الاحتكاكية Frictional Unemployment، على أنها تلك البطالة التي تحدث بسبب التنقلات المستمرة للعاملين بين المناطق و المهن المختلفة، و التي تنشأ بسبب نقص المعلومات لدى الباحثين عن العمل، و لدى أصحاب الأعمال اللذين تتوافر لديهم فرص العمل. و بالتالي فإن إنشاء مركز للمعلومات الخاصة بفرص التوظف من شأنه أن يقلل من مدة البحث عن العمل، و يتيح للأفراد الباحثين عن العمل فرصة الاختيار بين الامكانيات المتاحة بسرعة و كفاءة أكثر.
البطالة الهيكلية
يقصد بالبطالة الهيكلية Structural Unemployment، ذلك النوع من التعطل الذي يصيب جانبا من قوة العمل بسبب تغيرات هيكلية تحدث في الاقتصاد الوطني، و التي تؤدي إلى إيجاد حالة من عدم التوافق بين فرص التوظف المتاحة و مؤهلات و خبرات العمال المتعطلين الراغبين في العمل و الباحثين عنه. فهذا النوع من البطالة يمكن أن يحدث نتيجة لانخفاض الطلب عن نوعيات معينة من العمالة، بسبب الكساد الذي لحق بالصناعات التي كانوا يعملون بها، وظهور طلب على نوعيات معينة من المهارات التي تلزم لانتاج سلع معينة لصناعات تزدهر. فالبطالة التي تنجم في هذه الحالة تكون بسبب تغيرات هيكلية طرأت على الطلب.

كما يمكن للتكنولوجيا أن تؤدي إلى بطالة هيكلية. حيث من النتائج المباشرة للتطور التكنولوجي تسريح العمال و بأعداد كبيرة مما يظطرهم للسفر إلى أماكن أخرى بعيدة بحثا عن العمل أو إعادة التدريب لكسب مهارات جديدة. بالاضافة للأسباب السابقة يمكن أن تحدث بطالة بسبب تغير محسوس في قوة العمل و الناتج أساسا عن النمو الديمغرافي و ما ينجم عنه من دخول الشباب و بأعداد كبيرة إلى سوق العمل و ما يترتب عنه من عدم توافق بين مؤهلاتهم و خبراتهم من ناحية، و ما تتطلبه الوظائف المتاحة في السوق من ناحية أخرى.
بالاضافة إلى الأنواع السالفة الذكر للبطالة، هناك تصنيفات أخرى للبطالة مثل :
البطالة السافرة و البطالة المقنعة
يقصد بالبطالة السافرة، حالة التعطل الظاهر التي يعاني منها جزء من قوة العمل المتاحة و التي يمكن أن تكون احتكاكية أو هيكلية أو دورية. و مدتها الزمنية قد تطول أو تقصر بحسب طبيعة نوع البطالة و ظروف الاقتصاد الوطني. و آثارها تكون أقل حدة في الدول المتقدمة منها في الدول النامية. حيث العاطل عن العمل في الدول المتقدمة يحصل على إعانة بطالة و إعانات حكومية أخرى ، في حين تنعدم كل هذه المساعدات بالنسبة للعاطل في الدول النامية.
أما البطالة المقنعة Disguised Unemployment، فهي تمثل تلك الحالة التي يتكدس فيها عدد كبير من العمال بشكل يفوق الحاجة الفعلية للعمل، أي وجود عمالة زائدة و التي لا يؤثر سحبها من دائرة الانتاج على حجم الانتاج، و بالتالي فهي عبارة عن عمالة غير منتجة.
البطالة الاختيارية و البطالة الاجبارية
تشير البطالة الاختيارية Voluntary Unemployment إلى الحالة التي يتعطل فيها العامل بمحض إرادته و ذلك عن طريق تقديم استقالته عن العمل الذي كان يعمل به. إما لعزوفه عن العمل أو لأنه يبحث عن عمل أفضل يوفر له أجرا أعلى و ظروف عمل أحسن، إلى غير ذلك من الأسباب. في كل هذه الحالات قرار التعطل اختياري.
أما في حالة إرغام العامل على التعطل رغم أنه راغب في العمل و قادر عليه و قابل لمستوى الأجر السائد، فهذه الحالة نكون أمام بطالة اجبارية و مثال على ذلك تسريح العمال كالطرد بشكل قسري... و هذا النوع من البطالة يسود بشكل واضح في مراحل الكساد. كما أن البطالة الاجبارية يمكن تأخذ شكل البطالة الاحتكاكية أو الهيكلية.
المبحث الثاني أثــــــار البطـــــــــالـــــــــــــة
تمثل البطالة أحد التحديات الكبرى التي تواجه البلدان العربية لآثارها الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة، ومنذ سنوات والتحذيرات تخرج من هنا وهناك، تدق ناقوس الخطر من العواقب السلبية لهذه المشكلة على الأمن القومي العربي، ومع ذلك فإن معدلات البطالة تتزايد يومًا بعد يوم.
و يمكن تلخيص هذه الآثار في النقاط التالية:
المطلب الاول الآثار النفسية و الاجتماعية.
لا يوجد شيء أثقل على النفس من تجرع مرارة الحاجة والعوز المادي فهي تنال من كرامة الإنسان ومن نظرته لنفسه وعلى الخصوص عندما يكون الفرد مسئولا عن أسرة تعول عليه في تأمين احتياجاتها المعيشية، فعندما تشخص إليك أبصار الأطفال في المطالبة بمستلزمات العيش وترى في نظراتهم البريئة استفسارات كثيرة يقف المرء عاجزا لا يدري كيف يرد عليها وبأي منطق يقنعهم بقبول واقعهم المرير، كيف تشرح لهم أن رب الأسرة عاطل لا عمل لديه ولا يقدر على الاستجابة لرغباتهم والجوع كافر كما هو معروف؟. . . في عالم الأطفال هناك الصفاء والنقاء والعدالة والإحسان وليس الإجحاف وهضم الحقوق، وخصوصا عندما يتعلق ذلك بحق العيش الكريم واللقمة الشريفة دون مذلة مد اليد للآخرين.
وتؤكد الاحصاءات أنّ هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان، وتخلف أوضاعهم الصحية، أو تأخرهم عن الزواج، وانشاء الاُسرة، أو عجزهم عن تحمل مسؤولية اُسرهم. كما تفيد الاحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية، كما لها آثارها على الصحة الجسدية. إنّ نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل يفتقدون تقدير الذات، ويشعرون بالفشل، وأنهم أقل من غيرهم، كما وجد أن نسبة منهم يسيطر عليهم الملل، وأنّ يقظتهم العقلية والجسمية منخفضة، وأنّ البطالة تعيق عملية النمو النفسي بالنسبة للشباب الذين ما زالوا في مرحلة النمو النفسي. كما وجد أن القلق والكآبة وعدم الاستقرار يزداد بين العاطلين، بل ويمتد هذا التأثير النفسي على حالة الزوجات، وأنّ هذه الحالات النفسية تنعكس سلبياً على العلاقة بالزوجة والأبناء، وتزايد المشاكل العائلية. وعند الأشخاص الذين يفتقدون الوازع الديني، يقدم البعض منهم على شرب الخمور و تعاطي المخدرات، بل ووجد أن 69% ممن يقدمون على الانتحار، هم من العاطلين عن العمل. و نتيجة للتوتر النفسي، تزداد نسبة الجريمة، كالقتل والاعتداء، بين هؤلاء العاطلين. بالاضافة إلى ضعف الانتماء للوطن، وكراهية المجتمع، وصولا إلى ممارسة العنف والإرهاب ضده، فضلا عما تمثله البطالة من إهدار للموارد الكبيرة التي استثمرها المجتمع في تعليم هؤلاء الشباب ورعايتهم صحياً واجتماعياً.
المطلب الثاني الآثار الأمنية و السياسية
نلاحظ أحيانا بعض الفئات العاطلة و التي يكون قد نفذ صبرها ولم تعد تؤمن بالوعود والآمال المعطاة لها و هي ترفع شعار التململ والتمرد، و مع ذلك لا يمكن لومها ولكن لا يعني ذلك تشجيعها على المس بممتلكات الوطن وأمنه، ولكن لابد أن نلتمس لهم العذر، فمقابل مرارة ظروفهم هناك شواهد لفئات منغمسة في ترف المادة، ومن الطبيعي أن ينطق لسان حالهم متسائلا أين العدالة الاجتماعية والإنصاف؟ كما أن سياسة العنف المفرط في مقابل حركة العاطلين لا تخلق إلا المزيد من العنف والاضطراب وتفاقم الأزمة . فهناك حاجة إلى التعقل وضبط الموقف والنظر إلى القضايا من منظور واسع وبعين تقصي الأسباب في محاولة لتفهم موقف الآخرين ، حيث أن مبدأ إرساء أركان الحكم الصالح والعدالة الاجتماعية تملي على الجميع تكريس حق إبداء الرأي ورفع راية المطالبات بالوسائل السلمية المشروعة، كما أنها تلزم الأطراف المعنية متمثلة بالحكومة باحترام هذه الحقوق واتساع الصدر للآراء المختلفة، لأن المواطن في نهاية المطاف لا يطالب إلا بحق العيش الكريم والحفاظ على كرامته وإنسانيته في وطنه، وهي من جوهر حقوق المواطن والتي يجب على الحكومة أن تكفلها وتحرص عليها، لا أن تتكالب عليها فتكون هي والقدر مجتمعان على المواطن المستضعف.
المطلب الثالث الآثـار الاقتصـاديـة
إحدى نتائج ظاهرة البطالة زيادة حجم الفقر، الذي يعتبر ـ أيضًا ـ من العوامل المشجعة على الهجرة. ويقول الخبراء بأن مشكلة الهجرة إلى أوروبا تكاد تكون مشكلة اقتصادية بالأساس، فبالرغم من تعدد الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة، إلا أن االدوافع الاقتصادية تأتي في مقدمة هذه الأسباب. ويتضح ذلك من التباين الكبير في المستوى الاقتصادي بين البلدان المصدرة للمهاجرين، والتى تشهد ـ غالبًا ـ افتقارًا إلى عمليات التنمية، وقلة فرص العمل، وانخفاض الأجور ومستويات المعيشة، وما يقابله من ارتفاع مستوى المعيشة، والحاجة إلى الأيدي العاملة في الدول المستقبلة للمهاجرين، حيث تقدر منظمة العمل الدولية حجم الهجرة السرية بما بين 10 - 15% من عدد المهاجرين في العالم.. البالغ عددهم ـ حسب التقديرات الأخيرة للأمم المتحدة ـ حوالي 180 مليون شخص.
أما فيما يتعلق بالآثار الاقتصادية للبطالة على المستوى الكلي فالكل يعرف أن أهم مؤشر في اتجاهات الطلب على العمل هو نموّ الانتاج، و بالتالي فإن تباطؤ النموّ الاقتصادي يعني ارتفاعا في معدّلات البطالة. و هكذا فإن الوضع في المنطقة العربية بصورة عامة و منذ التسعينات تلخص في ضعف أداء الانتاج مقارنة بنمو سريع في القوة العاملة. كما تبين الاحصائيات أن النمو في القوة العاملة قد فاق الزيادة التي طرأت على فرص التوظيف في المنطقة العربية.
المبحث الثالث البطالة في الفكر الإقتصادي وسبل علاجها
المطلب الاول النظرية الاقتصادية و مفهوم البطالة
تعتبرالبطالة من أهم التحديات التي واجهت و تواجه اقتصاديات العالم لكونها مشكلة ذات أبعاد تاريخيـة وجغرافية بمقدارارتباطها بمراحل التطورالاقتصادي. وقد حظي هذا الموضوع باهتمام المفكرين الاقتصادييـن على اختلاف مذاهبهم و أفكارهم من فترة زمنية إلى أخرى. ولعّل تنوع أشكال البطالة هو أحـد العناصـر المفسرة لتعدد التحاليل حول فهمها وتفسيرها،وسوف يتم عرض أهم هذه الأفكار بشيء من الإيجاز فيما يلي :
أ- البطالة عند الكلاسيك : يركز الكلاسيك في تحليلهم على المدى الطويل ،حيث يربطون البطالة بالمشكلة السكانية وبتراكم رأس المال والنموالاقتصادي والطاقات الإنتاجية للاقتصاد. كما يرتكزاهتمامهم بالبعد الاجتماعي والسياسي للظاهرة الاقتصادية، إذ يؤمن الكلاسيك بمبدأ التوازن العام، الذي يعنى أن "كل عرض سلعي يخلق الطلب المساوي له " ، أوما يسمى بقانون المنافذ عند "ساي".
فالتبادل في التحليل الكلاسيكي يكون على أساس المقايضة ولا مكان للنقود فيه، بمعنى آخـر: تسـاوي الادخار والاستثمار واستحالة حدوث البطالة على نطاق واسع ، ذلك أن التوازن الاقتصادي هو توازن التوظيـف الكامل.
في حين أن البطالة التقليدية تنشأ عن عدم كفاية عرض السلع لكون إنتاج المؤسسات اقـل مـن الطلـب نتيجـة لانخفاض معدلات الأرباح بسبب إرتفاع الأجور، وهو ما يعني أن القائمين على خطط الاستثمارسوف لن يرفعون من مستوى استثماراتهم القادرة على زيادة التشغيل تجنبا لتضخيم التكاليف ،و تعزى البطالة أيضا في نظر الكلاسيك إلى العمل الخاطئ لسوق العمل ، وفي حالة وجودهـا فـان آليـة الأجور كفيلة باستيعاب اليد العاملة العاطلة، ذلك أن تخفيض هذه الأخيرة سيرفع مستوى الأرباح، وهوما يشكل حافزا لزيادة الاستثمار وبالتالي رفع مستوى التشغيل، خصوصا في ظل التنافس على منصب العمل والقبـول بمستوى الأجور السائدة. نستنتج من ذلك أن الأجورهي عامل أساسي في آليات سوق العمل، إذ أنها تؤثرعلى عرض وطلب العمل في آن واحد .
ب‌- البطالة عند النيوكلاسيك : لقد اعتمد تحليل النيوكلاسيك على نظرية "التوازن العام" الذي يتحقق في سوق السلع والخدمات وسوق العمل نتيجة لإرتباط حجم العمالة بالعرض والطلب على العمل. ويرتكزهذا التحليل على بعض الفرضيات المستمدة من شروط المنافسة التامة (السوق الحرة) ومن أهمها: تجانس وحدات العمل، حرية تنقل اليد العاملة ودورالمنافسة في شراء وبيع قوة العمل مثل: بيع وشراء السلع وأن حجم اليد العاملة مرتبط بعرض وطلب العمل في السوق.
ومهما يكن من أمر فإن النظرية النيوكلاسيكية افترضت حالة التوظيف التام، ولم تولي للبطالة اهتمامـا كبيرا بسبب تبنيها لقانون "ساي" للأسواق، كما أن فرضية وجود المنافسة التامة لا تتحقق في الواقع، إضافـة إلى أنها اعتبرت أن التغير التكنولوجي هو متغير خارجي يتطوربشكل منعزل عن مستوى التطور الاقتصادي، لكن الواقع يثبت عكس ذلك إذ أن استخدام التكنولوجيا هو أحد العوامل الأساسية للإنتاج لأنه يرفع من حجمـه بأقل التكاليف ، و بالتالي فإن تشغيل الآلات قد يؤثر على حجم العمالة إذ تحل الآلـة محل العامل في أحيان كثيرة.
ج‌- البطالة في الفكر الماركسي: ينتقد الفكر الماركسي النظام الرأسمالي الذي يجزم بأن البطالة هي حالة عرضية، و نادرة الوقوع بسبب وجود آلية السوق التي تعيد التوازن بشكل تلقائي عن طريق تفاعل قوى العرض والطلب، وكل بطالـة هـي ناتجة عن: الزيادة الهامة في حجم السكان كنتيجة حتمية للتطورات التقنية progrès techniques) (les.
أما بالنسبة للماركسيين فإن الأزمات ماهي إلا مظهر من مظاهر نقص الاستهلاك لدى الطبقة العاملة، لأن قيمة الأجور لا تتساوى وقيمة الإنتاج. أي أن الرأسمالية تنتج أكثر مما تدفع من أجور ومما يزيـد الأزمـة تفاقما هو" أن تعمد الرأسمالية بفضل قانون الارتفاع المستمر في التركيب العضوي لرأس المـال (C/V) إلى إحلال الآلات محل اليد العاملة، فتلقي بالعمال إلى البطالة، مما يعني فقدان العامل لقوة شرائه " . وعليه فإن "البطالة هي نتيجة لزيادة إنتاجية العمل في الأنظمة الرأسمالية للتراكم" . أما بالنسبة لحجـم التشغيـل فإنه يرتبط أساسا بمعدل الربح الذي يحققه أرباب العمل، إذ أنهم يحولون دون إنخفاضه من خلال زيادة إنتاجهم الشيئ الذي يؤدي إلى فائض في الإنتاج ، خاصة أن التقدم التقني يتطلب رأسمال أكثر يأكل الجزء المخصـص للأجور. وبالتالي فإن العمال سوف يستمرون في إنتاج رأس المال وتحقيق تراكمه، بمعنى أنهم ينتجون بأنفسهم أداة إحالتهم للبطالة.
د-تفسير البطالة عند المدرسة الكينزية: يتحقق التوازن عند الكينزيين نتيجة للتوازن في سوق السلع والخدمات، وسوق النقد في آن واحد اذ أن الطلب على العمل دالة متناقصة بدلالة الدخل، وأن تعظيم الأرباح يتطلب تساوي الإنتاجية الحديـة للعمـل مع معدل الأجر الحقيقي. أي أن انخفاض معدل الأجورالحقيقية يمكن أن يتيح ارتفاعا في الطلـب علـى العمـل وبالتالي حجم العمالة، أماعرض العمل فإنه مرتبط بمعدل الأجر الاسمي (W)، لأن العمال يقعون في فخ الوهم النقدي، حيث يعتبرون أن كل زيادة في الأجر الاسمي هي زيادة فعلية في مداخيلهم بسبب جهلهـم لمستـوى الأسعار. وقد وجد كينز أن تطور الرأسمالية يصطدم بتناقضات حادة لا يمكن أن تزول عفويا مثل البطالة الجماهيرية المتزايدة، وعدم كفاية الطلب على البضائع ،مما يؤدي إلى عدم تطابقه مع العرض آليا.
من ناحية أخرى، يرفض كينز آلية الأجور كسبب للبطالة، لأن انخفاضها سيؤدي إلى انخفـاض دخل العمال. وبالتالي انخفاض الطلب على السلع مما يعقد مشكلة تصريف السلع بالأسواق. وعليه فإن سر وجـود البطالة يكمن فيما يلي: لقد لاحظ كينز أن حالة التوظيف الكامل ما هي إلا حالة خاصة جدا، وأن الطلب الكلي الفعال هوالمحدد للعرض الكلي، ومن أجل زيادة تشغيل العمال يجب رفع حجم هذا الطلب، والذي بدوره ينقسم إلى طلب على السلع الاستهلاكية وطلب على السلع الاستثمارية .
فالكلاسيك و النيوكلاسيك ينظران إلى الادخار والاستثمار أنهما وجهان لعملة واحدة والتعادل بينهمـا أمـر بديهي. أما كينز فقد أدخل العوامل المؤثرة عليهما، وبالتالي فإن كل اختـلال بينهمـا يـؤدي إلـى حـدوث الاضطرابات في دورة الدخل القومي مع احتمال وقوع الكساد، وفي حالة افتراض أن حجم الادخار أكبـر من حجم الاستثمار، فإن الطلب الكلي الفعال سيقل عن العرض الكلي و بالتالي يتزايد مخزون السلع و يتراكم، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار الذي ينتج عنه انخفاض في الأرباح وفي الناتج، وبالتالي تتزايد الطاقة العاطلة وتحـدث بطالة، الشيء الذي يؤدي إلى انخفاض الدخل الوطني .
أما في حالة ما إذا كان حجم الاستثمار أكبر من حجم الادخار فإن الطلب الكلي الفعال سيكون أكبر من العرض الكلي، وعليه سوف ينخفض مستوى مخزون السلع ، و تتزايد المبيعات ، وترتفع الأسعار والأرباح،وإذا كانت هناك طاقات إنتاجية عاطلة سوف يلجأ المنتجون لتشغيلها وهذا الانتعاش في الاستثمار يؤدي إلى زيادة في تشغيل عدد العمال وبالتالي تقل البطالة ولرفع مستوى الاستثمارات يرى كينز ضرورة تدخل الدولة من خلال سياسة استثمارية عامة لتعويض نقص الاستثمارات في القطاع الخاص، ويرى أيضا أن نقص الاستخدام ليس عارضا، بل ممكنا وغالب الوقوع، وبالتالي يجب استبدال آلية الدخل بالأسعار لأن المستثمرين هم الذين يتوقعون الطلب الحقيقي، و يقررون بناء توقعاتهم فيما يخص حجم الإنتاج واليد العاملة الضروريـة للوصول إلى مستوى التوظيف الكامل كما يجب، من خلال النقاط الثلاثة التالية :
- توظيف كل المدخرات في شكل مشاريع تتيح فرص عمل جديدة،
- إتاحة الفرصة للمدخرين لاستثمار أموالهم في المشاريع،
- التضحية بالاستقرار النقدي وموازنة الدولة في بادئ الأمر، لاعطاء عمل للعاطلين دون التمييز بيـن طبيعة العمل إذا كان منتجا أم لا .
وفي هذا الصدد يقترح كينز أن يشغل العمال أوقاتهم في أعمال بغض النظر عن مردوديتها إذ أن المهـم حسب رأيه هو أن يتلقوا مدا خيل مقابل ذلك، لتمكينهم من الاستهـلاك الـذي يضمـن تصريـف ما تنتجـه المؤسسات، إذ يقول كينز: " إن من الأفضل أن يدفع للعمال لقاء حفرهم خنادق في الأرض، وردمهـا من أن يبقوا بدون عمل" . لأن الدخل الذي سوف يتم توزيعه علىالعاطلين يرفع من مستـوى استهلاكهـم، ويحفـز المستثمرين على توسيع مشاريعهم وطلب يد عاملة إضافية لان الدخل كفيل بتعويض الخلل الواقع في البداية أي التضخم حسب كينز. وعليه فان البطالة الكينزية هي نتيجة لعدم كفاية الطلب الكلي، وبالتالي فإن أرباب العمل في مواجهة مع قيد التوظيف (Contrainte de débouche ).
وإذا كان كينز قد أوضح أثر نمو الاستثمارعلى الدخل، فإن الكينزيين الجدد حاولوا تجديد معدل النمو الضروري الذي يجب أن يتحقق حتى يمكن تجنب البطالة والوصول إلى مستوى التوظيف الكامل للطاقـات الإنتاجية والموارد البشرية، انطلاقا من نماذج النموالكينزية مثل: نموذج هارود، كالدور، جـون روبنسون، وغيرهم، والتي استخدمت أدوات التحليل الرياضي في بناء و تحليل هذه النماذج، مع إعطائهم البعـد الزمني أهمية خاصة في تحليل الظواهر الاقتصادية. وبالتالي فالإشكالية المطروحة هي: " البحث عن المعدل الذي يتعين أن ينمو به الدخل على المدى الطويل للمحافظة على التوظيف الكامل وتجنبالبطالة والكساد".
هـ - تفسير البطالة وفقا لمنحنى فيلبس : يرتكز اهتمام فيلبس على دراسة وتحليل سوق العمل في الاقتصاد الإنجليزي من خـلال دراسـته الإحصائية للمجتمع البريطاني من 1861 حتى 1957، حيث كشف وجود علاقة إحصائية قويـة بيـن نسبـة العاطلين إلى إجمالي السكان، ومعدل التغييرفي أجرالساعة للعامل خلال مدة زمنية معينة، بمعنـى أن الفتـرة التي تقل فيها معدلات البطالة ترتفع عندها الأجور النقدية و العكس صحيح، أو بمعنى آخـر وجـود معـدل ضعيف من البطالة يتناسب مع ارتفاع سريع في الأجور الاسمية و العكس بالعكس.
وعلى هذا الأساس تم التوصل إلى وجود دالة متناقصة بين المؤشرين وهو ما يعني " وجـود علاقة تجريبية عكسية بين معدل ارتفاع الأجر الاسمي ومعدل البطالة".
وقد ساهمت أبحاث كل من ر.ليبسي- -R.Lipsey 1960 وبـول سامويلسـون P. Samuelson. وسولو R.M-Solow بتطويرهذه الفكرة، إذ أمكن التوصل إلى وجود علاقة عكسية بين معدل التضخم ومعدل البطالة، وهوما يفسره منحنى فيليبس. الذي يمكن من خلاله استخلاص مايلي:
- أن ثمن خفض معدل البطالة هو ثمـن ذلك قبول معدل أعلى للتضخم.
وعلى هذا الأساس أصبحت معظم البرامج الاقتصادية للدول الصناعية تختـار النقطة التي تفضلها على منحنى فيلبس وما تشير إليه من معدل معين للبطالة ومعدل معين للتضخم، وتقوم بعد ذلك باختيار السياسة النقدية والمالية التي تحدد الطلب الذي يضمن تحقيق هذين المعدلين المرغوب فيهما.
لكن ومع بداية السبعينيات لوحظ أن المستوى العام للأسعار ظل يتجه نحو الارتفاع المستمر، في الوقت الذي تتزايد فيه معدلات البطالة. الشيء الذي شكل انتقادات لاذعة لهذا المنحنى وقصوره على تفسير تزامـن البطالة والتضخم معا أوما يسمى بالركود التضخمي (Stagflation) .
و‌- تفسير البطالة في النظريات النقدية: يفسر هذا التيار البطالة الدورية من خلال العوامل النقدية البحتة، وأن علاجها يكمن في استخـدام أدوات السياسة النقدية، ويضم هذا التيار مجموعة من المفكرين أمثال: هوتري (Howtrey)، فيكسل (Wiskell) من مدرسة شيكاغو. بإعطائهم للنقود أهمية بالغة في النشاط الاقتصادي، وأن كل التقلبات التي يعرفهـا الاقتصـاد ناتجة عن تغير عرض النقود. كما أن زيادة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية على النحو الذي شل من كفاءة آلية الأسعارفي سوق العمل، يعتبر من بين العوامل المفسرة للبطالة في نظرهم.
ويؤكدون على أن تعطيل زيادة إعانات البطالة تعطل من فاعلية سوق العمل، لأن العمال المستفيدين منها لا يبحثون عن العمل بجديـة.
و بالتالي فالبطالة في نظرهم اختيارية ولا مكانة للبطالة الإجبارية في تحاليلهم ويرون أن مواجهة البطالة يكمـن في: "عدم تدخل الحكومات لحل هذه المشكلة وتركها لكي تحل نفسها بنفسها عبر آليات السوق" يرى فريدمان أنه لا يوجد منحنى فيلبس في شكله التقليدي إلا في الأجل القصير، أما في الأجل الطويل فإن هذا المنحنى يأخذ شكلا مستقيما عموديا يحدد معدل بطالة طبيعية، ويميز عدم كفاية السياسة الاقتصاديـة لمحاربة البطالة إلا في الأجل القصير.
ح- تفسير البطالةوفقا لظرية رأس المال البشري: من مؤسسيها Beher,Shultخلال الستينيات وبالتحديد في 1964. اذ يفسر اختيار الوظيفة على أساس الفوائد التي يجنيها العامل من وراءها قصد تحسين إنتاجيته والاستفادة من أكبر دخل ممكن، وبالتالي سيضحي الأفراد بالوقت الضروري للتكوين من أجل رفع قدراتهم و مؤهلاتهم، باعتبار أن سوق العمل يبحث عن اليد العاملة المؤهلة. وعليه فإن الاهتمام يرتكز على الوظيفة وليس بمن يشرفون عليها.
ط-تفسير البطالة وفقا لنظرية تجزئة سوق العمل : ترتكز هذه النظرية التي ظهرت على يد D.B Doernberg , M.Piore ، في دراسة ميدانية لسوق العمل الأمريكية خلال الستينيات، التي تفسر أن قوة العمل الأمريكية تتعرض لنوع من التجزئة علـى أسـاس العرق والنوع والسن والمستوى التعليمي. وتهدف النظرية الى تفسير ارتفاع البطالة، والكشـف عن أسبـاب ارتفاعها في قطاعات معينة ووجود ندرة في عنصر العمل في قطاعات أخرى. وعلى هذا الأساس تميز النظرية بين خمسة أنواع من أسواق العمل وهي: السوق الداخلية، السوق الخارجية ، السوق الأولية، السوق الثانوية، و السوق الرئيسية.
ي- نظرية البطالة الهيكلية : ظهرت هذه النظرية لتفسير معدلات البطالة المرتفعة في السبعينيات وزيادة التطورالتقني الـذي طـرأ على الصناعة، فقد تعرضت بعض الفئات من العمال لظاهرة التعطل بسبب عدم قدرتها على التوافـق مـع الأساليب ، الحديثة في الفنون الإنتاجية. في حين ظهر فائض في فرص العمـل في أعمـال و مهـن أخـرى. وقد فسرت النظرية عدم التوافق بين فرص العمل المتاحة والمتعطلين بمجموعة من الأسباب أهمها: عدم القدرة على الانتقال بمرونة من مكان لآخر، الاعتبارات الشخصية في تفضيل العمال ، و عدم توفير فرص تدريب مناسبة للعمال حتى يتمكنوا من القيام بأعمال جديدة.
ز-نظرية اختلال التوازن : ظهرت على يد الاقتصادي الفرنسي E.Malinvand، كمحاولة لتفسير معدلات البطالة المرتفعة في الدول الصناعية خلال فترة السبعينيات. ويرتكز تحليله للبطالة على سوقين اثنين هما: سوق السلع و سوق العمل. وتبني هذه النظرية فرض جمود الأسعار والأجورفي الأجل القصير، ويرجع ذلك الى عجزهما عن التغير بالسرعة الكافية لتحقيق التوازن المنشود. ونتيجة لذلك يتعرض سوق العمل لحالة الاختلال متمثلة في وجود فائض في عرض العمل عن الطلب، مما يقود إلى البطالة الاجبارية.
و لا تقتصر النظرية على البحث عن أسباب البطالة في اطار دراسة سوق العمل، وانما تسعى أيضا لتحليلها من خلال دراسة العلاقة بين سوق العمل وسوق السلع.اذ يمكن أن ينتج عنه نوعين من البطالة هما:
النوع الأول و يتميز بوجود فائض في عرض العمل عن الطلب عليه، ويترتب على ذلك عدم قيام أصحاب العمل أو رجال الأعمال بتشغيل عمالة اضافية لوجود فائض في الانتاج لا يمكنه وهو ما يتطابق مع التحلـيل الكينزي.
و النوع الثاني في هذه الحالة تقترن البطالة في سوق العمل بوجود نقص في العرض من السلـع عن الطلب عليها، وتكون أسباب البطالة في ارتفاع معدل الأجور الحقيقية للعمال، مما يدفع المستخدمبن الى عـدم زيادة كل من عرض السلع ومستوى التشغيل بسبب انخفاض ربحية الاستثمارات، وهو ما يتطابـق مع التحليـل الكلاسيكي.
المطلب الثاني علاج البطالة في الفكر الاقتصادي:
‌أ. المدرسة التقليديةترى أن الدورة الاقتصادية لا تعدو إلا أن تكون مجرد ظاهرة نقديـة بحتـة. اذ تعـود التقلبات في مستوى النشاط الاقتصادي الى درجات التوسع والانكماش في المعروض من النقود ووسائل الدفع عموما( التسهيلات الائتمانية). وعلى اعتبار أن البطالةالسائدة تكون اختيارية أو احتكاكية، فان الأجور كفيلـة برفع الكمية المعروضة من العمل مقارنة بتلك المطلوبة للوصول الى مستوى التشغيل الكامل.
‌ب. المدرسة السيكولوجية إن حدوث التقلبات الدورية في مستوى النشاط الاقتصادي سببهـا التقلبـات التي تطرأ على سيكولوجية فئة المنظمين والمستثمرين، من خلال التوقعات حـول آفـاق الربحيـة لفـرص الاستثمار المربحة والمتاحة، ذات الأثر الايجابي على احداث مناصب الشغل.
‌ج. مدرسة قصور الاستهلاك: ترجع هذه المدرسة حالة الانكماش والركود الاقتصادي إلى انكماش حجم الطلب الكلي الفعال في المجتمع، ويرجعون ذلك لضعف القدرة الشرائية لدى الفئات الأجرية ومحدودىالدخل، نتيجة لسوء توزيع المداخيل بين الفئات المختلفة، وهو ما يؤدي الى انكماش في حجم الطلب الكلي الفعال في المجتمع لما لذلك من أثر على حالة الانكماش والركود .
‌د. مدرسة المغالاة في الاستثمار : ترى أن التوسع المفرط في الاستثمار لبعض الأنشطة والصناعة بدرجة أكثر تبرره الاحتياجات واعتبارات التناسق بين الأنشطة المختلفة للاقتصاد، سوف تدفع به ان آجلا أو عاجلا نحو الركود الاقتصادي، كما يمكن أن تحدث التقلبات الاقتصادية للعملية الانتاجية بسبب الاختراعات والاكتشافات الجديدة أوفتح أو فقدان أسواق جديدة .
هـ- مدرسة شيكاغو : ركزت على ضرورة الوصول إلى الاستقرار النقدي الذي يتحقق بوجود تـوازن بين نسبة التغير في كمية النقود وبين حجم الناتج الحقيقي. ويرجعون مصدر الإفراط في عرض النقـود إلى عجز ميزانية الدولة، والتي يتوجب عليها القضاء عليه تفاديا لكل نفقات إضافية مثـل: مدفوعـات الحمايـة الاجتماعية مما قد يجبر العمال على قبول الأعمال التي كانوا يرفضونها بسبب الإعانات المقدمـة للبطاليـن.
وللتأثير على حجم البطالة يقترح رواد هذه المدرسة أن تكتفي الدولة بوظائفها التقليدية دون البحث عن تحقيق التوظيف الكامل. وأن يتم إطلاق آليات السوق تعمل عملها لاستعادة التوازنات المفقودة خاصة في سوق العمل.
و- مدرسة اقتصاديات العرض : ترجع البطالة إلى نقص قوى العرض وليس قوى الطلب ،كما فسر ذلك الكينزيون، وترى أن الخروج من مأزق البطالة يتم بدفع حركة الاستثمارات والعمل على إنعاش الحوافـز التي من شأنها أن تزيد من قوى الادخار والاستثمار ومن أجل رفع مستوى الادخارات فقد اقترحوا تخفيض معـدلات الضرائب. إلا أن هذا الطرح يعني تفاقم عجز ميزانية الدولة بسبب انخفاض إيراداتها، وسوف لن يكون له أثـر علـى خفض معدلات البطالة، بدليل البرنامج الذي طبقه الرئيس الأمريكي – ريغان- أثناء عهدته الرئاسية.
‌ح. مدرسة التوقعات الرشيدة :اعتمدت هذه المدرسة على النظرة المستقبلية لسير النشاط الاقتصـادي على اعتبار أن البطالةفي تحاليلهم اختيارية ، كون آليات سوق العمل تتكيف بسرعة مع كل اختلالات التوازن التي قد تحدث به ( على أن تكون الأسعار والأجور مرنة، وأن تتوفر كافة المعلومات لبناء التوقعات المستقبلية). فإذا أرادت الدولة رفع معدلات النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات دعم الطلب الكلـي عن طريق زيادة كمية النقود المتداولة فان الأفراد سوف يتنبئون بحدوث التضخم، و سيطالبون برفع الأجور، مما يعني ارتفاع التكاليف ومنه ارتفاع الأسعارالتي قد يعجز المستهلك على تحملها، فتسعى المؤسسات إلـى خفـض تكاليفهـا بالتأثيرعلى اليد العاملة(تسريح العمال )، وعليه فإن هذه السياسة غير فاعلة.
أما إذا أرادت الدولة محاربة التضخم من خلال تطبيق سياسة انكماشية، سيؤدي ذلك إلى بطء الإنتاج وزيادة معدلات البطالةولتفادي ذلك فإنه يجب أن يكون هناك استقرار في السياسة الحكومية أولا، ثم ثانيـا تقييد دور الدولة في الحياة الاقتصادية وترك الحرية الاقتصادية والمنافسة التامة وآليات السوق تعمـل عملهـا بكل شفافية، مع ضمان المرونة في الأجور والأسعار تبعا لحالات الأسواق .
‌ط. المدرسة المؤسستية : اختلفت في رؤيتها للبطالة، اذ انتقدت التحليل النيوكلاسيكي من حيث الفروض، أو منهج التحليل وحتى النتائج المتوصل اليها. فلم تعد البطالة أزمة كم بل أزمة كيف ولا يمكن حلها بزيادة الطلب الكلي الفعال، خاصة في ظل تزايد الثورة التكنولوجية التي أدت إلى تخفيض الطلب علـى الأيدي العاملة، نتيجة لما حدث من اعادة هيكلة للعمل( اختفاء العديد من المهن والوظائف بلا رجعة) .
ويرى عدد من مفكري هذه المدرسة أن الخروج من أزمة البطالة سيكون من خلال التوسع في مجال الخدمات الإنسانية مثل: الخدمات الصحية رعاية المسنين، الترويج والسياحة، الأمن الشخصي ... الخ.
‌ي. المدرسة الكينزية الحديثة: يرىأنصارهذه المدرسة أن علاج البطالة يكمـن في زيادة معدلات النمو الاقتصادي، حتى ولو كان ذلك بزيادة معدلات التضخم، قصد الانتقـال مـن مرحلـة الركود إلى مرحة الانتعاش،الذي يتطلب موارد مالية كبيرة يمكن توفير جزءا كبيرا منها عن طريق المدخرات الوطنية والتراكم والإنتاجية. وبما أن احتياجات سوق العمل تتطلب أيدى عاملة مؤهلة، فإنهم يقترحون إجراء دورات وبرامج تدريبية وتكوينية لكي تتكيف مع هذه المتطلبات، ويقترحون أيضا الرجوع إلى سياسة الأشغال العامة الكبـرى التي من شأنها خلق فرص عمل أكثر وبالتالي الرفع من مستوى التوظيف والدخل.
‌ك. وجهة نظر الخبراء والمنظمات الدولية :
يشير خبراء منظمة العمل الدولية وعدد من الاقتصاديين إلى:
- ضرورة انتهاج سياسة اقتصادية تهدف إلـى رفـع معدلات النمو الاقتصادي. و خفض تكلفة العمل الذي يرتبط أساسا بتكاليف الإنتاج، حيث تشكل الأجور الجانب الأساسي منها. مع تعديل ظروف سوق العمل بإلغاء قوانين الحد الأدنى للأجور وتعديل نظام إعانات البطالة والضمان الاجتماعي بالشكل الذي يجعل المداخيل التعويضية متوازنة مـع الحاجة إلى تحفيز ميول العمال نحو العمل.
- إلزامية التوسع في سياسة التدريب للعاطلين لتنمية مؤهلاتهم ومهاراتهم بما يتلاءم ومتطلبات أسواق العمـل والتكنولوجيات الحديثة. تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومشاريع القطاع غيرالرسمي وتذليل العقبات التـي تواجههـا لضمان وصولها إلى الأسواق الوطنية والعالمية مثل: تسهيل حصولها على الائتمان، نقل التكنولوجيات الحديثة إليها وتوفير المعلومات التي تحتاجها لاداء مهامها، الامتيازات الضريبية... الخ.
- تشجيع التقاعد المبكر لتوفير فرص عمل جديدة خلفا للذين أحيلوا إلى التقاعد.
- تطوير نظام المعلومات المتعلقة بأسواق العمل في الإستثمار، وتداولها بأقل تكلفة ممكنة، لتمكيـن طالبـي العمـل والعارضين له من الالتقاء في أسرع وقت بالنظر إلى حاجة المستثمر ومؤهلات العمال.
ويظل الاقتراح الذي ينادي بفكرة تقسيم الأعمال أكثرها انتشارا، حيث يتم بموجبها توزيع حجم العمل على عدد أكبر من العمال مما يؤدي إلى: احتفاظ العمال المشتغلين فعلا بوظائفهم، وإتاحة فرص تشغيل إضافية جديدة. وذلك من خلال تخفيض ساعات العمل والأجور، فبدل أن يعمل العمال خمسة أيام في الأسبوع، فانه سيخفض أسبوع العمل إلى أربعة أيام مقابل خفض الأجور وبالتالي يمكن تقاسـم الأعمال المتاحة لمزيد من العمال.
المبحث الرابع أسباب البطالة في الجزائر وطرق معالجتها
المطلب الأول أسباب البطالة :
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى تفشي البطالة ونقص التشغيل في أوساط الفئة النشيطة، خاصة عنصر الشباب بغض النظر عن مؤهلاتهم ومستوياتهم التعليمية والتكوينية، ويمكن أن نجمع هذه الأسباب في نقطتين:
تشمل الأولى العوامل الخارجة عن سيطرة الحكومة وهي تلك التي لا تعتبر الحكومة مسؤولة عنها مسؤولية مباشرة، أما الثانية فتتناول من خلالها الأسباب التي تدخل في نطاق سيطرة الحكومة بصفة مباشرة أو غير مباشرة، اعتمادا على ما يلي:
أهم العوامل الخارجة عن سيطرة الحكومة:
لعل من بين العوامل التي تقف وراء هذه الأسباب مايلي:
- باعتبار أن عددا كبيرا من الدول النامية تعتمد في صادراتها الخارجية عن المحروقات التي تشكل الجزء الأكبر منها، وبالتالي فإن إيراداتها من العملة الصعبة مرتبطة بشكل أساسي بعائداتها. وبما أنه يصعب التحكم بأسعارها بالرغم من مجهودات منظمة الأوبيك التي تعتبر الجزائر أحد أعضائها، ترتب عن ذلك انكماش الاقتصاد الجزائري بشكل خاص والدول المصدرة للنفط بصفة عامة بداية من النصف الثاني من الثمانينات، الشيء الذي أدى إلى انخفاض النمو الاقتصادي سبب تراجع المصدر الأساسي للدخل الوطني، مما أثر سلبا على النشاط الاقتصادي و فرص التوظيف بالتبعية، وقد كان من الطبيعي أن يؤثر ذلك عكسا على حجم تجارتهاالخارجية، ومن المعروف أيضا أن انخفاض حصيلة الصادرات يكون له آثار انكماشية مضاعفة على مستويات الدخل والعمالة خاصة في قطاعات التصدير والأنشطة المرتبطة بها.
- تخفيض سعر صرف الدولار الأمريكي في مواجهة العملات الأخرى، الشيء الذي ترتب عليه اضعاف القوة الشرائية للموارد المتاحة من العملات الأجنبية، لأن الجزء الأكبر منها في شكل دولار، وبالتالي تقييد قدرتها على الاستيراد بتلك العملات.
- تخفيض سعر صرف الدولار الأمريكي في مواجهة العملات الأخرى، الشيء الذي ترتب عليه إضعاف القوة الشرائية للموارد المتاحة من العملات الأجنبية، لأن الجزء الأكبر منها في شكل دولار، وبالتالي تقييد قدرتها على الاستيراد بتلك العملات.وما سيتبعه هذا من انكماش في دعم الواردات من السلع الاستهلاكية أو الإنتاجية. وبتعبير آخر تبقى المدفوعات بالدولار كما هي مقابل أحجام متناقصة من الواردات، وأي انخفاض في الكميات المستوردة له تأثير سلبي على حجم الإنتاج والعمالة في المؤسسات التي تستورد مستلزمات إنتاجها من الخارج.
- النمو الديمغرافي باعتبار أن هذا العنصر يؤثر مباشرة في زيادة حدة البطالة خصوصا إذا كانت الزيادة في عدد الوظائف لا تتناسب ومعدلات النمو السكانية التي تميل إلى الارتفاع في الدول النامية، فقد أدت الزيادة السكانية إلى تزايد العروض من طالبي العمل في سوق العمل الجزائرية، ونظرا لارتباط القضية السكانية بعوامل متباينة يصعب السيطرة عليها لذا اعتبرت من ضمن العوامل الخارجة عن سيطرة الدولة.
- نقص مصادر التمويل لإنعاش وتمويل المشاريع الاقتصادية، وهذا راجع لضعف أداء الجهاز الإنتاجي وضالة الادخار لمختلف الأعوان الاقتصاديين بسبب انخفاض القدرة الشرائية للعائلات، وكذلك بسبب نظام الفوائد المطبقة في البنوك غير الإسلامية والذي لا يشجع على الادخار لأسباب عقائدية تجنبا لكل أنواع الربا، بالإضافة إلى عدم مرونة التعاملات البنكية في بعض الأحيان. وتجدر الإشارة إلى أن من بين أهداف التمويل المحدد من طرف « FMI » في الجزائر لفترة تطبيق برنامج التعديل الهيكلي (95/98): رفع الادخار الوطني لتمويل الاستثمارات بـ:5.5 % من الناتج المحلي الخام وهذا من خلال الحد من نمو الانفاق الجاري.
- أزمة المدفوعات الخارجية التي تعرفها الجزائر والتي تمتد جذورها إلى بداية الثمانينات، رغم تأخر تأثيرها على الاقتصاد الوطني، فقد بدأت تظهر منذ سنة 1986 نتيجة لانهيار أسعار النفط من حوالي 35دولار عام 80-1981 إلى نحو 15دولار في مارس 1986. إضافة إلى مدى تأثير خدمات الديون والشروط القاسية التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية بموجب الإصلاح والإنعاش الاقتصادي، والتي تتميز بارتفاع التكلفة الاجتماعية وما يصاحبها من تسريح جزئي وجماعي للعمال نتيجة لهيكلة الاقتصاد الوطني، وعليه فإن مستويات التشغيل لليد العاملة تكون في تناقص ويرتفع معدل البطالة آليا.
المبحث الخامـــس واقع البطالة وقياسها
المطلب الاول قوة العمل
يشير مفهوم قوة العمل إلى أولئك القادرين من الناحية الصحية والبدنية على العمل وتبلغ أعمارهم سن العمل ذكورا وإناثا، سواء أكانوا ضمن العاملين أو العاطلين. وهذا التعريف يخرج بالطبع جميع الملتحقين بالمراحل الدراسية والقائمين بالأعمال المنزلية وغير القادرين على العمل والمحالين على التقاعد أو غير العاملين ولا يبحثون عن عمل وليس لديهم الاستعداد للعمل.
المطلب الثاني مفهوم التشغيل الكامل
التشغيل الكامل 2 هو نقيض البطالة، بالمفهوم الواسع. ولذلك فإن هدف مكافحة البطالة في بلد نام كالجزائر يتعين أن يكون بناء البنية الاقتصادية والمؤسسية الهادفة لتحقيق التشغيل الكامل.
وعلى وجه التحديد، يعنى التشغيل الكامل، توافر "عمل جيد" لكل من يطلب عملا. عمل منتج، يوظف الفرد فيه قدراته وإمكاناته، ويحقق فيه ذاته، وتتوافر له فيه فرص النمو والتطور، تحت ظروف تكون فيها الكرامة الإنسانية محفوظة، ويكسب منه ما يكفي لتفادي الفقر.
في هذا المنظور، يتضح أن البطالة تعتبر أحد أصناف الفقر، حينما يعرف الفقر حسب تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بمعنى قصور القدرة الإنسانية عن الوفاء بأحقيات البشر في حياة كريمة، وبالتالي ينظر إلى البطالة على أنها أحد أسباب الضعف الاجتماعي وأنها أحد المسببات الأساسية للفقر. حيث القدرة على العمل تعتبر رأس المال ربما الوحيد، أو الأهم، للغالبية العظمى من الأفراد في سن العمل والعطاء. ورغم أن أفقر الفقراء لا يطيقون ترف البطالة السافرة، حيث يتعين عليهم التعلق بعمل ما من أجل البقاء، فإن مستوى الرفاه الناتج عن نوع الأعمال التي يقومون بها، أو ظروف العمل، تكون من التدني بحيث لا يمكن وصفها بأنها أعمال "جيدة"، وتندرج، من ثم، تحت صنف من أصناف البطالة.
وبناء على ذلك، يصبح خلق فرص العمل المنتجة والمكسبة، في المجتمعات التي ينتشر فيها الفقر وتتفاقم بها البطالة وتكون شبكات الحماية الاجتماعية بها نادرة أو معدومة، أهم وسيلة لمكافحة الفقر، والتخلف والانحراف بوجه عام.
المطلب الثالث حجم البطالة ونسبتها:
يتحدد حجم البطالة من خلال احتساب الفارق بين حجم مجموع قوة العمل الجزائرية وحجم مجموع العاملين الجزائريين. أما نسبة البطالة فتحسب بقسمة حجم البطالة على إجمالي قوة العمل من الجزائريين ذكورا وإناثا مضروبا في مائة، وذلك وفقا للمعادلة التالية 7:
] نسبة البطالة = ( عدد العاطلين ) / ( إجمالي القوى العاملة ) 100 [
ومن الأهمية الإشارة إلى أن نتائج المعادلة السابقة ومخرجاتها تتأثر بعاملين رئيسين:
- الأول ذو علاقة بتحديد العمر الزمني المصرح به رسميا لدخول قوة العمل.
- أما العامل الثاني فيتعلق بتحديد فترة الانقطاع عن العمل، التي بموجبها يمكن اعتبار الفرد عاطلا عن العمل.
الخـــاتــــــــــــــــــمــــــــــــــــــــة :
.........................................

يتبع البحث بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش2


عدل سابقا من قبل Hamykaly في السبت 6 مارس 2010 - 3:23 عدل 6 مرات (السبب : تعديل)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://hamykaly113.skyrock.com
المديـر
 
 
المديـر


الرتبة
عدد المساهمات : 994
تاريخ التسجيل : 06/01/2010
العمر : 34

بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Empty
مُساهمةموضوع: تابع   بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Emptyالسبت 6 مارس 2010 - 22:23

الخـــاتــــــــــــــــــمــــــــــــــــــــة :
نظراً لأهمية تأثير البطالة في البناء الاجتماعي للمجتمع، تم التركيز في هذا البحث على تحليل مفهوم البطالة ضمن إطار البناء الاجتماعي، وذلك من خلال إبراز أهم الآثار السلبية المترتبة على انتشار البطالة وازدياد نسبتها في المجتمعات.
يرى بعض الباحثين إلى أن هناك آثارا خطيرة للبطالة على مستوى الفرد والمجتمع، فالفرد قد يصاب بأمراض نفسية عديدة، ويمكن أن يلجأ إلى تعاطي المخدرات هروبا من الواقع المؤلم، وانتشار الجرائم، وضعف الانتماء للوطن، وكراهية المجتمع، وصولا إلى ممارسة العنف والإرهاب ضده، فضلا عما تمثله البطالة من إهدار للموارد الكبيرة التي استثمرها المجتمع في تعليم هؤلاء الشباب ورعايتهم صحياً واجتماعيا.
كما أن عدم وجود قاعدة معلوماتية وطنية للوظائف المطروحة والباحثين عنها أحد مغذيات أزمة البطالة، حيث تؤدي إلى غموض سوق العمل. وبهذا يجب تشجيع على إنشاء شركات خاصة في ميدان التوظيف لملء هذا الفراغ ، ومن هنا تبدو أهمية الاستفادة من تجربة بعض الدول الغربية في إنشاء بنوك وطنية للتوظيف توفر قواعد معلومات ضخمة للوظائف الشاغرة في القطاعين العام والخاص، يتم تحديثها يوميا، وتكون متاحة من خلال مواقع إنترنت متخصّصة أو دليل شهري يوزع بمقابل مادي رمزي على الباحثين عن العمل.
ولا تقتصر فائدة "بنوك التوظيف" على كونها قناة اتصال بين أصحاب الأعمال والباحثين عن العمل فقط، بل إنها تعد أداة جيدة يستطيع من خلالها الباحثون التعرف عن العمل وعلى طبيعة الوظائف المطلوبة من الشركات، ومن ثم تأهيل أنفسهم بما يتناسب معها.
وفى النهاية، فإن وجود إستراتيجية لمكافحة البطالة يتطلب تغييرات مؤسساتية بعيدة المدى في البنية الاقتصادية وربما السياسة تشمل زيادة كفاءة سوق العمل في سياق تدعيم تنافسية الأسواق عامة وضبط نشاطها، في إطار من سيادة القانون التامة واستقلال للقضاء، وإصلاح للخدمات الحكومية، وإقامة نظم فعالة للأمان الاجتماعي، وإصلاح نظم الحكم المحلية عبر مختلف المؤسسات لتصبح معبرة عن الناس بشفافية ومسؤولة أمامهم بفعالية، ولتمكن من تقوية مؤسسات المجتمع المدني ، حتى يصبح لعموم الناس، وللفقراء خاصة. 8.
مكافحة البطالة إذا، كما تمت الإشارة إليه سابقا، ليست مشكلة قطاعا معينا ، بل مشكلة مجتمعا كاملا.
وبديهي أن مكافحة البطالة تقتضي رفع وتيرة النمو الاقتصادي. ويتطلب ذلك، زيادة معدلات الادخار والاستثمار. فالادخار المحلى ضعيف إن لم نقل منعدما في مجتمعات مازالت غالبية سكانها لا تؤمن حاجياتها الأساسية على مستوى مقبول من جهة ونزع الثقة من البنوك من جهة أخرى، على حين ينعم مترفوها، وهم قلة قليلة، بأنماط استهلاك غير معقولة دونما مسؤولية اجتماعية. نرجو من الله العلي القدير أن لا يعاقبنا بسبب مترفي هذا البلد.

المــــــــــــــــــــــــــــراجــــــــــــــــــع و المـــــــــــــصــــــــــــــــــــــادر

.1 الاقتصاد السياسي للبطالة، تحليل لأخطر المشكلات المعاصرة، د. رمزي زكي، عالم المعرفة، الكويت 1998.
د.رمزي زكي: الاقتصاد السياسي للبطالة ،مطابع الرسالة ،الكويت ،1997 ، ص183 .
د. إسماعيل سفر وعارف دليلة ، تاريخ الأفكار الإقتصادية، منشورات جامعة حلب سوريا 1977، ص576 .
دانيال أر نولد ترجمة د. عبد الأمير شمس الدين: تحليل الأزمات الاقتصادية للأمس واليوم، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، بيروت، 1992، ص 225
د. ليلى.أ الخواجة : أسواق العمل في الدول النامية في ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي ، مجلة مصر المعاصرة ، العدد 431 ، مصر ، 1993، ص 95
المرجع السابق، ص 96 .
رهام حسن عبد الحكم، مرجع سبق ذكره، ص 63.
د.ليلي الخواجة، مرجع سبق ذكره ، ص ص99-104 .
7) عبد الحميد بدر الدين، حل متاح لمشكلة البطالة في دول الخليج، 2000
2) نادر فرجاني، البطالة في مصر، الأبعاد والمواجهة، مركز المشكاة للبحث، مصر، 1999
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Hamykaly
 
 
Hamykaly


عدد المساهمات : 176
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
العمر : 34
الموقع : سوق أهـــراس

بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Empty
مُساهمةموضوع: رد على الموضوع   بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Emptyالثلاثاء 9 مارس 2010 - 1:41

:basmala:

لاتنـــــســـــــــــــوا لصــــــــــــالح دعـــــــــــــــــائـــــــــــــــــــــــــــكـــــــــــــــــــم

merci merci merci merci merci merci merci merci merci
تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://hamykaly113.skyrock.com
نسيم الامل
 
 
نسيم الامل


عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 20/11/2011
العمر : 33

بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1   بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Emptyالأحد 20 نوفمبر 2011 - 21:50

بسملة
Hamykaly كتب:
مقــــــــدمـــــة

البطالة مشكلة اقتصادية، كما هي مشكلة نفسية، واجتماعية، وأمنية، وسياسية. وجيل الشباب هو جيل العمل والانتاج، لأنه جيل القوة والطاقة والمهارة والخبرة. و إن تعطيل تلك الطاقة الجسدية بسبب الفراغ، لاسيما بين الشباب، يؤدي الى أن ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً مسببة له مشاكل كثيرة. وتتحول البطالة في كثير من بلدان العالم الى مشاكل أساسية معقّدة، ربما أطاحت ببعض الحكومات، فحالات التظاهر والعنف والانتقام توجه ضد الحكام وأصحاب رؤوس المال فهم المسؤولون في نظر العاطلين عن مشكلة البطالة. وتؤكد الاحصاءات أنّ هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان، وتخلف أوضاعهم الصحية، و عجزهم عن تحمل مسؤولية اُسرهم. كما تفيد نفس الاحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية، كما لها آثارها على الصحة الجسدية.
المبحث الأول ماهية البطالة.
المطلب الأول تعريف البطالة
لا شك أنه من المنطقي قبل التوصل لإعطاء تعريف شامل للبطالة لابد أولا تحديد مفهوم من هو العاطل عن العمل Unemployed. إن من أهم صفات العاطل أنه لا يعمل. لكن هذا المفهوم يعتبر غير كاف حيث هناك أفراد لا يعملون لأنهم غير قادرين على العمل و بالتالي لا يمكن اعتبارهم عاطلين عن العمل مثل الأطفال و المرضى والعجزة و كبار السن و اللذين أحيلوا على التقاعد و هم الآن يقبضون المعاشات. كما أن هناك بعض الأفراد القادرين على العمل و لكنهم لا يعملون فعلا و مع ذلك لا يجوزاعتبارهم عاطلين لأنهم لا يبحثون عن العمل not seeking work، مثل الطلبة اللذين يدرسون في الثانويات و الجامعات و المعاهد العليا ممن بلغوا سن العمل و لكنهم لا يبحثون عن عمل بل يفضلون تنمية قدراتهم و مهاراتهم بالدراسة، و لهذا لا يصح ادراجهم ضمن العاطلين. كذلك هناك بعض الأفراد القادرين عن العمل لكن لا يبحثون عنه لأنهم أحبطوا تماما discouraged، لأن جهودهم في البحث عن العمل في الفترة الماضية لم تُجْدِ، كما أن الاحصاءات الرسمية لا تدرجهم ضمن العاطلين. و بالمقابل هناك أفراد آخرين قادرين على العمل و لكنهم لا يبحثون عن عمل لأنهم في درجة من الثراء تجعلهم في غنىً عن العمل، فهؤلاء أيضا لا يعتبرون عاطلين.
و من ناحية أخرى هناك بعض الأفراد اللذين يعملون فعلا ، غير أنهم مع ذلك يبحثون عن عمل أفضل و بالتالي لا يمكن ادراجهم ضمن العاطلين. و هكذا نستنتج أنه ليس كل من لا يعمل عاطلا، و في الوقت نفسه ليس كل من يبحث عن عمل يعد ضمن دائرة العاطلين. فحسب الاحصاءات الرسمية فإن العاطل عن العمل يجب أن يكون عمره يتراوح ما بين 15 و 64 عاما و أن يتوفر فيه شرطان أساسيان، و هما :
• أن يكون قادرا على العمل
• أن يبحث عن فرصة للعمل
كما يجمع الاقتصاديون و الخبراء، وحسب توصيات منظمة العمل الدولية على تعريف العاطل بأنه " كل من هو قادر على العمل، و راغب فيه، و يبحث عنه، و يقبله عند مستوى الأجر السائد، و لكن دون جدوى". (1).
المطلب الثاني انواع البطالة
هناك عدة أنواع للبطالة خاصة تلك التي عرفتها البلدان الرأسمالية و التي نذكر منها :
• البطالة الدورية
• البطالة الاحتكاكية
• البطالة الهيكلية
البطالة الدورية
تنتاب النشاط الاقتصادي بجميع متغيراته في الاقتصاديات الرأسمالية فترات صعود و هبوط و التي يتراوح مداها الزمني بين ثلاث و عشر سنين و التي يطلق عليها مصطلح الدورة الاقتصادية Business Cycle و التي لها خاصية التكرار و الدورية. و تنقسم الدورة الاقتصادية بصورة عامة على مرحلتين : مرحلة الرواج أو التوسع Expansion ، و التي من مميزاتها الأساسية اتجاه التوظف نحو التزايد، إلى أن تصل إلى نقطة الذروة Peak أو قمة الرواج، و التي تعتبر نقطة تحول ثم يتجه بعد ذلك النشاط الاقتصادي نحو الهبوط بما في ذلك التوظف، وتسمى هذه المرحلة بمرحلة الانكماش Recession. و تبعا لدورية النشاط الاقتصادي، فإن البطالة المصاحبة لذلك تسمى بالبطالة الدورية.
البطالة الاحتكاكية
تعرف البطالة الاحتكاكية Frictional Unemployment، على أنها تلك البطالة التي تحدث بسبب التنقلات المستمرة للعاملين بين المناطق و المهن المختلفة، و التي تنشأ بسبب نقص المعلومات لدى الباحثين عن العمل، و لدى أصحاب الأعمال اللذين تتوافر لديهم فرص العمل. و بالتالي فإن إنشاء مركز للمعلومات الخاصة بفرص التوظف من شأنه أن يقلل من مدة البحث عن العمل، و يتيح للأفراد الباحثين عن العمل فرصة الاختيار بين الامكانيات المتاحة بسرعة و كفاءة أكثر.
البطالة الهيكلية
يقصد بالبطالة الهيكلية Structural Unemployment، ذلك النوع من التعطل الذي يصيب جانبا من قوة العمل بسبب تغيرات هيكلية تحدث في الاقتصاد الوطني، و التي تؤدي إلى إيجاد حالة من عدم التوافق بين فرص التوظف المتاحة و مؤهلات و خبرات العمال المتعطلين الراغبين في العمل و الباحثين عنه. فهذا النوع من البطالة يمكن أن يحدث نتيجة لانخفاض الطلب عن نوعيات معينة من العمالة، بسبب الكساد الذي لحق بالصناعات التي كانوا يعملون بها، وظهور طلب على نوعيات معينة من المهارات التي تلزم لانتاج سلع معينة لصناعات تزدهر. فالبطالة التي تنجم في هذه الحالة تكون بسبب تغيرات هيكلية طرأت على الطلب.

كما يمكن للتكنولوجيا أن تؤدي إلى بطالة هيكلية. حيث من النتائج المباشرة للتطور التكنولوجي تسريح العمال و بأعداد كبيرة مما يظطرهم للسفر إلى أماكن أخرى بعيدة بحثا عن العمل أو إعادة التدريب لكسب مهارات جديدة. بالاضافة للأسباب السابقة يمكن أن تحدث بطالة بسبب تغير محسوس في قوة العمل و الناتج أساسا عن النمو الديمغرافي و ما ينجم عنه من دخول الشباب و بأعداد كبيرة إلى سوق العمل و ما يترتب عنه من عدم توافق بين مؤهلاتهم و خبراتهم من ناحية، و ما تتطلبه الوظائف المتاحة في السوق من ناحية أخرى.
بالاضافة إلى الأنواع السالفة الذكر للبطالة، هناك تصنيفات أخرى للبطالة مثل :
البطالة السافرة و البطالة المقنعة
يقصد بالبطالة السافرة، حالة التعطل الظاهر التي يعاني منها جزء من قوة العمل المتاحة و التي يمكن أن تكون احتكاكية أو هيكلية أو دورية. و مدتها الزمنية قد تطول أو تقصر بحسب طبيعة نوع البطالة و ظروف الاقتصاد الوطني. و آثارها تكون أقل حدة في الدول المتقدمة منها في الدول النامية. حيث العاطل عن العمل في الدول المتقدمة يحصل على إعانة بطالة و إعانات حكومية أخرى ، في حين تنعدم كل هذه المساعدات بالنسبة للعاطل في الدول النامية.
أما البطالة المقنعة Disguised Unemployment، فهي تمثل تلك الحالة التي يتكدس فيها عدد كبير من العمال بشكل يفوق الحاجة الفعلية للعمل، أي وجود عمالة زائدة و التي لا يؤثر سحبها من دائرة الانتاج على حجم الانتاج، و بالتالي فهي عبارة عن عمالة غير منتجة.
البطالة الاختيارية و البطالة الاجبارية
تشير البطالة الاختيارية Voluntary Unemployment إلى الحالة التي يتعطل فيها العامل بمحض إرادته و ذلك عن طريق تقديم استقالته عن العمل الذي كان يعمل به. إما لعزوفه عن العمل أو لأنه يبحث عن عمل أفضل يوفر له أجرا أعلى و ظروف عمل أحسن، إلى غير ذلك من الأسباب. في كل هذه الحالات قرار التعطل اختياري.
أما في حالة إرغام العامل على التعطل رغم أنه راغب في العمل و قادر عليه و قابل لمستوى الأجر السائد، فهذه الحالة نكون أمام بطالة اجبارية و مثال على ذلك تسريح العمال كالطرد بشكل قسري... و هذا النوع من البطالة يسود بشكل واضح في مراحل الكساد. كما أن البطالة الاجبارية يمكن تأخذ شكل البطالة الاحتكاكية أو الهيكلية.
المبحث الثاني أثــــــار البطـــــــــالـــــــــــــة
تمثل البطالة أحد التحديات الكبرى التي تواجه البلدان العربية لآثارها الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة، ومنذ سنوات والتحذيرات تخرج من هنا وهناك، تدق ناقوس الخطر من العواقب السلبية لهذه المشكلة على الأمن القومي العربي، ومع ذلك فإن معدلات البطالة تتزايد يومًا بعد يوم.
و يمكن تلخيص هذه الآثار في النقاط التالية:
المطلب الاول الآثار النفسية و الاجتماعية.
لا يوجد شيء أثقل على النفس من تجرع مرارة الحاجة والعوز المادي فهي تنال من كرامة الإنسان ومن نظرته لنفسه وعلى الخصوص عندما يكون الفرد مسئولا عن أسرة تعول عليه في تأمين احتياجاتها المعيشية، فعندما تشخص إليك أبصار الأطفال في المطالبة بمستلزمات العيش وترى في نظراتهم البريئة استفسارات كثيرة يقف المرء عاجزا لا يدري كيف يرد عليها وبأي منطق يقنعهم بقبول واقعهم المرير، كيف تشرح لهم أن رب الأسرة عاطل لا عمل لديه ولا يقدر على الاستجابة لرغباتهم والجوع كافر كما هو معروف؟. . . في عالم الأطفال هناك الصفاء والنقاء والعدالة والإحسان وليس الإجحاف وهضم الحقوق، وخصوصا عندما يتعلق ذلك بحق العيش الكريم واللقمة الشريفة دون مذلة مد اليد للآخرين.
وتؤكد الاحصاءات أنّ هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان، وتخلف أوضاعهم الصحية، أو تأخرهم عن الزواج، وانشاء الاُسرة، أو عجزهم عن تحمل مسؤولية اُسرهم. كما تفيد الاحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية، كما لها آثارها على الصحة الجسدية. إنّ نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل يفتقدون تقدير الذات، ويشعرون بالفشل، وأنهم أقل من غيرهم، كما وجد أن نسبة منهم يسيطر عليهم الملل، وأنّ يقظتهم العقلية والجسمية منخفضة، وأنّ البطالة تعيق عملية النمو النفسي بالنسبة للشباب الذين ما زالوا في مرحلة النمو النفسي. كما وجد أن القلق والكآبة وعدم الاستقرار يزداد بين العاطلين، بل ويمتد هذا التأثير النفسي على حالة الزوجات، وأنّ هذه الحالات النفسية تنعكس سلبياً على العلاقة بالزوجة والأبناء، وتزايد المشاكل العائلية. وعند الأشخاص الذين يفتقدون الوازع الديني، يقدم البعض منهم على شرب الخمور و تعاطي المخدرات، بل ووجد أن 69% ممن يقدمون على الانتحار، هم من العاطلين عن العمل. و نتيجة للتوتر النفسي، تزداد نسبة الجريمة، كالقتل والاعتداء، بين هؤلاء العاطلين. بالاضافة إلى ضعف الانتماء للوطن، وكراهية المجتمع، وصولا إلى ممارسة العنف والإرهاب ضده، فضلا عما تمثله البطالة من إهدار للموارد الكبيرة التي استثمرها المجتمع في تعليم هؤلاء الشباب ورعايتهم صحياً واجتماعياً.
المطلب الثاني الآثار الأمنية و السياسية
نلاحظ أحيانا بعض الفئات العاطلة و التي يكون قد نفذ صبرها ولم تعد تؤمن بالوعود والآمال المعطاة لها و هي ترفع شعار التململ والتمرد، و مع ذلك لا يمكن لومها ولكن لا يعني ذلك تشجيعها على المس بممتلكات الوطن وأمنه، ولكن لابد أن نلتمس لهم العذر، فمقابل مرارة ظروفهم هناك شواهد لفئات منغمسة في ترف المادة، ومن الطبيعي أن ينطق لسان حالهم متسائلا أين العدالة الاجتماعية والإنصاف؟ كما أن سياسة العنف المفرط في مقابل حركة العاطلين لا تخلق إلا المزيد من العنف والاضطراب وتفاقم الأزمة . فهناك حاجة إلى التعقل وضبط الموقف والنظر إلى القضايا من منظور واسع وبعين تقصي الأسباب في محاولة لتفهم موقف الآخرين ، حيث أن مبدأ إرساء أركان الحكم الصالح والعدالة الاجتماعية تملي على الجميع تكريس حق إبداء الرأي ورفع راية المطالبات بالوسائل السلمية المشروعة، كما أنها تلزم الأطراف المعنية متمثلة بالحكومة باحترام هذه الحقوق واتساع الصدر للآراء المختلفة، لأن المواطن في نهاية المطاف لا يطالب إلا بحق العيش الكريم والحفاظ على كرامته وإنسانيته في وطنه، وهي من جوهر حقوق المواطن والتي يجب على الحكومة أن تكفلها وتحرص عليها، لا أن تتكالب عليها فتكون هي والقدر مجتمعان على المواطن المستضعف.
المطلب الثالث الآثـار الاقتصـاديـة
إحدى نتائج ظاهرة البطالة زيادة حجم الفقر، الذي يعتبر ـ أيضًا ـ من العوامل المشجعة على الهجرة. ويقول الخبراء بأن مشكلة الهجرة إلى أوروبا تكاد تكون مشكلة اقتصادية بالأساس، فبالرغم من تعدد الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة، إلا أن االدوافع الاقتصادية تأتي في مقدمة هذه الأسباب. ويتضح ذلك من التباين الكبير في المستوى الاقتصادي بين البلدان المصدرة للمهاجرين، والتى تشهد ـ غالبًا ـ افتقارًا إلى عمليات التنمية، وقلة فرص العمل، وانخفاض الأجور ومستويات المعيشة، وما يقابله من ارتفاع مستوى المعيشة، والحاجة إلى الأيدي العاملة في الدول المستقبلة للمهاجرين، حيث تقدر منظمة العمل الدولية حجم الهجرة السرية بما بين 10 - 15% من عدد المهاجرين في العالم.. البالغ عددهم ـ حسب التقديرات الأخيرة للأمم المتحدة ـ حوالي 180 مليون شخص.
أما فيما يتعلق بالآثار الاقتصادية للبطالة على المستوى الكلي فالكل يعرف أن أهم مؤشر في اتجاهات الطلب على العمل هو نموّ الانتاج، و بالتالي فإن تباطؤ النموّ الاقتصادي يعني ارتفاعا في معدّلات البطالة. و هكذا فإن الوضع في المنطقة العربية بصورة عامة و منذ التسعينات تلخص في ضعف أداء الانتاج مقارنة بنمو سريع في القوة العاملة. كما تبين الاحصائيات أن النمو في القوة العاملة قد فاق الزيادة التي طرأت على فرص التوظيف في المنطقة العربية.
المبحث الثالث البطالة في الفكر الإقتصادي وسبل علاجها
المطلب الاول النظرية الاقتصادية و مفهوم البطالة
تعتبرالبطالة من أهم التحديات التي واجهت و تواجه اقتصاديات العالم لكونها مشكلة ذات أبعاد تاريخيـة وجغرافية بمقدارارتباطها بمراحل التطورالاقتصادي. وقد حظي هذا الموضوع باهتمام المفكرين الاقتصادييـن على اختلاف مذاهبهم و أفكارهم من فترة زمنية إلى أخرى. ولعّل تنوع أشكال البطالة هو أحـد العناصـر المفسرة لتعدد التحاليل حول فهمها وتفسيرها،وسوف يتم عرض أهم هذه الأفكار بشيء من الإيجاز فيما يلي :
أ- البطالة عند الكلاسيك : يركز الكلاسيك في تحليلهم على المدى الطويل ،حيث يربطون البطالة بالمشكلة السكانية وبتراكم رأس المال والنموالاقتصادي والطاقات الإنتاجية للاقتصاد. كما يرتكزاهتمامهم بالبعد الاجتماعي والسياسي للظاهرة الاقتصادية، إذ يؤمن الكلاسيك بمبدأ التوازن العام، الذي يعنى أن "كل عرض سلعي يخلق الطلب المساوي له " ، أوما يسمى بقانون المنافذ عند "ساي".
فالتبادل في التحليل الكلاسيكي يكون على أساس المقايضة ولا مكان للنقود فيه، بمعنى آخـر: تسـاوي الادخار والاستثمار واستحالة حدوث البطالة على نطاق واسع ، ذلك أن التوازن الاقتصادي هو توازن التوظيـف الكامل.
في حين أن البطالة التقليدية تنشأ عن عدم كفاية عرض السلع لكون إنتاج المؤسسات اقـل مـن الطلـب نتيجـة لانخفاض معدلات الأرباح بسبب إرتفاع الأجور، وهو ما يعني أن القائمين على خطط الاستثمارسوف لن يرفعون من مستوى استثماراتهم القادرة على زيادة التشغيل تجنبا لتضخيم التكاليف ،و تعزى البطالة أيضا في نظر الكلاسيك إلى العمل الخاطئ لسوق العمل ، وفي حالة وجودهـا فـان آليـة الأجور كفيلة باستيعاب اليد العاملة العاطلة، ذلك أن تخفيض هذه الأخيرة سيرفع مستوى الأرباح، وهوما يشكل حافزا لزيادة الاستثمار وبالتالي رفع مستوى التشغيل، خصوصا في ظل التنافس على منصب العمل والقبـول بمستوى الأجور السائدة. نستنتج من ذلك أن الأجورهي عامل أساسي في آليات سوق العمل، إذ أنها تؤثرعلى عرض وطلب العمل في آن واحد .
ب‌- البطالة عند النيوكلاسيك : لقد اعتمد تحليل النيوكلاسيك على نظرية "التوازن العام" الذي يتحقق في سوق السلع والخدمات وسوق العمل نتيجة لإرتباط حجم العمالة بالعرض والطلب على العمل. ويرتكزهذا التحليل على بعض الفرضيات المستمدة من شروط المنافسة التامة (السوق الحرة) ومن أهمها: تجانس وحدات العمل، حرية تنقل اليد العاملة ودورالمنافسة في شراء وبيع قوة العمل مثل: بيع وشراء السلع وأن حجم اليد العاملة مرتبط بعرض وطلب العمل في السوق.
ومهما يكن من أمر فإن النظرية النيوكلاسيكية افترضت حالة التوظيف التام، ولم تولي للبطالة اهتمامـا كبيرا بسبب تبنيها لقانون "ساي" للأسواق، كما أن فرضية وجود المنافسة التامة لا تتحقق في الواقع، إضافـة إلى أنها اعتبرت أن التغير التكنولوجي هو متغير خارجي يتطوربشكل منعزل عن مستوى التطور الاقتصادي، لكن الواقع يثبت عكس ذلك إذ أن استخدام التكنولوجيا هو أحد العوامل الأساسية للإنتاج لأنه يرفع من حجمـه بأقل التكاليف ، و بالتالي فإن تشغيل الآلات قد يؤثر على حجم العمالة إذ تحل الآلـة محل العامل في أحيان كثيرة.
ج‌- البطالة في الفكر الماركسي: ينتقد الفكر الماركسي النظام الرأسمالي الذي يجزم بأن البطالة هي حالة عرضية، و نادرة الوقوع بسبب وجود آلية السوق التي تعيد التوازن بشكل تلقائي عن طريق تفاعل قوى العرض والطلب، وكل بطالـة هـي ناتجة عن: الزيادة الهامة في حجم السكان كنتيجة حتمية للتطورات التقنية progrès techniques) (les.
أما بالنسبة للماركسيين فإن الأزمات ماهي إلا مظهر من مظاهر نقص الاستهلاك لدى الطبقة العاملة، لأن قيمة الأجور لا تتساوى وقيمة الإنتاج. أي أن الرأسمالية تنتج أكثر مما تدفع من أجور ومما يزيـد الأزمـة تفاقما هو" أن تعمد الرأسمالية بفضل قانون الارتفاع المستمر في التركيب العضوي لرأس المـال (C/V) إلى إحلال الآلات محل اليد العاملة، فتلقي بالعمال إلى البطالة، مما يعني فقدان العامل لقوة شرائه " . وعليه فإن "البطالة هي نتيجة لزيادة إنتاجية العمل في الأنظمة الرأسمالية للتراكم" . أما بالنسبة لحجـم التشغيـل فإنه يرتبط أساسا بمعدل الربح الذي يحققه أرباب العمل، إذ أنهم يحولون دون إنخفاضه من خلال زيادة إنتاجهم الشيئ الذي يؤدي إلى فائض في الإنتاج ، خاصة أن التقدم التقني يتطلب رأسمال أكثر يأكل الجزء المخصـص للأجور. وبالتالي فإن العمال سوف يستمرون في إنتاج رأس المال وتحقيق تراكمه، بمعنى أنهم ينتجون بأنفسهم أداة إحالتهم للبطالة.
د-تفسير البطالة عند المدرسة الكينزية: يتحقق التوازن عند الكينزيين نتيجة للتوازن في سوق السلع والخدمات، وسوق النقد في آن واحد اذ أن الطلب على العمل دالة متناقصة بدلالة الدخل، وأن تعظيم الأرباح يتطلب تساوي الإنتاجية الحديـة للعمـل مع معدل الأجر الحقيقي. أي أن انخفاض معدل الأجورالحقيقية يمكن أن يتيح ارتفاعا في الطلـب علـى العمـل وبالتالي حجم العمالة، أماعرض العمل فإنه مرتبط بمعدل الأجر الاسمي (W)، لأن العمال يقعون في فخ الوهم النقدي، حيث يعتبرون أن كل زيادة في الأجر الاسمي هي زيادة فعلية في مداخيلهم بسبب جهلهـم لمستـوى الأسعار. وقد وجد كينز أن تطور الرأسمالية يصطدم بتناقضات حادة لا يمكن أن تزول عفويا مثل البطالة الجماهيرية المتزايدة، وعدم كفاية الطلب على البضائع ،مما يؤدي إلى عدم تطابقه مع العرض آليا.
من ناحية أخرى، يرفض كينز آلية الأجور كسبب للبطالة، لأن انخفاضها سيؤدي إلى انخفـاض دخل العمال. وبالتالي انخفاض الطلب على السلع مما يعقد مشكلة تصريف السلع بالأسواق. وعليه فإن سر وجـود البطالة يكمن فيما يلي: لقد لاحظ كينز أن حالة التوظيف الكامل ما هي إلا حالة خاصة جدا، وأن الطلب الكلي الفعال هوالمحدد للعرض الكلي، ومن أجل زيادة تشغيل العمال يجب رفع حجم هذا الطلب، والذي بدوره ينقسم إلى طلب على السلع الاستهلاكية وطلب على السلع الاستثمارية .
فالكلاسيك و النيوكلاسيك ينظران إلى الادخار والاستثمار أنهما وجهان لعملة واحدة والتعادل بينهمـا أمـر بديهي. أما كينز فقد أدخل العوامل المؤثرة عليهما، وبالتالي فإن كل اختـلال بينهمـا يـؤدي إلـى حـدوث الاضطرابات في دورة الدخل القومي مع احتمال وقوع الكساد، وفي حالة افتراض أن حجم الادخار أكبـر من حجم الاستثمار، فإن الطلب الكلي الفعال سيقل عن العرض الكلي و بالتالي يتزايد مخزون السلع و يتراكم، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار الذي ينتج عنه انخفاض في الأرباح وفي الناتج، وبالتالي تتزايد الطاقة العاطلة وتحـدث بطالة، الشيء الذي يؤدي إلى انخفاض الدخل الوطني .
أما في حالة ما إذا كان حجم الاستثمار أكبر من حجم الادخار فإن الطلب الكلي الفعال سيكون أكبر من العرض الكلي، وعليه سوف ينخفض مستوى مخزون السلع ، و تتزايد المبيعات ، وترتفع الأسعار والأرباح،وإذا كانت هناك طاقات إنتاجية عاطلة سوف يلجأ المنتجون لتشغيلها وهذا الانتعاش في الاستثمار يؤدي إلى زيادة في تشغيل عدد العمال وبالتالي تقل البطالة ولرفع مستوى الاستثمارات يرى كينز ضرورة تدخل الدولة من خلال سياسة استثمارية عامة لتعويض نقص الاستثمارات في القطاع الخاص، ويرى أيضا أن نقص الاستخدام ليس عارضا، بل ممكنا وغالب الوقوع، وبالتالي يجب استبدال آلية الدخل بالأسعار لأن المستثمرين هم الذين يتوقعون الطلب الحقيقي، و يقررون بناء توقعاتهم فيما يخص حجم الإنتاج واليد العاملة الضروريـة للوصول إلى مستوى التوظيف الكامل كما يجب، من خلال النقاط الثلاثة التالية :
- توظيف كل المدخرات في شكل مشاريع تتيح فرص عمل جديدة،
- إتاحة الفرصة للمدخرين لاستثمار أموالهم في المشاريع،
- التضحية بالاستقرار النقدي وموازنة الدولة في بادئ الأمر، لاعطاء عمل للعاطلين دون التمييز بيـن طبيعة العمل إذا كان منتجا أم لا .
وفي هذا الصدد يقترح كينز أن يشغل العمال أوقاتهم في أعمال بغض النظر عن مردوديتها إذ أن المهـم حسب رأيه هو أن يتلقوا مدا خيل مقابل ذلك، لتمكينهم من الاستهـلاك الـذي يضمـن تصريـف ما تنتجـه المؤسسات، إذ يقول كينز: " إن من الأفضل أن يدفع للعمال لقاء حفرهم خنادق في الأرض، وردمهـا من أن يبقوا بدون عمل" . لأن الدخل الذي سوف يتم توزيعه علىالعاطلين يرفع من مستـوى استهلاكهـم، ويحفـز المستثمرين على توسيع مشاريعهم وطلب يد عاملة إضافية لان الدخل كفيل بتعويض الخلل الواقع في البداية أي التضخم حسب كينز. وعليه فان البطالة الكينزية هي نتيجة لعدم كفاية الطلب الكلي، وبالتالي فإن أرباب العمل في مواجهة مع قيد التوظيف (Contrainte de débouche ).
وإذا كان كينز قد أوضح أثر نمو الاستثمارعلى الدخل، فإن الكينزيين الجدد حاولوا تجديد معدل النمو الضروري الذي يجب أن يتحقق حتى يمكن تجنب البطالة والوصول إلى مستوى التوظيف الكامل للطاقـات الإنتاجية والموارد البشرية، انطلاقا من نماذج النموالكينزية مثل: نموذج هارود، كالدور، جـون روبنسون، وغيرهم، والتي استخدمت أدوات التحليل الرياضي في بناء و تحليل هذه النماذج، مع إعطائهم البعـد الزمني أهمية خاصة في تحليل الظواهر الاقتصادية. وبالتالي فالإشكالية المطروحة هي: " البحث عن المعدل الذي يتعين أن ينمو به الدخل على المدى الطويل للمحافظة على التوظيف الكامل وتجنبالبطالة والكساد".
هـ - تفسير البطالة وفقا لمنحنى فيلبس : يرتكز اهتمام فيلبس على دراسة وتحليل سوق العمل في الاقتصاد الإنجليزي من خـلال دراسـته الإحصائية للمجتمع البريطاني من 1861 حتى 1957، حيث كشف وجود علاقة إحصائية قويـة بيـن نسبـة العاطلين إلى إجمالي السكان، ومعدل التغييرفي أجرالساعة للعامل خلال مدة زمنية معينة، بمعنـى أن الفتـرة التي تقل فيها معدلات البطالة ترتفع عندها الأجور النقدية و العكس صحيح، أو بمعنى آخـر وجـود معـدل ضعيف من البطالة يتناسب مع ارتفاع سريع في الأجور الاسمية و العكس بالعكس.
وعلى هذا الأساس تم التوصل إلى وجود دالة متناقصة بين المؤشرين وهو ما يعني " وجـود علاقة تجريبية عكسية بين معدل ارتفاع الأجر الاسمي ومعدل البطالة".
وقد ساهمت أبحاث كل من ر.ليبسي- -R.Lipsey 1960 وبـول سامويلسـون P. Samuelson. وسولو R.M-Solow بتطويرهذه الفكرة، إذ أمكن التوصل إلى وجود علاقة عكسية بين معدل التضخم ومعدل البطالة، وهوما يفسره منحنى فيليبس. الذي يمكن من خلاله استخلاص مايلي:
- أن ثمن خفض معدل البطالة هو ثمـن ذلك قبول معدل أعلى للتضخم.
وعلى هذا الأساس أصبحت معظم البرامج الاقتصادية للدول الصناعية تختـار النقطة التي تفضلها على منحنى فيلبس وما تشير إليه من معدل معين للبطالة ومعدل معين للتضخم، وتقوم بعد ذلك باختيار السياسة النقدية والمالية التي تحدد الطلب الذي يضمن تحقيق هذين المعدلين المرغوب فيهما.
لكن ومع بداية السبعينيات لوحظ أن المستوى العام للأسعار ظل يتجه نحو الارتفاع المستمر، في الوقت الذي تتزايد فيه معدلات البطالة. الشيء الذي شكل انتقادات لاذعة لهذا المنحنى وقصوره على تفسير تزامـن البطالة والتضخم معا أوما يسمى بالركود التضخمي (Stagflation) .
و‌- تفسير البطالة في النظريات النقدية: يفسر هذا التيار البطالة الدورية من خلال العوامل النقدية البحتة، وأن علاجها يكمن في استخـدام أدوات السياسة النقدية، ويضم هذا التيار مجموعة من المفكرين أمثال: هوتري (Howtrey)، فيكسل (Wiskell) من مدرسة شيكاغو. بإعطائهم للنقود أهمية بالغة في النشاط الاقتصادي، وأن كل التقلبات التي يعرفهـا الاقتصـاد ناتجة عن تغير عرض النقود. كما أن زيادة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية على النحو الذي شل من كفاءة آلية الأسعارفي سوق العمل، يعتبر من بين العوامل المفسرة للبطالة في نظرهم.
ويؤكدون على أن تعطيل زيادة إعانات البطالة تعطل من فاعلية سوق العمل، لأن العمال المستفيدين منها لا يبحثون عن العمل بجديـة.
و بالتالي فالبطالة في نظرهم اختيارية ولا مكانة للبطالة الإجبارية في تحاليلهم ويرون أن مواجهة البطالة يكمـن في: "عدم تدخل الحكومات لحل هذه المشكلة وتركها لكي تحل نفسها بنفسها عبر آليات السوق" يرى فريدمان أنه لا يوجد منحنى فيلبس في شكله التقليدي إلا في الأجل القصير، أما في الأجل الطويل فإن هذا المنحنى يأخذ شكلا مستقيما عموديا يحدد معدل بطالة طبيعية، ويميز عدم كفاية السياسة الاقتصاديـة لمحاربة البطالة إلا في الأجل القصير.
ح- تفسير البطالةوفقا لظرية رأس المال البشري: من مؤسسيها Beher,Shultخلال الستينيات وبالتحديد في 1964. اذ يفسر اختيار الوظيفة على أساس الفوائد التي يجنيها العامل من وراءها قصد تحسين إنتاجيته والاستفادة من أكبر دخل ممكن، وبالتالي سيضحي الأفراد بالوقت الضروري للتكوين من أجل رفع قدراتهم و مؤهلاتهم، باعتبار أن سوق العمل يبحث عن اليد العاملة المؤهلة. وعليه فإن الاهتمام يرتكز على الوظيفة وليس بمن يشرفون عليها.
ط-تفسير البطالة وفقا لنظرية تجزئة سوق العمل : ترتكز هذه النظرية التي ظهرت على يد D.B Doernberg , M.Piore ، في دراسة ميدانية لسوق العمل الأمريكية خلال الستينيات، التي تفسر أن قوة العمل الأمريكية تتعرض لنوع من التجزئة علـى أسـاس العرق والنوع والسن والمستوى التعليمي. وتهدف النظرية الى تفسير ارتفاع البطالة، والكشـف عن أسبـاب ارتفاعها في قطاعات معينة ووجود ندرة في عنصر العمل في قطاعات أخرى. وعلى هذا الأساس تميز النظرية بين خمسة أنواع من أسواق العمل وهي: السوق الداخلية، السوق الخارجية ، السوق الأولية، السوق الثانوية، و السوق الرئيسية.
ي- نظرية البطالة الهيكلية : ظهرت هذه النظرية لتفسير معدلات البطالة المرتفعة في السبعينيات وزيادة التطورالتقني الـذي طـرأ على الصناعة، فقد تعرضت بعض الفئات من العمال لظاهرة التعطل بسبب عدم قدرتها على التوافـق مـع الأساليب ، الحديثة في الفنون الإنتاجية. في حين ظهر فائض في فرص العمـل في أعمـال و مهـن أخـرى. وقد فسرت النظرية عدم التوافق بين فرص العمل المتاحة والمتعطلين بمجموعة من الأسباب أهمها: عدم القدرة على الانتقال بمرونة من مكان لآخر، الاعتبارات الشخصية في تفضيل العمال ، و عدم توفير فرص تدريب مناسبة للعمال حتى يتمكنوا من القيام بأعمال جديدة.
ز-نظرية اختلال التوازن : ظهرت على يد الاقتصادي الفرنسي E.Malinvand، كمحاولة لتفسير معدلات البطالة المرتفعة في الدول الصناعية خلال فترة السبعينيات. ويرتكز تحليله للبطالة على سوقين اثنين هما: سوق السلع و سوق العمل. وتبني هذه النظرية فرض جمود الأسعار والأجورفي الأجل القصير، ويرجع ذلك الى عجزهما عن التغير بالسرعة الكافية لتحقيق التوازن المنشود. ونتيجة لذلك يتعرض سوق العمل لحالة الاختلال متمثلة في وجود فائض في عرض العمل عن الطلب، مما يقود إلى البطالة الاجبارية.
و لا تقتصر النظرية على البحث عن أسباب البطالة في اطار دراسة سوق العمل، وانما تسعى أيضا لتحليلها من خلال دراسة العلاقة بين سوق العمل وسوق السلع.اذ يمكن أن ينتج عنه نوعين من البطالة هما:
النوع الأول و يتميز بوجود فائض في عرض العمل عن الطلب عليه، ويترتب على ذلك عدم قيام أصحاب العمل أو رجال الأعمال بتشغيل عمالة اضافية لوجود فائض في الانتاج لا يمكنه وهو ما يتطابق مع التحلـيل الكينزي.
و النوع الثاني في هذه الحالة تقترن البطالة في سوق العمل بوجود نقص في العرض من السلـع عن الطلب عليها، وتكون أسباب البطالة في ارتفاع معدل الأجور الحقيقية للعمال، مما يدفع المستخدمبن الى عـدم زيادة كل من عرض السلع ومستوى التشغيل بسبب انخفاض ربحية الاستثمارات، وهو ما يتطابـق مع التحليـل الكلاسيكي.
المطلب الثاني علاج البطالة في الفكر الاقتصادي:
‌أ. المدرسة التقليديةترى أن الدورة الاقتصادية لا تعدو إلا أن تكون مجرد ظاهرة نقديـة بحتـة. اذ تعـود التقلبات في مستوى النشاط الاقتصادي الى درجات التوسع والانكماش في المعروض من النقود ووسائل الدفع عموما( التسهيلات الائتمانية). وعلى اعتبار أن البطالةالسائدة تكون اختيارية أو احتكاكية، فان الأجور كفيلـة برفع الكمية المعروضة من العمل مقارنة بتلك المطلوبة للوصول الى مستوى التشغيل الكامل.
‌ب. المدرسة السيكولوجية إن حدوث التقلبات الدورية في مستوى النشاط الاقتصادي سببهـا التقلبـات التي تطرأ على سيكولوجية فئة المنظمين والمستثمرين، من خلال التوقعات حـول آفـاق الربحيـة لفـرص الاستثمار المربحة والمتاحة، ذات الأثر الايجابي على احداث مناصب الشغل.
‌ج. مدرسة قصور الاستهلاك: ترجع هذه المدرسة حالة الانكماش والركود الاقتصادي إلى انكماش حجم الطلب الكلي الفعال في المجتمع، ويرجعون ذلك لضعف القدرة الشرائية لدى الفئات الأجرية ومحدودىالدخل، نتيجة لسوء توزيع المداخيل بين الفئات المختلفة، وهو ما يؤدي الى انكماش في حجم الطلب الكلي الفعال في المجتمع لما لذلك من أثر على حالة الانكماش والركود .
‌د. مدرسة المغالاة في الاستثمار : ترى أن التوسع المفرط في الاستثمار لبعض الأنشطة والصناعة بدرجة أكثر تبرره الاحتياجات واعتبارات التناسق بين الأنشطة المختلفة للاقتصاد، سوف تدفع به ان آجلا أو عاجلا نحو الركود الاقتصادي، كما يمكن أن تحدث التقلبات الاقتصادية للعملية الانتاجية بسبب الاختراعات والاكتشافات الجديدة أوفتح أو فقدان أسواق جديدة .
هـ- مدرسة شيكاغو : ركزت على ضرورة الوصول إلى الاستقرار النقدي الذي يتحقق بوجود تـوازن بين نسبة التغير في كمية النقود وبين حجم الناتج الحقيقي. ويرجعون مصدر الإفراط في عرض النقـود إلى عجز ميزانية الدولة، والتي يتوجب عليها القضاء عليه تفاديا لكل نفقات إضافية مثـل: مدفوعـات الحمايـة الاجتماعية مما قد يجبر العمال على قبول الأعمال التي كانوا يرفضونها بسبب الإعانات المقدمـة للبطاليـن.
وللتأثير على حجم البطالة يقترح رواد هذه المدرسة أن تكتفي الدولة بوظائفها التقليدية دون البحث عن تحقيق التوظيف الكامل. وأن يتم إطلاق آليات السوق تعمل عملها لاستعادة التوازنات المفقودة خاصة في سوق العمل.
و- مدرسة اقتصاديات العرض : ترجع البطالة إلى نقص قوى العرض وليس قوى الطلب ،كما فسر ذلك الكينزيون، وترى أن الخروج من مأزق البطالة يتم بدفع حركة الاستثمارات والعمل على إنعاش الحوافـز التي من شأنها أن تزيد من قوى الادخار والاستثمار ومن أجل رفع مستوى الادخارات فقد اقترحوا تخفيض معـدلات الضرائب. إلا أن هذا الطرح يعني تفاقم عجز ميزانية الدولة بسبب انخفاض إيراداتها، وسوف لن يكون له أثـر علـى خفض معدلات البطالة، بدليل البرنامج الذي طبقه الرئيس الأمريكي – ريغان- أثناء عهدته الرئاسية.
‌ح. مدرسة التوقعات الرشيدة :اعتمدت هذه المدرسة على النظرة المستقبلية لسير النشاط الاقتصـادي على اعتبار أن البطالةفي تحاليلهم اختيارية ، كون آليات سوق العمل تتكيف بسرعة مع كل اختلالات التوازن التي قد تحدث به ( على أن تكون الأسعار والأجور مرنة، وأن تتوفر كافة المعلومات لبناء التوقعات المستقبلية). فإذا أرادت الدولة رفع معدلات النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات دعم الطلب الكلـي عن طريق زيادة كمية النقود المتداولة فان الأفراد سوف يتنبئون بحدوث التضخم، و سيطالبون برفع الأجور، مما يعني ارتفاع التكاليف ومنه ارتفاع الأسعارالتي قد يعجز المستهلك على تحملها، فتسعى المؤسسات إلـى خفـض تكاليفهـا بالتأثيرعلى اليد العاملة(تسريح العمال )، وعليه فإن هذه السياسة غير فاعلة.
أما إذا أرادت الدولة محاربة التضخم من خلال تطبيق سياسة انكماشية، سيؤدي ذلك إلى بطء الإنتاج وزيادة معدلات البطالةولتفادي ذلك فإنه يجب أن يكون هناك استقرار في السياسة الحكومية أولا، ثم ثانيـا تقييد دور الدولة في الحياة الاقتصادية وترك الحرية الاقتصادية والمنافسة التامة وآليات السوق تعمـل عملهـا بكل شفافية، مع ضمان المرونة في الأجور والأسعار تبعا لحالات الأسواق .
‌ط. المدرسة المؤسستية : اختلفت في رؤيتها للبطالة، اذ انتقدت التحليل النيوكلاسيكي من حيث الفروض، أو منهج التحليل وحتى النتائج المتوصل اليها. فلم تعد البطالة أزمة كم بل أزمة كيف ولا يمكن حلها بزيادة الطلب الكلي الفعال، خاصة في ظل تزايد الثورة التكنولوجية التي أدت إلى تخفيض الطلب علـى الأيدي العاملة، نتيجة لما حدث من اعادة هيكلة للعمل( اختفاء العديد من المهن والوظائف بلا رجعة) .
ويرى عدد من مفكري هذه المدرسة أن الخروج من أزمة البطالة سيكون من خلال التوسع في مجال الخدمات الإنسانية مثل: الخدمات الصحية رعاية المسنين، الترويج والسياحة، الأمن الشخصي ... الخ.
‌ي. المدرسة الكينزية الحديثة: يرىأنصارهذه المدرسة أن علاج البطالة يكمـن في زيادة معدلات النمو الاقتصادي، حتى ولو كان ذلك بزيادة معدلات التضخم، قصد الانتقـال مـن مرحلـة الركود إلى مرحة الانتعاش،الذي يتطلب موارد مالية كبيرة يمكن توفير جزءا كبيرا منها عن طريق المدخرات الوطنية والتراكم والإنتاجية. وبما أن احتياجات سوق العمل تتطلب أيدى عاملة مؤهلة، فإنهم يقترحون إجراء دورات وبرامج تدريبية وتكوينية لكي تتكيف مع هذه المتطلبات، ويقترحون أيضا الرجوع إلى سياسة الأشغال العامة الكبـرى التي من شأنها خلق فرص عمل أكثر وبالتالي الرفع من مستوى التوظيف والدخل.
‌ك. وجهة نظر الخبراء والمنظمات الدولية :
يشير خبراء منظمة العمل الدولية وعدد من الاقتصاديين إلى:
- ضرورة انتهاج سياسة اقتصادية تهدف إلـى رفـع معدلات النمو الاقتصادي. و خفض تكلفة العمل الذي يرتبط أساسا بتكاليف الإنتاج، حيث تشكل الأجور الجانب الأساسي منها. مع تعديل ظروف سوق العمل بإلغاء قوانين الحد الأدنى للأجور وتعديل نظام إعانات البطالة والضمان الاجتماعي بالشكل الذي يجعل المداخيل التعويضية متوازنة مـع الحاجة إلى تحفيز ميول العمال نحو العمل.
- إلزامية التوسع في سياسة التدريب للعاطلين لتنمية مؤهلاتهم ومهاراتهم بما يتلاءم ومتطلبات أسواق العمـل والتكنولوجيات الحديثة. تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومشاريع القطاع غيرالرسمي وتذليل العقبات التـي تواجههـا لضمان وصولها إلى الأسواق الوطنية والعالمية مثل: تسهيل حصولها على الائتمان، نقل التكنولوجيات الحديثة إليها وتوفير المعلومات التي تحتاجها لاداء مهامها، الامتيازات الضريبية... الخ.
- تشجيع التقاعد المبكر لتوفير فرص عمل جديدة خلفا للذين أحيلوا إلى التقاعد.
- تطوير نظام المعلومات المتعلقة بأسواق العمل في الإستثمار، وتداولها بأقل تكلفة ممكنة، لتمكيـن طالبـي العمـل والعارضين له من الالتقاء في أسرع وقت بالنظر إلى حاجة المستثمر ومؤهلات العمال.
ويظل الاقتراح الذي ينادي بفكرة تقسيم الأعمال أكثرها انتشارا، حيث يتم بموجبها توزيع حجم العمل على عدد أكبر من العمال مما يؤدي إلى: احتفاظ العمال المشتغلين فعلا بوظائفهم، وإتاحة فرص تشغيل إضافية جديدة. وذلك من خلال تخفيض ساعات العمل والأجور، فبدل أن يعمل العمال خمسة أيام في الأسبوع، فانه سيخفض أسبوع العمل إلى أربعة أيام مقابل خفض الأجور وبالتالي يمكن تقاسـم الأعمال المتاحة لمزيد من العمال.
المبحث الرابع أسباب البطالة في الجزائر وطرق معالجتها
المطلب الأول أسباب البطالة :
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى تفشي البطالة ونقص التشغيل في أوساط الفئة النشيطة، خاصة عنصر الشباب بغض النظر عن مؤهلاتهم ومستوياتهم التعليمية والتكوينية، ويمكن أن نجمع هذه الأسباب في نقطتين:
تشمل الأولى العوامل الخارجة عن سيطرة الحكومة وهي تلك التي لا تعتبر الحكومة مسؤولة عنها مسؤولية مباشرة، أما الثانية فتتناول من خلالها الأسباب التي تدخل في نطاق سيطرة الحكومة بصفة مباشرة أو غير مباشرة، اعتمادا على ما يلي:
أهم العوامل الخارجة عن سيطرة الحكومة:
لعل من بين العوامل التي تقف وراء هذه الأسباب مايلي:
- باعتبار أن عددا كبيرا من الدول النامية تعتمد في صادراتها الخارجية عن المحروقات التي تشكل الجزء الأكبر منها، وبالتالي فإن إيراداتها من العملة الصعبة مرتبطة بشكل أساسي بعائداتها. وبما أنه يصعب التحكم بأسعارها بالرغم من مجهودات منظمة الأوبيك التي تعتبر الجزائر أحد أعضائها، ترتب عن ذلك انكماش الاقتصاد الجزائري بشكل خاص والدول المصدرة للنفط بصفة عامة بداية من النصف الثاني من الثمانينات، الشيء الذي أدى إلى انخفاض النمو الاقتصادي سبب تراجع المصدر الأساسي للدخل الوطني، مما أثر سلبا على النشاط الاقتصادي و فرص التوظيف بالتبعية، وقد كان من الطبيعي أن يؤثر ذلك عكسا على حجم تجارتهاالخارجية، ومن المعروف أيضا أن انخفاض حصيلة الصادرات يكون له آثار انكماشية مضاعفة على مستويات الدخل والعمالة خاصة في قطاعات التصدير والأنشطة المرتبطة بها.
- تخفيض سعر صرف الدولار الأمريكي في مواجهة العملات الأخرى، الشيء الذي ترتب عليه اضعاف القوة الشرائية للموارد المتاحة من العملات الأجنبية، لأن الجزء الأكبر منها في شكل دولار، وبالتالي تقييد قدرتها على الاستيراد بتلك العملات.
- تخفيض سعر صرف الدولار الأمريكي في مواجهة العملات الأخرى، الشيء الذي ترتب عليه إضعاف القوة الشرائية للموارد المتاحة من العملات الأجنبية، لأن الجزء الأكبر منها في شكل دولار، وبالتالي تقييد قدرتها على الاستيراد بتلك العملات.وما سيتبعه هذا من انكماش في دعم الواردات من السلع الاستهلاكية أو الإنتاجية. وبتعبير آخر تبقى المدفوعات بالدولار كما هي مقابل أحجام متناقصة من الواردات، وأي انخفاض في الكميات المستوردة له تأثير سلبي على حجم الإنتاج والعمالة في المؤسسات التي تستورد مستلزمات إنتاجها من الخارج.
- النمو الديمغرافي باعتبار أن هذا العنصر يؤثر مباشرة في زيادة حدة البطالة خصوصا إذا كانت الزيادة في عدد الوظائف لا تتناسب ومعدلات النمو السكانية التي تميل إلى الارتفاع في الدول النامية، فقد أدت الزيادة السكانية إلى تزايد العروض من طالبي العمل في سوق العمل الجزائرية، ونظرا لارتباط القضية السكانية بعوامل متباينة يصعب السيطرة عليها لذا اعتبرت من ضمن العوامل الخارجة عن سيطرة الدولة.
- نقص مصادر التمويل لإنعاش وتمويل المشاريع الاقتصادية، وهذا راجع لضعف أداء الجهاز الإنتاجي وضالة الادخار لمختلف الأعوان الاقتصاديين بسبب انخفاض القدرة الشرائية للعائلات، وكذلك بسبب نظام الفوائد المطبقة في البنوك غير الإسلامية والذي لا يشجع على الادخار لأسباب عقائدية تجنبا لكل أنواع الربا، بالإضافة إلى عدم مرونة التعاملات البنكية في بعض الأحيان. وتجدر الإشارة إلى أن من بين أهداف التمويل المحدد من طرف « FMI » في الجزائر لفترة تطبيق برنامج التعديل الهيكلي (95/98): رفع الادخار الوطني لتمويل الاستثمارات بـ:5.5 % من الناتج المحلي الخام وهذا من خلال الحد من نمو الانفاق الجاري.
- أزمة المدفوعات الخارجية التي تعرفها الجزائر والتي تمتد جذورها إلى بداية الثمانينات، رغم تأخر تأثيرها على الاقتصاد الوطني، فقد بدأت تظهر منذ سنة 1986 نتيجة لانهيار أسعار النفط من حوالي 35دولار عام 80-1981 إلى نحو 15دولار في مارس 1986. إضافة إلى مدى تأثير خدمات الديون والشروط القاسية التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية بموجب الإصلاح والإنعاش الاقتصادي، والتي تتميز بارتفاع التكلفة الاجتماعية وما يصاحبها من تسريح جزئي وجماعي للعمال نتيجة لهيكلة الاقتصاد الوطني، وعليه فإن مستويات التشغيل لليد العاملة تكون في تناقص ويرتفع معدل البطالة آليا.
المبحث الخامـــس واقع البطالة وقياسها
المطلب الاول قوة العمل
يشير مفهوم قوة العمل إلى أولئك القادرين من الناحية الصحية والبدنية على العمل وتبلغ أعمارهم سن العمل ذكورا وإناثا، سواء أكانوا ضمن العاملين أو العاطلين. وهذا التعريف يخرج بالطبع جميع الملتحقين بالمراحل الدراسية والقائمين بالأعمال المنزلية وغير القادرين على العمل والمحالين على التقاعد أو غير العاملين ولا يبحثون عن عمل وليس لديهم الاستعداد للعمل.
المطلب الثاني مفهوم التشغيل الكامل
التشغيل الكامل 2 هو نقيض البطالة، بالمفهوم الواسع. ولذلك فإن هدف مكافحة البطالة في بلد نام كالجزائر يتعين أن يكون بناء البنية الاقتصادية والمؤسسية الهادفة لتحقيق التشغيل الكامل.
وعلى وجه التحديد، يعنى التشغيل الكامل، توافر "عمل جيد" لكل من يطلب عملا. عمل منتج، يوظف الفرد فيه قدراته وإمكاناته، ويحقق فيه ذاته، وتتوافر له فيه فرص النمو والتطور، تحت ظروف تكون فيها الكرامة الإنسانية محفوظة، ويكسب منه ما يكفي لتفادي الفقر.
في هذا المنظور، يتضح أن البطالة تعتبر أحد أصناف الفقر، حينما يعرف الفقر حسب تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بمعنى قصور القدرة الإنسانية عن الوفاء بأحقيات البشر في حياة كريمة، وبالتالي ينظر إلى البطالة على أنها أحد أسباب الضعف الاجتماعي وأنها أحد المسببات الأساسية للفقر. حيث القدرة على العمل تعتبر رأس المال ربما الوحيد، أو الأهم، للغالبية العظمى من الأفراد في سن العمل والعطاء. ورغم أن أفقر الفقراء لا يطيقون ترف البطالة السافرة، حيث يتعين عليهم التعلق بعمل ما من أجل البقاء، فإن مستوى الرفاه الناتج عن نوع الأعمال التي يقومون بها، أو ظروف العمل، تكون من التدني بحيث لا يمكن وصفها بأنها أعمال "جيدة"، وتندرج، من ثم، تحت صنف من أصناف البطالة.
وبناء على ذلك، يصبح خلق فرص العمل المنتجة والمكسبة، في المجتمعات التي ينتشر فيها الفقر وتتفاقم بها البطالة وتكون شبكات الحماية الاجتماعية بها نادرة أو معدومة، أهم وسيلة لمكافحة الفقر، والتخلف والانحراف بوجه عام.
المطلب الثالث حجم البطالة ونسبتها:
يتحدد حجم البطالة من خلال احتساب الفارق بين حجم مجموع قوة العمل الجزائرية وحجم مجموع العاملين الجزائريين. أما نسبة البطالة فتحسب بقسمة حجم البطالة على إجمالي قوة العمل من الجزائريين ذكورا وإناثا مضروبا في مائة، وذلك وفقا للمعادلة التالية 7:
] نسبة البطالة = ( عدد العاطلين ) / ( إجمالي القوى العاملة ) 100 [
ومن الأهمية الإشارة إلى أن نتائج المعادلة السابقة ومخرجاتها تتأثر بعاملين رئيسين:
- الأول ذو علاقة بتحديد العمر الزمني المصرح به رسميا لدخول قوة العمل.
- أما العامل الثاني فيتعلق بتحديد فترة الانقطاع عن العمل، التي بموجبها يمكن اعتبار الفرد عاطلا عن العمل.
الخـــاتــــــــــــــــــمــــــــــــــــــــة :
.........................................

يتبع البحث بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش2
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
maidi
 
 
maidi


عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 17/04/2013

بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1   بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Emptyالأربعاء 17 أبريل 2013 - 3:33

Hamykaly كتب:
مقــــــــدمـــــة

البطالة مشكلة اقتصادية، كما هي مشكلة نفسية، واجتماعية، وأمنية، وسياسية. وجيل الشباب هو جيل العمل والانتاج، لأنه جيل القوة والطاقة والمهارة والخبرة. و إن تعطيل تلك الطاقة الجسدية بسبب الفراغ، لاسيما بين الشباب، يؤدي الى أن ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً مسببة له مشاكل كثيرة. وتتحول البطالة في كثير من بلدان العالم الى مشاكل أساسية معقّدة، ربما أطاحت ببعض الحكومات، فحالات التظاهر والعنف والانتقام توجه ضد الحكام وأصحاب رؤوس المال فهم المسؤولون في نظر العاطلين عن مشكلة البطالة. وتؤكد الاحصاءات أنّ هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان، وتخلف أوضاعهم الصحية، و عجزهم عن تحمل مسؤولية اُسرهم. كما تفيد نفس الاحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية، كما لها آثارها على الصحة الجسدية.
المبحث الأول ماهية البطالة.
المطلب الأول تعريف البطالة
لا شك أنه من المنطقي قبل التوصل لإعطاء تعريف شامل للبطالة لابد أولا تحديد مفهوم من هو العاطل عن العمل Unemployed. إن من أهم صفات العاطل أنه لا يعمل. لكن هذا المفهوم يعتبر غير كاف حيث هناك أفراد لا يعملون لأنهم غير قادرين على العمل و بالتالي لا يمكن اعتبارهم عاطلين عن العمل مثل الأطفال و المرضى والعجزة و كبار السن و اللذين أحيلوا على التقاعد و هم الآن يقبضون المعاشات. كما أن هناك بعض الأفراد القادرين على العمل و لكنهم لا يعملون فعلا و مع ذلك لا يجوزاعتبارهم عاطلين لأنهم لا يبحثون عن العمل not seeking work، مثل الطلبة اللذين يدرسون في الثانويات و الجامعات و المعاهد العليا ممن بلغوا سن العمل و لكنهم لا يبحثون عن عمل بل يفضلون تنمية قدراتهم و مهاراتهم بالدراسة، و لهذا لا يصح ادراجهم ضمن العاطلين. كذلك هناك بعض الأفراد القادرين عن العمل لكن لا يبحثون عنه لأنهم أحبطوا تماما discouraged، لأن جهودهم في البحث عن العمل في الفترة الماضية لم تُجْدِ، كما أن الاحصاءات الرسمية لا تدرجهم ضمن العاطلين. و بالمقابل هناك أفراد آخرين قادرين على العمل و لكنهم لا يبحثون عن عمل لأنهم في درجة من الثراء تجعلهم في غنىً عن العمل، فهؤلاء أيضا لا يعتبرون عاطلين.
و من ناحية أخرى هناك بعض الأفراد اللذين يعملون فعلا ، غير أنهم مع ذلك يبحثون عن عمل أفضل و بالتالي لا يمكن ادراجهم ضمن العاطلين. و هكذا نستنتج أنه ليس كل من لا يعمل عاطلا، و في الوقت نفسه ليس كل من يبحث عن عمل يعد ضمن دائرة العاطلين. فحسب الاحصاءات الرسمية فإن العاطل عن العمل يجب أن يكون عمره يتراوح ما بين 15 و 64 عاما و أن يتوفر فيه شرطان أساسيان، و هما :
• أن يكون قادرا على العمل
• أن يبحث عن فرصة للعمل
كما يجمع الاقتصاديون و الخبراء، وحسب توصيات منظمة العمل الدولية على تعريف العاطل بأنه " كل من هو قادر على العمل، و راغب فيه، و يبحث عنه، و يقبله عند مستوى الأجر السائد، و لكن دون جدوى". (1).
المطلب الثاني انواع البطالة
هناك عدة أنواع للبطالة خاصة تلك التي عرفتها البلدان الرأسمالية و التي نذكر منها :
• البطالة الدورية
• البطالة الاحتكاكية
• البطالة الهيكلية
البطالة الدورية
تنتاب النشاط الاقتصادي بجميع متغيراته في الاقتصاديات الرأسمالية فترات صعود و هبوط و التي يتراوح مداها الزمني بين ثلاث و عشر سنين و التي يطلق عليها مصطلح الدورة الاقتصادية Business Cycle و التي لها خاصية التكرار و الدورية. و تنقسم الدورة الاقتصادية بصورة عامة على مرحلتين : مرحلة الرواج أو التوسع Expansion ، و التي من مميزاتها الأساسية اتجاه التوظف نحو التزايد، إلى أن تصل إلى نقطة الذروة Peak أو قمة الرواج، و التي تعتبر نقطة تحول ثم يتجه بعد ذلك النشاط الاقتصادي نحو الهبوط بما في ذلك التوظف، وتسمى هذه المرحلة بمرحلة الانكماش Recession. و تبعا لدورية النشاط الاقتصادي، فإن البطالة المصاحبة لذلك تسمى بالبطالة الدورية.
البطالة الاحتكاكية
تعرف البطالة الاحتكاكية Frictional Unemployment، على أنها تلك البطالة التي تحدث بسبب التنقلات المستمرة للعاملين بين المناطق و المهن المختلفة، و التي تنشأ بسبب نقص المعلومات لدى الباحثين عن العمل، و لدى أصحاب الأعمال اللذين تتوافر لديهم فرص العمل. و بالتالي فإن إنشاء مركز للمعلومات الخاصة بفرص التوظف من شأنه أن يقلل من مدة البحث عن العمل، و يتيح للأفراد الباحثين عن العمل فرصة الاختيار بين الامكانيات المتاحة بسرعة و كفاءة أكثر.
البطالة الهيكلية
يقصد بالبطالة الهيكلية Structural Unemployment، ذلك النوع من التعطل الذي يصيب جانبا من قوة العمل بسبب تغيرات هيكلية تحدث في الاقتصاد الوطني، و التي تؤدي إلى إيجاد حالة من عدم التوافق بين فرص التوظف المتاحة و مؤهلات و خبرات العمال المتعطلين الراغبين في العمل و الباحثين عنه. فهذا النوع من البطالة يمكن أن يحدث نتيجة لانخفاض الطلب عن نوعيات معينة من العمالة، بسبب الكساد الذي لحق بالصناعات التي كانوا يعملون بها، وظهور طلب على نوعيات معينة من المهارات التي تلزم لانتاج سلع معينة لصناعات تزدهر. فالبطالة التي تنجم في هذه الحالة تكون بسبب تغيرات هيكلية طرأت على الطلب.

كما يمكن للتكنولوجيا أن تؤدي إلى بطالة هيكلية. حيث من النتائج المباشرة للتطور التكنولوجي تسريح العمال و بأعداد كبيرة مما يظطرهم للسفر إلى أماكن أخرى بعيدة بحثا عن العمل أو إعادة التدريب لكسب مهارات جديدة. بالاضافة للأسباب السابقة يمكن أن تحدث بطالة بسبب تغير محسوس في قوة العمل و الناتج أساسا عن النمو الديمغرافي و ما ينجم عنه من دخول الشباب و بأعداد كبيرة إلى سوق العمل و ما يترتب عنه من عدم توافق بين مؤهلاتهم و خبراتهم من ناحية، و ما تتطلبه الوظائف المتاحة في السوق من ناحية أخرى.
بالاضافة إلى الأنواع السالفة الذكر للبطالة، هناك تصنيفات أخرى للبطالة مثل :
البطالة السافرة و البطالة المقنعة
يقصد بالبطالة السافرة، حالة التعطل الظاهر التي يعاني منها جزء من قوة العمل المتاحة و التي يمكن أن تكون احتكاكية أو هيكلية أو دورية. و مدتها الزمنية قد تطول أو تقصر بحسب طبيعة نوع البطالة و ظروف الاقتصاد الوطني. و آثارها تكون أقل حدة في الدول المتقدمة منها في الدول النامية. حيث العاطل عن العمل في الدول المتقدمة يحصل على إعانة بطالة و إعانات حكومية أخرى ، في حين تنعدم كل هذه المساعدات بالنسبة للعاطل في الدول النامية.
أما البطالة المقنعة Disguised Unemployment، فهي تمثل تلك الحالة التي يتكدس فيها عدد كبير من العمال بشكل يفوق الحاجة الفعلية للعمل، أي وجود عمالة زائدة و التي لا يؤثر سحبها من دائرة الانتاج على حجم الانتاج، و بالتالي فهي عبارة عن عمالة غير منتجة.
البطالة الاختيارية و البطالة الاجبارية
تشير البطالة الاختيارية Voluntary Unemployment إلى الحالة التي يتعطل فيها العامل بمحض إرادته و ذلك عن طريق تقديم استقالته عن العمل الذي كان يعمل به. إما لعزوفه عن العمل أو لأنه يبحث عن عمل أفضل يوفر له أجرا أعلى و ظروف عمل أحسن، إلى غير ذلك من الأسباب. في كل هذه الحالات قرار التعطل اختياري.
أما في حالة إرغام العامل على التعطل رغم أنه راغب في العمل و قادر عليه و قابل لمستوى الأجر السائد، فهذه الحالة نكون أمام بطالة اجبارية و مثال على ذلك تسريح العمال كالطرد بشكل قسري... و هذا النوع من البطالة يسود بشكل واضح في مراحل الكساد. كما أن البطالة الاجبارية يمكن تأخذ شكل البطالة الاحتكاكية أو الهيكلية.
المبحث الثاني أثــــــار البطـــــــــالـــــــــــــة
تمثل البطالة أحد التحديات الكبرى التي تواجه البلدان العربية لآثارها الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة، ومنذ سنوات والتحذيرات تخرج من هنا وهناك، تدق ناقوس الخطر من العواقب السلبية لهذه المشكلة على الأمن القومي العربي، ومع ذلك فإن معدلات البطالة تتزايد يومًا بعد يوم.
و يمكن تلخيص هذه الآثار في النقاط التالية:
المطلب الاول الآثار النفسية و الاجتماعية.
لا يوجد شيء أثقل على النفس من تجرع مرارة الحاجة والعوز المادي فهي تنال من كرامة الإنسان ومن نظرته لنفسه وعلى الخصوص عندما يكون الفرد مسئولا عن أسرة تعول عليه في تأمين احتياجاتها المعيشية، فعندما تشخص إليك أبصار الأطفال في المطالبة بمستلزمات العيش وترى في نظراتهم البريئة استفسارات كثيرة يقف المرء عاجزا لا يدري كيف يرد عليها وبأي منطق يقنعهم بقبول واقعهم المرير، كيف تشرح لهم أن رب الأسرة عاطل لا عمل لديه ولا يقدر على الاستجابة لرغباتهم والجوع كافر كما هو معروف؟. . . في عالم الأطفال هناك الصفاء والنقاء والعدالة والإحسان وليس الإجحاف وهضم الحقوق، وخصوصا عندما يتعلق ذلك بحق العيش الكريم واللقمة الشريفة دون مذلة مد اليد للآخرين.
وتؤكد الاحصاءات أنّ هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان، وتخلف أوضاعهم الصحية، أو تأخرهم عن الزواج، وانشاء الاُسرة، أو عجزهم عن تحمل مسؤولية اُسرهم. كما تفيد الاحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية، كما لها آثارها على الصحة الجسدية. إنّ نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل يفتقدون تقدير الذات، ويشعرون بالفشل، وأنهم أقل من غيرهم، كما وجد أن نسبة منهم يسيطر عليهم الملل، وأنّ يقظتهم العقلية والجسمية منخفضة، وأنّ البطالة تعيق عملية النمو النفسي بالنسبة للشباب الذين ما زالوا في مرحلة النمو النفسي. كما وجد أن القلق والكآبة وعدم الاستقرار يزداد بين العاطلين، بل ويمتد هذا التأثير النفسي على حالة الزوجات، وأنّ هذه الحالات النفسية تنعكس سلبياً على العلاقة بالزوجة والأبناء، وتزايد المشاكل العائلية. وعند الأشخاص الذين يفتقدون الوازع الديني، يقدم البعض منهم على شرب الخمور و تعاطي المخدرات، بل ووجد أن 69% ممن يقدمون على الانتحار، هم من العاطلين عن العمل. و نتيجة للتوتر النفسي، تزداد نسبة الجريمة، كالقتل والاعتداء، بين هؤلاء العاطلين. بالاضافة إلى ضعف الانتماء للوطن، وكراهية المجتمع، وصولا إلى ممارسة العنف والإرهاب ضده، فضلا عما تمثله البطالة من إهدار للموارد الكبيرة التي استثمرها المجتمع في تعليم هؤلاء الشباب ورعايتهم صحياً واجتماعياً.
المطلب الثاني الآثار الأمنية و السياسية
نلاحظ أحيانا بعض الفئات العاطلة و التي يكون قد نفذ صبرها ولم تعد تؤمن بالوعود والآمال المعطاة لها و هي ترفع شعار التململ والتمرد، و مع ذلك لا يمكن لومها ولكن لا يعني ذلك تشجيعها على المس بممتلكات الوطن وأمنه، ولكن لابد أن نلتمس لهم العذر، فمقابل مرارة ظروفهم هناك شواهد لفئات منغمسة في ترف المادة، ومن الطبيعي أن ينطق لسان حالهم متسائلا أين العدالة الاجتماعية والإنصاف؟ كما أن سياسة العنف المفرط في مقابل حركة العاطلين لا تخلق إلا المزيد من العنف والاضطراب وتفاقم الأزمة . فهناك حاجة إلى التعقل وضبط الموقف والنظر إلى القضايا من منظور واسع وبعين تقصي الأسباب في محاولة لتفهم موقف الآخرين ، حيث أن مبدأ إرساء أركان الحكم الصالح والعدالة الاجتماعية تملي على الجميع تكريس حق إبداء الرأي ورفع راية المطالبات بالوسائل السلمية المشروعة، كما أنها تلزم الأطراف المعنية متمثلة بالحكومة باحترام هذه الحقوق واتساع الصدر للآراء المختلفة، لأن المواطن في نهاية المطاف لا يطالب إلا بحق العيش الكريم والحفاظ على كرامته وإنسانيته في وطنه، وهي من جوهر حقوق المواطن والتي يجب على الحكومة أن تكفلها وتحرص عليها، لا أن تتكالب عليها فتكون هي والقدر مجتمعان على المواطن المستضعف.
المطلب الثالث الآثـار الاقتصـاديـة
إحدى نتائج ظاهرة البطالة زيادة حجم الفقر، الذي يعتبر ـ أيضًا ـ من العوامل المشجعة على الهجرة. ويقول الخبراء بأن مشكلة الهجرة إلى أوروبا تكاد تكون مشكلة اقتصادية بالأساس، فبالرغم من تعدد الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة، إلا أن االدوافع الاقتصادية تأتي في مقدمة هذه الأسباب. ويتضح ذلك من التباين الكبير في المستوى الاقتصادي بين البلدان المصدرة للمهاجرين، والتى تشهد ـ غالبًا ـ افتقارًا إلى عمليات التنمية، وقلة فرص العمل، وانخفاض الأجور ومستويات المعيشة، وما يقابله من ارتفاع مستوى المعيشة، والحاجة إلى الأيدي العاملة في الدول المستقبلة للمهاجرين، حيث تقدر منظمة العمل الدولية حجم الهجرة السرية بما بين 10 - 15% من عدد المهاجرين في العالم.. البالغ عددهم ـ حسب التقديرات الأخيرة للأمم المتحدة ـ حوالي 180 مليون شخص.
أما فيما يتعلق بالآثار الاقتصادية للبطالة على المستوى الكلي فالكل يعرف أن أهم مؤشر في اتجاهات الطلب على العمل هو نموّ الانتاج، و بالتالي فإن تباطؤ النموّ الاقتصادي يعني ارتفاعا في معدّلات البطالة. و هكذا فإن الوضع في المنطقة العربية بصورة عامة و منذ التسعينات تلخص في ضعف أداء الانتاج مقارنة بنمو سريع في القوة العاملة. كما تبين الاحصائيات أن النمو في القوة العاملة قد فاق الزيادة التي طرأت على فرص التوظيف في المنطقة العربية.
المبحث الثالث البطالة في الفكر الإقتصادي وسبل علاجها
المطلب الاول النظرية الاقتصادية و مفهوم البطالة
تعتبرالبطالة من أهم التحديات التي واجهت و تواجه اقتصاديات العالم لكونها مشكلة ذات أبعاد تاريخيـة وجغرافية بمقدارارتباطها بمراحل التطورالاقتصادي. وقد حظي هذا الموضوع باهتمام المفكرين الاقتصادييـن على اختلاف مذاهبهم و أفكارهم من فترة زمنية إلى أخرى. ولعّل تنوع أشكال البطالة هو أحـد العناصـر المفسرة لتعدد التحاليل حول فهمها وتفسيرها،وسوف يتم عرض أهم هذه الأفكار بشيء من الإيجاز فيما يلي :
أ- البطالة عند الكلاسيك : يركز الكلاسيك في تحليلهم على المدى الطويل ،حيث يربطون البطالة بالمشكلة السكانية وبتراكم رأس المال والنموالاقتصادي والطاقات الإنتاجية للاقتصاد. كما يرتكزاهتمامهم بالبعد الاجتماعي والسياسي للظاهرة الاقتصادية، إذ يؤمن الكلاسيك بمبدأ التوازن العام، الذي يعنى أن "كل عرض سلعي يخلق الطلب المساوي له " ، أوما يسمى بقانون المنافذ عند "ساي".
فالتبادل في التحليل الكلاسيكي يكون على أساس المقايضة ولا مكان للنقود فيه، بمعنى آخـر: تسـاوي الادخار والاستثمار واستحالة حدوث البطالة على نطاق واسع ، ذلك أن التوازن الاقتصادي هو توازن التوظيـف الكامل.
في حين أن البطالة التقليدية تنشأ عن عدم كفاية عرض السلع لكون إنتاج المؤسسات اقـل مـن الطلـب نتيجـة لانخفاض معدلات الأرباح بسبب إرتفاع الأجور، وهو ما يعني أن القائمين على خطط الاستثمارسوف لن يرفعون من مستوى استثماراتهم القادرة على زيادة التشغيل تجنبا لتضخيم التكاليف ،و تعزى البطالة أيضا في نظر الكلاسيك إلى العمل الخاطئ لسوق العمل ، وفي حالة وجودهـا فـان آليـة الأجور كفيلة باستيعاب اليد العاملة العاطلة، ذلك أن تخفيض هذه الأخيرة سيرفع مستوى الأرباح، وهوما يشكل حافزا لزيادة الاستثمار وبالتالي رفع مستوى التشغيل، خصوصا في ظل التنافس على منصب العمل والقبـول بمستوى الأجور السائدة. نستنتج من ذلك أن الأجورهي عامل أساسي في آليات سوق العمل، إذ أنها تؤثرعلى عرض وطلب العمل في آن واحد .
ب‌- البطالة عند النيوكلاسيك : لقد اعتمد تحليل النيوكلاسيك على نظرية "التوازن العام" الذي يتحقق في سوق السلع والخدمات وسوق العمل نتيجة لإرتباط حجم العمالة بالعرض والطلب على العمل. ويرتكزهذا التحليل على بعض الفرضيات المستمدة من شروط المنافسة التامة (السوق الحرة) ومن أهمها: تجانس وحدات العمل، حرية تنقل اليد العاملة ودورالمنافسة في شراء وبيع قوة العمل مثل: بيع وشراء السلع وأن حجم اليد العاملة مرتبط بعرض وطلب العمل في السوق.
ومهما يكن من أمر فإن النظرية النيوكلاسيكية افترضت حالة التوظيف التام، ولم تولي للبطالة اهتمامـا كبيرا بسبب تبنيها لقانون "ساي" للأسواق، كما أن فرضية وجود المنافسة التامة لا تتحقق في الواقع، إضافـة إلى أنها اعتبرت أن التغير التكنولوجي هو متغير خارجي يتطوربشكل منعزل عن مستوى التطور الاقتصادي، لكن الواقع يثبت عكس ذلك إذ أن استخدام التكنولوجيا هو أحد العوامل الأساسية للإنتاج لأنه يرفع من حجمـه بأقل التكاليف ، و بالتالي فإن تشغيل الآلات قد يؤثر على حجم العمالة إذ تحل الآلـة محل العامل في أحيان كثيرة.
ج‌- البطالة في الفكر الماركسي: ينتقد الفكر الماركسي النظام الرأسمالي الذي يجزم بأن البطالة هي حالة عرضية، و نادرة الوقوع بسبب وجود آلية السوق التي تعيد التوازن بشكل تلقائي عن طريق تفاعل قوى العرض والطلب، وكل بطالـة هـي ناتجة عن: الزيادة الهامة في حجم السكان كنتيجة حتمية للتطورات التقنية progrès techniques) (les.
أما بالنسبة للماركسيين فإن الأزمات ماهي إلا مظهر من مظاهر نقص الاستهلاك لدى الطبقة العاملة، لأن قيمة الأجور لا تتساوى وقيمة الإنتاج. أي أن الرأسمالية تنتج أكثر مما تدفع من أجور ومما يزيـد الأزمـة تفاقما هو" أن تعمد الرأسمالية بفضل قانون الارتفاع المستمر في التركيب العضوي لرأس المـال (C/V) إلى إحلال الآلات محل اليد العاملة، فتلقي بالعمال إلى البطالة، مما يعني فقدان العامل لقوة شرائه " . وعليه فإن "البطالة هي نتيجة لزيادة إنتاجية العمل في الأنظمة الرأسمالية للتراكم" . أما بالنسبة لحجـم التشغيـل فإنه يرتبط أساسا بمعدل الربح الذي يحققه أرباب العمل، إذ أنهم يحولون دون إنخفاضه من خلال زيادة إنتاجهم الشيئ الذي يؤدي إلى فائض في الإنتاج ، خاصة أن التقدم التقني يتطلب رأسمال أكثر يأكل الجزء المخصـص للأجور. وبالتالي فإن العمال سوف يستمرون في إنتاج رأس المال وتحقيق تراكمه، بمعنى أنهم ينتجون بأنفسهم أداة إحالتهم للبطالة.
د-تفسير البطالة عند المدرسة الكينزية: يتحقق التوازن عند الكينزيين نتيجة للتوازن في سوق السلع والخدمات، وسوق النقد في آن واحد اذ أن الطلب على العمل دالة متناقصة بدلالة الدخل، وأن تعظيم الأرباح يتطلب تساوي الإنتاجية الحديـة للعمـل مع معدل الأجر الحقيقي. أي أن انخفاض معدل الأجورالحقيقية يمكن أن يتيح ارتفاعا في الطلـب علـى العمـل وبالتالي حجم العمالة، أماعرض العمل فإنه مرتبط بمعدل الأجر الاسمي (W)، لأن العمال يقعون في فخ الوهم النقدي، حيث يعتبرون أن كل زيادة في الأجر الاسمي هي زيادة فعلية في مداخيلهم بسبب جهلهـم لمستـوى الأسعار. وقد وجد كينز أن تطور الرأسمالية يصطدم بتناقضات حادة لا يمكن أن تزول عفويا مثل البطالة الجماهيرية المتزايدة، وعدم كفاية الطلب على البضائع ،مما يؤدي إلى عدم تطابقه مع العرض آليا.
من ناحية أخرى، يرفض كينز آلية الأجور كسبب للبطالة، لأن انخفاضها سيؤدي إلى انخفـاض دخل العمال. وبالتالي انخفاض الطلب على السلع مما يعقد مشكلة تصريف السلع بالأسواق. وعليه فإن سر وجـود البطالة يكمن فيما يلي: لقد لاحظ كينز أن حالة التوظيف الكامل ما هي إلا حالة خاصة جدا، وأن الطلب الكلي الفعال هوالمحدد للعرض الكلي، ومن أجل زيادة تشغيل العمال يجب رفع حجم هذا الطلب، والذي بدوره ينقسم إلى طلب على السلع الاستهلاكية وطلب على السلع الاستثمارية .
فالكلاسيك و النيوكلاسيك ينظران إلى الادخار والاستثمار أنهما وجهان لعملة واحدة والتعادل بينهمـا أمـر بديهي. أما كينز فقد أدخل العوامل المؤثرة عليهما، وبالتالي فإن كل اختـلال بينهمـا يـؤدي إلـى حـدوث الاضطرابات في دورة الدخل القومي مع احتمال وقوع الكساد، وفي حالة افتراض أن حجم الادخار أكبـر من حجم الاستثمار، فإن الطلب الكلي الفعال سيقل عن العرض الكلي و بالتالي يتزايد مخزون السلع و يتراكم، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار الذي ينتج عنه انخفاض في الأرباح وفي الناتج، وبالتالي تتزايد الطاقة العاطلة وتحـدث بطالة، الشيء الذي يؤدي إلى انخفاض الدخل الوطني .
أما في حالة ما إذا كان حجم الاستثمار أكبر من حجم الادخار فإن الطلب الكلي الفعال سيكون أكبر من العرض الكلي، وعليه سوف ينخفض مستوى مخزون السلع ، و تتزايد المبيعات ، وترتفع الأسعار والأرباح،وإذا كانت هناك طاقات إنتاجية عاطلة سوف يلجأ المنتجون لتشغيلها وهذا الانتعاش في الاستثمار يؤدي إلى زيادة في تشغيل عدد العمال وبالتالي تقل البطالة ولرفع مستوى الاستثمارات يرى كينز ضرورة تدخل الدولة من خلال سياسة استثمارية عامة لتعويض نقص الاستثمارات في القطاع الخاص، ويرى أيضا أن نقص الاستخدام ليس عارضا، بل ممكنا وغالب الوقوع، وبالتالي يجب استبدال آلية الدخل بالأسعار لأن المستثمرين هم الذين يتوقعون الطلب الحقيقي، و يقررون بناء توقعاتهم فيما يخص حجم الإنتاج واليد العاملة الضروريـة للوصول إلى مستوى التوظيف الكامل كما يجب، من خلال النقاط الثلاثة التالية :
- توظيف كل المدخرات في شكل مشاريع تتيح فرص عمل جديدة،
- إتاحة الفرصة للمدخرين لاستثمار أموالهم في المشاريع،
- التضحية بالاستقرار النقدي وموازنة الدولة في بادئ الأمر، لاعطاء عمل للعاطلين دون التمييز بيـن طبيعة العمل إذا كان منتجا أم لا .
وفي هذا الصدد يقترح كينز أن يشغل العمال أوقاتهم في أعمال بغض النظر عن مردوديتها إذ أن المهـم حسب رأيه هو أن يتلقوا مدا خيل مقابل ذلك، لتمكينهم من الاستهـلاك الـذي يضمـن تصريـف ما تنتجـه المؤسسات، إذ يقول كينز: " إن من الأفضل أن يدفع للعمال لقاء حفرهم خنادق في الأرض، وردمهـا من أن يبقوا بدون عمل" . لأن الدخل الذي سوف يتم توزيعه علىالعاطلين يرفع من مستـوى استهلاكهـم، ويحفـز المستثمرين على توسيع مشاريعهم وطلب يد عاملة إضافية لان الدخل كفيل بتعويض الخلل الواقع في البداية أي التضخم حسب كينز. وعليه فان البطالة الكينزية هي نتيجة لعدم كفاية الطلب الكلي، وبالتالي فإن أرباب العمل في مواجهة مع قيد التوظيف (Contrainte de débouche ).
وإذا كان كينز قد أوضح أثر نمو الاستثمارعلى الدخل، فإن الكينزيين الجدد حاولوا تجديد معدل النمو الضروري الذي يجب أن يتحقق حتى يمكن تجنب البطالة والوصول إلى مستوى التوظيف الكامل للطاقـات الإنتاجية والموارد البشرية، انطلاقا من نماذج النموالكينزية مثل: نموذج هارود، كالدور، جـون روبنسون، وغيرهم، والتي استخدمت أدوات التحليل الرياضي في بناء و تحليل هذه النماذج، مع إعطائهم البعـد الزمني أهمية خاصة في تحليل الظواهر الاقتصادية. وبالتالي فالإشكالية المطروحة هي: " البحث عن المعدل الذي يتعين أن ينمو به الدخل على المدى الطويل للمحافظة على التوظيف الكامل وتجنبالبطالة والكساد".
هـ - تفسير البطالة وفقا لمنحنى فيلبس : يرتكز اهتمام فيلبس على دراسة وتحليل سوق العمل في الاقتصاد الإنجليزي من خـلال دراسـته الإحصائية للمجتمع البريطاني من 1861 حتى 1957، حيث كشف وجود علاقة إحصائية قويـة بيـن نسبـة العاطلين إلى إجمالي السكان، ومعدل التغييرفي أجرالساعة للعامل خلال مدة زمنية معينة، بمعنـى أن الفتـرة التي تقل فيها معدلات البطالة ترتفع عندها الأجور النقدية و العكس صحيح، أو بمعنى آخـر وجـود معـدل ضعيف من البطالة يتناسب مع ارتفاع سريع في الأجور الاسمية و العكس بالعكس.
وعلى هذا الأساس تم التوصل إلى وجود دالة متناقصة بين المؤشرين وهو ما يعني " وجـود علاقة تجريبية عكسية بين معدل ارتفاع الأجر الاسمي ومعدل البطالة".
وقد ساهمت أبحاث كل من ر.ليبسي- -R.Lipsey 1960 وبـول سامويلسـون P. Samuelson. وسولو R.M-Solow بتطويرهذه الفكرة، إذ أمكن التوصل إلى وجود علاقة عكسية بين معدل التضخم ومعدل البطالة، وهوما يفسره منحنى فيليبس. الذي يمكن من خلاله استخلاص مايلي:
- أن ثمن خفض معدل البطالة هو ثمـن ذلك قبول معدل أعلى للتضخم.
وعلى هذا الأساس أصبحت معظم البرامج الاقتصادية للدول الصناعية تختـار النقطة التي تفضلها على منحنى فيلبس وما تشير إليه من معدل معين للبطالة ومعدل معين للتضخم، وتقوم بعد ذلك باختيار السياسة النقدية والمالية التي تحدد الطلب الذي يضمن تحقيق هذين المعدلين المرغوب فيهما.
لكن ومع بداية السبعينيات لوحظ أن المستوى العام للأسعار ظل يتجه نحو الارتفاع المستمر، في الوقت الذي تتزايد فيه معدلات البطالة. الشيء الذي شكل انتقادات لاذعة لهذا المنحنى وقصوره على تفسير تزامـن البطالة والتضخم معا أوما يسمى بالركود التضخمي (Stagflation) .
و‌- تفسير البطالة في النظريات النقدية: يفسر هذا التيار البطالة الدورية من خلال العوامل النقدية البحتة، وأن علاجها يكمن في استخـدام أدوات السياسة النقدية، ويضم هذا التيار مجموعة من المفكرين أمثال: هوتري (Howtrey)، فيكسل (Wiskell) من مدرسة شيكاغو. بإعطائهم للنقود أهمية بالغة في النشاط الاقتصادي، وأن كل التقلبات التي يعرفهـا الاقتصـاد ناتجة عن تغير عرض النقود. كما أن زيادة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية على النحو الذي شل من كفاءة آلية الأسعارفي سوق العمل، يعتبر من بين العوامل المفسرة للبطالة في نظرهم.
ويؤكدون على أن تعطيل زيادة إعانات البطالة تعطل من فاعلية سوق العمل، لأن العمال المستفيدين منها لا يبحثون عن العمل بجديـة.
و بالتالي فالبطالة في نظرهم اختيارية ولا مكانة للبطالة الإجبارية في تحاليلهم ويرون أن مواجهة البطالة يكمـن في: "عدم تدخل الحكومات لحل هذه المشكلة وتركها لكي تحل نفسها بنفسها عبر آليات السوق" يرى فريدمان أنه لا يوجد منحنى فيلبس في شكله التقليدي إلا في الأجل القصير، أما في الأجل الطويل فإن هذا المنحنى يأخذ شكلا مستقيما عموديا يحدد معدل بطالة طبيعية، ويميز عدم كفاية السياسة الاقتصاديـة لمحاربة البطالة إلا في الأجل القصير.
ح- تفسير البطالةوفقا لظرية رأس المال البشري: من مؤسسيها Beher,Shultخلال الستينيات وبالتحديد في 1964. اذ يفسر اختيار الوظيفة على أساس الفوائد التي يجنيها العامل من وراءها قصد تحسين إنتاجيته والاستفادة من أكبر دخل ممكن، وبالتالي سيضحي الأفراد بالوقت الضروري للتكوين من أجل رفع قدراتهم و مؤهلاتهم، باعتبار أن سوق العمل يبحث عن اليد العاملة المؤهلة. وعليه فإن الاهتمام يرتكز على الوظيفة وليس بمن يشرفون عليها.
ط-تفسير البطالة وفقا لنظرية تجزئة سوق العمل : ترتكز هذه النظرية التي ظهرت على يد D.B Doernberg , M.Piore ، في دراسة ميدانية لسوق العمل الأمريكية خلال الستينيات، التي تفسر أن قوة العمل الأمريكية تتعرض لنوع من التجزئة علـى أسـاس العرق والنوع والسن والمستوى التعليمي. وتهدف النظرية الى تفسير ارتفاع البطالة، والكشـف عن أسبـاب ارتفاعها في قطاعات معينة ووجود ندرة في عنصر العمل في قطاعات أخرى. وعلى هذا الأساس تميز النظرية بين خمسة أنواع من أسواق العمل وهي: السوق الداخلية، السوق الخارجية ، السوق الأولية، السوق الثانوية، و السوق الرئيسية.
ي- نظرية البطالة الهيكلية : ظهرت هذه النظرية لتفسير معدلات البطالة المرتفعة في السبعينيات وزيادة التطورالتقني الـذي طـرأ على الصناعة، فقد تعرضت بعض الفئات من العمال لظاهرة التعطل بسبب عدم قدرتها على التوافـق مـع الأساليب ، الحديثة في الفنون الإنتاجية. في حين ظهر فائض في فرص العمـل في أعمـال و مهـن أخـرى. وقد فسرت النظرية عدم التوافق بين فرص العمل المتاحة والمتعطلين بمجموعة من الأسباب أهمها: عدم القدرة على الانتقال بمرونة من مكان لآخر، الاعتبارات الشخصية في تفضيل العمال ، و عدم توفير فرص تدريب مناسبة للعمال حتى يتمكنوا من القيام بأعمال جديدة.
ز-نظرية اختلال التوازن : ظهرت على يد الاقتصادي الفرنسي E.Malinvand، كمحاولة لتفسير معدلات البطالة المرتفعة في الدول الصناعية خلال فترة السبعينيات. ويرتكز تحليله للبطالة على سوقين اثنين هما: سوق السلع و سوق العمل. وتبني هذه النظرية فرض جمود الأسعار والأجورفي الأجل القصير، ويرجع ذلك الى عجزهما عن التغير بالسرعة الكافية لتحقيق التوازن المنشود. ونتيجة لذلك يتعرض سوق العمل لحالة الاختلال متمثلة في وجود فائض في عرض العمل عن الطلب، مما يقود إلى البطالة الاجبارية.
و لا تقتصر النظرية على البحث عن أسباب البطالة في اطار دراسة سوق العمل، وانما تسعى أيضا لتحليلها من خلال دراسة العلاقة بين سوق العمل وسوق السلع.اذ يمكن أن ينتج عنه نوعين من البطالة هما:
النوع الأول و يتميز بوجود فائض في عرض العمل عن الطلب عليه، ويترتب على ذلك عدم قيام أصحاب العمل أو رجال الأعمال بتشغيل عمالة اضافية لوجود فائض في الانتاج لا يمكنه وهو ما يتطابق مع التحلـيل الكينزي.
و النوع الثاني في هذه الحالة تقترن البطالة في سوق العمل بوجود نقص في العرض من السلـع عن الطلب عليها، وتكون أسباب البطالة في ارتفاع معدل الأجور الحقيقية للعمال، مما يدفع المستخدمبن الى عـدم زيادة كل من عرض السلع ومستوى التشغيل بسبب انخفاض ربحية الاستثمارات، وهو ما يتطابـق مع التحليـل الكلاسيكي.
المطلب الثاني علاج البطالة في الفكر الاقتصادي:
‌أ. المدرسة التقليديةترى أن الدورة الاقتصادية لا تعدو إلا أن تكون مجرد ظاهرة نقديـة بحتـة. اذ تعـود التقلبات في مستوى النشاط الاقتصادي الى درجات التوسع والانكماش في المعروض من النقود ووسائل الدفع عموما( التسهيلات الائتمانية). وعلى اعتبار أن البطالةالسائدة تكون اختيارية أو احتكاكية، فان الأجور كفيلـة برفع الكمية المعروضة من العمل مقارنة بتلك المطلوبة للوصول الى مستوى التشغيل الكامل.
‌ب. المدرسة السيكولوجية إن حدوث التقلبات الدورية في مستوى النشاط الاقتصادي سببهـا التقلبـات التي تطرأ على سيكولوجية فئة المنظمين والمستثمرين، من خلال التوقعات حـول آفـاق الربحيـة لفـرص الاستثمار المربحة والمتاحة، ذات الأثر الايجابي على احداث مناصب الشغل.
‌ج. مدرسة قصور الاستهلاك: ترجع هذه المدرسة حالة الانكماش والركود الاقتصادي إلى انكماش حجم الطلب الكلي الفعال في المجتمع، ويرجعون ذلك لضعف القدرة الشرائية لدى الفئات الأجرية ومحدودىالدخل، نتيجة لسوء توزيع المداخيل بين الفئات المختلفة، وهو ما يؤدي الى انكماش في حجم الطلب الكلي الفعال في المجتمع لما لذلك من أثر على حالة الانكماش والركود .
‌د. مدرسة المغالاة في الاستثمار : ترى أن التوسع المفرط في الاستثمار لبعض الأنشطة والصناعة بدرجة أكثر تبرره الاحتياجات واعتبارات التناسق بين الأنشطة المختلفة للاقتصاد، سوف تدفع به ان آجلا أو عاجلا نحو الركود الاقتصادي، كما يمكن أن تحدث التقلبات الاقتصادية للعملية الانتاجية بسبب الاختراعات والاكتشافات الجديدة أوفتح أو فقدان أسواق جديدة .
هـ- مدرسة شيكاغو : ركزت على ضرورة الوصول إلى الاستقرار النقدي الذي يتحقق بوجود تـوازن بين نسبة التغير في كمية النقود وبين حجم الناتج الحقيقي. ويرجعون مصدر الإفراط في عرض النقـود إلى عجز ميزانية الدولة، والتي يتوجب عليها القضاء عليه تفاديا لكل نفقات إضافية مثـل: مدفوعـات الحمايـة الاجتماعية مما قد يجبر العمال على قبول الأعمال التي كانوا يرفضونها بسبب الإعانات المقدمـة للبطاليـن.
وللتأثير على حجم البطالة يقترح رواد هذه المدرسة أن تكتفي الدولة بوظائفها التقليدية دون البحث عن تحقيق التوظيف الكامل. وأن يتم إطلاق آليات السوق تعمل عملها لاستعادة التوازنات المفقودة خاصة في سوق العمل.
و- مدرسة اقتصاديات العرض : ترجع البطالة إلى نقص قوى العرض وليس قوى الطلب ،كما فسر ذلك الكينزيون، وترى أن الخروج من مأزق البطالة يتم بدفع حركة الاستثمارات والعمل على إنعاش الحوافـز التي من شأنها أن تزيد من قوى الادخار والاستثمار ومن أجل رفع مستوى الادخارات فقد اقترحوا تخفيض معـدلات الضرائب. إلا أن هذا الطرح يعني تفاقم عجز ميزانية الدولة بسبب انخفاض إيراداتها، وسوف لن يكون له أثـر علـى خفض معدلات البطالة، بدليل البرنامج الذي طبقه الرئيس الأمريكي – ريغان- أثناء عهدته الرئاسية.
‌ح. مدرسة التوقعات الرشيدة :اعتمدت هذه المدرسة على النظرة المستقبلية لسير النشاط الاقتصـادي على اعتبار أن البطالةفي تحاليلهم اختيارية ، كون آليات سوق العمل تتكيف بسرعة مع كل اختلالات التوازن التي قد تحدث به ( على أن تكون الأسعار والأجور مرنة، وأن تتوفر كافة المعلومات لبناء التوقعات المستقبلية). فإذا أرادت الدولة رفع معدلات النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات دعم الطلب الكلـي عن طريق زيادة كمية النقود المتداولة فان الأفراد سوف يتنبئون بحدوث التضخم، و سيطالبون برفع الأجور، مما يعني ارتفاع التكاليف ومنه ارتفاع الأسعارالتي قد يعجز المستهلك على تحملها، فتسعى المؤسسات إلـى خفـض تكاليفهـا بالتأثيرعلى اليد العاملة(تسريح العمال )، وعليه فإن هذه السياسة غير فاعلة.
أما إذا أرادت الدولة محاربة التضخم من خلال تطبيق سياسة انكماشية، سيؤدي ذلك إلى بطء الإنتاج وزيادة معدلات البطالةولتفادي ذلك فإنه يجب أن يكون هناك استقرار في السياسة الحكومية أولا، ثم ثانيـا تقييد دور الدولة في الحياة الاقتصادية وترك الحرية الاقتصادية والمنافسة التامة وآليات السوق تعمـل عملهـا بكل شفافية، مع ضمان المرونة في الأجور والأسعار تبعا لحالات الأسواق .
‌ط. المدرسة المؤسستية : اختلفت في رؤيتها للبطالة، اذ انتقدت التحليل النيوكلاسيكي من حيث الفروض، أو منهج التحليل وحتى النتائج المتوصل اليها. فلم تعد البطالة أزمة كم بل أزمة كيف ولا يمكن حلها بزيادة الطلب الكلي الفعال، خاصة في ظل تزايد الثورة التكنولوجية التي أدت إلى تخفيض الطلب علـى الأيدي العاملة، نتيجة لما حدث من اعادة هيكلة للعمل( اختفاء العديد من المهن والوظائف بلا رجعة) .
ويرى عدد من مفكري هذه المدرسة أن الخروج من أزمة البطالة سيكون من خلال التوسع في مجال الخدمات الإنسانية مثل: الخدمات الصحية رعاية المسنين، الترويج والسياحة، الأمن الشخصي ... الخ.
‌ي. المدرسة الكينزية الحديثة: يرىأنصارهذه المدرسة أن علاج البطالة يكمـن في زيادة معدلات النمو الاقتصادي، حتى ولو كان ذلك بزيادة معدلات التضخم، قصد الانتقـال مـن مرحلـة الركود إلى مرحة الانتعاش،الذي يتطلب موارد مالية كبيرة يمكن توفير جزءا كبيرا منها عن طريق المدخرات الوطنية والتراكم والإنتاجية. وبما أن احتياجات سوق العمل تتطلب أيدى عاملة مؤهلة، فإنهم يقترحون إجراء دورات وبرامج تدريبية وتكوينية لكي تتكيف مع هذه المتطلبات، ويقترحون أيضا الرجوع إلى سياسة الأشغال العامة الكبـرى التي من شأنها خلق فرص عمل أكثر وبالتالي الرفع من مستوى التوظيف والدخل.
‌ك. وجهة نظر الخبراء والمنظمات الدولية :
يشير خبراء منظمة العمل الدولية وعدد من الاقتصاديين إلى:
- ضرورة انتهاج سياسة اقتصادية تهدف إلـى رفـع معدلات النمو الاقتصادي. و خفض تكلفة العمل الذي يرتبط أساسا بتكاليف الإنتاج، حيث تشكل الأجور الجانب الأساسي منها. مع تعديل ظروف سوق العمل بإلغاء قوانين الحد الأدنى للأجور وتعديل نظام إعانات البطالة والضمان الاجتماعي بالشكل الذي يجعل المداخيل التعويضية متوازنة مـع الحاجة إلى تحفيز ميول العمال نحو العمل.
- إلزامية التوسع في سياسة التدريب للعاطلين لتنمية مؤهلاتهم ومهاراتهم بما يتلاءم ومتطلبات أسواق العمـل والتكنولوجيات الحديثة. تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومشاريع القطاع غيرالرسمي وتذليل العقبات التـي تواجههـا لضمان وصولها إلى الأسواق الوطنية والعالمية مثل: تسهيل حصولها على الائتمان، نقل التكنولوجيات الحديثة إليها وتوفير المعلومات التي تحتاجها لاداء مهامها، الامتيازات الضريبية... الخ.
- تشجيع التقاعد المبكر لتوفير فرص عمل جديدة خلفا للذين أحيلوا إلى التقاعد.
- تطوير نظام المعلومات المتعلقة بأسواق العمل في الإستثمار، وتداولها بأقل تكلفة ممكنة، لتمكيـن طالبـي العمـل والعارضين له من الالتقاء في أسرع وقت بالنظر إلى حاجة المستثمر ومؤهلات العمال.
ويظل الاقتراح الذي ينادي بفكرة تقسيم الأعمال أكثرها انتشارا، حيث يتم بموجبها توزيع حجم العمل على عدد أكبر من العمال مما يؤدي إلى: احتفاظ العمال المشتغلين فعلا بوظائفهم، وإتاحة فرص تشغيل إضافية جديدة. وذلك من خلال تخفيض ساعات العمل والأجور، فبدل أن يعمل العمال خمسة أيام في الأسبوع، فانه سيخفض أسبوع العمل إلى أربعة أيام مقابل خفض الأجور وبالتالي يمكن تقاسـم الأعمال المتاحة لمزيد من العمال.
المبحث الرابع أسباب البطالة في الجزائر وطرق معالجتها
المطلب الأول أسباب البطالة :
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى تفشي البطالة ونقص التشغيل في أوساط الفئة النشيطة، خاصة عنصر الشباب بغض النظر عن مؤهلاتهم ومستوياتهم التعليمية والتكوينية، ويمكن أن نجمع هذه الأسباب في نقطتين:
تشمل الأولى العوامل الخارجة عن سيطرة الحكومة وهي تلك التي لا تعتبر الحكومة مسؤولة عنها مسؤولية مباشرة، أما الثانية فتتناول من خلالها الأسباب التي تدخل في نطاق سيطرة الحكومة بصفة مباشرة أو غير مباشرة، اعتمادا على ما يلي:
أهم العوامل الخارجة عن سيطرة الحكومة:
لعل من بين العوامل التي تقف وراء هذه الأسباب مايلي:
- باعتبار أن عددا كبيرا من الدول النامية تعتمد في صادراتها الخارجية عن المحروقات التي تشكل الجزء الأكبر منها، وبالتالي فإن إيراداتها من العملة الصعبة مرتبطة بشكل أساسي بعائداتها. وبما أنه يصعب التحكم بأسعارها بالرغم من مجهودات منظمة الأوبيك التي تعتبر الجزائر أحد أعضائها، ترتب عن ذلك انكماش الاقتصاد الجزائري بشكل خاص والدول المصدرة للنفط بصفة عامة بداية من النصف الثاني من الثمانينات، الشيء الذي أدى إلى انخفاض النمو الاقتصادي سبب تراجع المصدر الأساسي للدخل الوطني، مما أثر سلبا على النشاط الاقتصادي و فرص التوظيف بالتبعية، وقد كان من الطبيعي أن يؤثر ذلك عكسا على حجم تجارتهاالخارجية، ومن المعروف أيضا أن انخفاض حصيلة الصادرات يكون له آثار انكماشية مضاعفة على مستويات الدخل والعمالة خاصة في قطاعات التصدير والأنشطة المرتبطة بها.
- تخفيض سعر صرف الدولار الأمريكي في مواجهة العملات الأخرى، الشيء الذي ترتب عليه اضعاف القوة الشرائية للموارد المتاحة من العملات الأجنبية، لأن الجزء الأكبر منها في شكل دولار، وبالتالي تقييد قدرتها على الاستيراد بتلك العملات.
- تخفيض سعر صرف الدولار الأمريكي في مواجهة العملات الأخرى، الشيء الذي ترتب عليه إضعاف القوة الشرائية للموارد المتاحة من العملات الأجنبية، لأن الجزء الأكبر منها في شكل دولار، وبالتالي تقييد قدرتها على الاستيراد بتلك العملات.وما سيتبعه هذا من انكماش في دعم الواردات من السلع الاستهلاكية أو الإنتاجية. وبتعبير آخر تبقى المدفوعات بالدولار كما هي مقابل أحجام متناقصة من الواردات، وأي انخفاض في الكميات المستوردة له تأثير سلبي على حجم الإنتاج والعمالة في المؤسسات التي تستورد مستلزمات إنتاجها من الخارج.
- النمو الديمغرافي باعتبار أن هذا العنصر يؤثر مباشرة في زيادة حدة البطالة خصوصا إذا كانت الزيادة في عدد الوظائف لا تتناسب ومعدلات النمو السكانية التي تميل إلى الارتفاع في الدول النامية، فقد أدت الزيادة السكانية إلى تزايد العروض من طالبي العمل في سوق العمل الجزائرية، ونظرا لارتباط القضية السكانية بعوامل متباينة يصعب السيطرة عليها لذا اعتبرت من ضمن العوامل الخارجة عن سيطرة الدولة.
- نقص مصادر التمويل لإنعاش وتمويل المشاريع الاقتصادية، وهذا راجع لضعف أداء الجهاز الإنتاجي وضالة الادخار لمختلف الأعوان الاقتصاديين بسبب انخفاض القدرة الشرائية للعائلات، وكذلك بسبب نظام الفوائد المطبقة في البنوك غير الإسلامية والذي لا يشجع على الادخار لأسباب عقائدية تجنبا لكل أنواع الربا، بالإضافة إلى عدم مرونة التعاملات البنكية في بعض الأحيان. وتجدر الإشارة إلى أن من بين أهداف التمويل المحدد من طرف « FMI » في الجزائر لفترة تطبيق برنامج التعديل الهيكلي (95/98): رفع الادخار الوطني لتمويل الاستثمارات بـ:5.5 % من الناتج المحلي الخام وهذا من خلال الحد من نمو الانفاق الجاري.
- أزمة المدفوعات الخارجية التي تعرفها الجزائر والتي تمتد جذورها إلى بداية الثمانينات، رغم تأخر تأثيرها على الاقتصاد الوطني، فقد بدأت تظهر منذ سنة 1986 نتيجة لانهيار أسعار النفط من حوالي 35دولار عام 80-1981 إلى نحو 15دولار في مارس 1986. إضافة إلى مدى تأثير خدمات الديون والشروط القاسية التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية بموجب الإصلاح والإنعاش الاقتصادي، والتي تتميز بارتفاع التكلفة الاجتماعية وما يصاحبها من تسريح جزئي وجماعي للعمال نتيجة لهيكلة الاقتصاد الوطني، وعليه فإن مستويات التشغيل لليد العاملة تكون في تناقص ويرتفع معدل البطالة آليا.
المبحث الخامـــس واقع البطالة وقياسها
المطلب الاول قوة العمل
يشير مفهوم قوة العمل إلى أولئك القادرين من الناحية الصحية والبدنية على العمل وتبلغ أعمارهم سن العمل ذكورا وإناثا، سواء أكانوا ضمن العاملين أو العاطلين. وهذا التعريف يخرج بالطبع جميع الملتحقين بالمراحل الدراسية والقائمين بالأعمال المنزلية وغير القادرين على العمل والمحالين على التقاعد أو غير العاملين ولا يبحثون عن عمل وليس لديهم الاستعداد للعمل.
المطلب الثاني مفهوم التشغيل الكامل
التشغيل الكامل 2 هو نقيض البطالة، بالمفهوم الواسع. ولذلك فإن هدف مكافحة البطالة في بلد نام كالجزائر يتعين أن يكون بناء البنية الاقتصادية والمؤسسية الهادفة لتحقيق التشغيل الكامل.
وعلى وجه التحديد، يعنى التشغيل الكامل، توافر "عمل جيد" لكل من يطلب عملا. عمل منتج، يوظف الفرد فيه قدراته وإمكاناته، ويحقق فيه ذاته، وتتوافر له فيه فرص النمو والتطور، تحت ظروف تكون فيها الكرامة الإنسانية محفوظة، ويكسب منه ما يكفي لتفادي الفقر.
في هذا المنظور، يتضح أن البطالة تعتبر أحد أصناف الفقر، حينما يعرف الفقر حسب تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بمعنى قصور القدرة الإنسانية عن الوفاء بأحقيات البشر في حياة كريمة، وبالتالي ينظر إلى البطالة على أنها أحد أسباب الضعف الاجتماعي وأنها أحد المسببات الأساسية للفقر. حيث القدرة على العمل تعتبر رأس المال ربما الوحيد، أو الأهم، للغالبية العظمى من الأفراد في سن العمل والعطاء. ورغم أن أفقر الفقراء لا يطيقون ترف البطالة السافرة، حيث يتعين عليهم التعلق بعمل ما من أجل البقاء، فإن مستوى الرفاه الناتج عن نوع الأعمال التي يقومون بها، أو ظروف العمل، تكون من التدني بحيث لا يمكن وصفها بأنها أعمال "جيدة"، وتندرج، من ثم، تحت صنف من أصناف البطالة.
وبناء على ذلك، يصبح خلق فرص العمل المنتجة والمكسبة، في المجتمعات التي ينتشر فيها الفقر وتتفاقم بها البطالة وتكون شبكات الحماية الاجتماعية بها نادرة أو معدومة، أهم وسيلة لمكافحة الفقر، والتخلف والانحراف بوجه عام.
المطلب الثالث حجم البطالة ونسبتها:
يتحدد حجم البطالة من خلال احتساب الفارق بين حجم مجموع قوة العمل الجزائرية وحجم مجموع العاملين الجزائريين. أما نسبة البطالة فتحسب بقسمة حجم البطالة على إجمالي قوة العمل من الجزائريين ذكورا وإناثا مضروبا في مائة، وذلك وفقا للمعادلة التالية 7:
] نسبة البطالة = ( عدد العاطلين ) / ( إجمالي القوى العاملة ) 100 [
ومن الأهمية الإشارة إلى أن نتائج المعادلة السابقة ومخرجاتها تتأثر بعاملين رئيسين:
- الأول ذو علاقة بتحديد العمر الزمني المصرح به رسميا لدخول قوة العمل.
- أما العامل الثاني فيتعلق بتحديد فترة الانقطاع عن العمل، التي بموجبها يمكن اعتبار الفرد عاطلا عن العمل.
الخـــاتــــــــــــــــــمــــــــــــــــــــة :
.........................................

يتبع البحث بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش2
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sosooo
 
 
sosooo


عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 23/10/2013

بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1   بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Emptyالأربعاء 23 أكتوبر 2013 - 13:39

Hamykaly كتب:
مقــــــــدمـــــة

        البطالة مشكلة اقتصادية، كما هي مشكلة نفسية، واجتماعية، وأمنية، وسياسية. وجيل الشباب هو جيل العمل والانتاج، لأنه جيل القوة والطاقة والمهارة والخبرة. و إن تعطيل تلك الطاقة الجسدية بسبب الفراغ، لاسيما بين الشباب، يؤدي الى أن ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً مسببة له مشاكل كثيرة. وتتحول البطالة في كثير من بلدان العالم الى مشاكل أساسية معقّدة، ربما أطاحت ببعض الحكومات، فحالات التظاهر والعنف والانتقام توجه ضد الحكام وأصحاب رؤوس المال فهم المسؤولون في نظر العاطلين عن مشكلة البطالة. وتؤكد الاحصاءات أنّ هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان، وتخلف أوضاعهم الصحية، و عجزهم عن تحمل مسؤولية اُسرهم. كما تفيد نفس الاحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية، كما لها آثارها على الصحة الجسدية.
المبحث الأول ماهية البطالة.
المطلب الأول تعريف البطالة
لا شك أنه من المنطقي قبل التوصل لإعطاء تعريف شامل للبطالة لابد أولا تحديد مفهوم من هو العاطل عن العمل Unemployed. إن من أهم صفات العاطل أنه لا يعمل. لكن هذا المفهوم يعتبر غير كاف حيث هناك أفراد لا يعملون لأنهم غير قادرين على العمل و بالتالي لا يمكن اعتبارهم عاطلين عن العمل مثل الأطفال و المرضى والعجزة و كبار السن و اللذين أحيلوا على التقاعد و هم الآن يقبضون المعاشات. كما أن هناك بعض الأفراد القادرين على العمل و لكنهم لا يعملون فعلا و مع ذلك لا يجوزاعتبارهم عاطلين لأنهم لا يبحثون عن العمل not seeking work، مثل الطلبة اللذين يدرسون في الثانويات و الجامعات و المعاهد العليا ممن بلغوا سن العمل و لكنهم لا يبحثون عن عمل بل يفضلون تنمية قدراتهم و مهاراتهم بالدراسة، و لهذا لا يصح ادراجهم ضمن العاطلين. كذلك هناك بعض الأفراد القادرين عن العمل لكن لا يبحثون عنه لأنهم أحبطوا تماما discouraged، لأن جهودهم في البحث عن العمل في الفترة الماضية لم تُجْدِ، كما أن الاحصاءات الرسمية لا تدرجهم ضمن العاطلين. و بالمقابل هناك أفراد آخرين قادرين على العمل و لكنهم لا يبحثون عن عمل لأنهم في درجة من الثراء تجعلهم في غنىً عن العمل، فهؤلاء أيضا لا يعتبرون عاطلين.
و من ناحية أخرى هناك بعض الأفراد اللذين يعملون فعلا ، غير أنهم مع ذلك يبحثون عن عمل أفضل و بالتالي لا يمكن ادراجهم ضمن العاطلين. و هكذا نستنتج أنه ليس كل من لا يعمل عاطلا، و في الوقت نفسه ليس كل من يبحث عن عمل يعد ضمن دائرة العاطلين. فحسب الاحصاءات الرسمية فإن العاطل عن العمل يجب أن يكون عمره يتراوح ما بين 15 و 64 عاما و أن يتوفر فيه شرطان أساسيان، و هما :
• أن يكون قادرا على العمل
• أن يبحث عن فرصة للعمل
كما يجمع الاقتصاديون و الخبراء، وحسب توصيات منظمة العمل الدولية على تعريف العاطل بأنه " كل من هو قادر على العمل، و راغب فيه، و يبحث عنه، و يقبله عند مستوى الأجر السائد، و لكن دون جدوى". (1).
المطلب الثاني انواع البطالة
هناك عدة أنواع للبطالة خاصة تلك التي عرفتها البلدان الرأسمالية و التي نذكر منها :
• البطالة الدورية
• البطالة الاحتكاكية
• البطالة الهيكلية
البطالة الدورية
تنتاب النشاط الاقتصادي بجميع متغيراته في الاقتصاديات الرأسمالية فترات صعود و هبوط و التي يتراوح مداها الزمني بين ثلاث و عشر سنين و التي يطلق عليها مصطلح الدورة الاقتصادية Business Cycle و التي لها خاصية التكرار و الدورية. و تنقسم الدورة الاقتصادية بصورة عامة على مرحلتين : مرحلة الرواج أو التوسع Expansion ، و التي من مميزاتها الأساسية اتجاه التوظف نحو التزايد، إلى أن تصل إلى نقطة الذروة Peak أو قمة الرواج، و التي تعتبر نقطة تحول ثم يتجه بعد ذلك النشاط الاقتصادي نحو الهبوط بما في ذلك التوظف، وتسمى هذه المرحلة بمرحلة الانكماش Recession. و تبعا لدورية النشاط الاقتصادي، فإن البطالة المصاحبة لذلك تسمى بالبطالة الدورية.
البطالة الاحتكاكية
تعرف البطالة الاحتكاكية Frictional Unemployment، على أنها تلك البطالة التي تحدث بسبب التنقلات المستمرة للعاملين بين المناطق و المهن المختلفة، و التي تنشأ بسبب نقص المعلومات لدى الباحثين عن العمل، و لدى أصحاب الأعمال اللذين تتوافر لديهم فرص العمل. و بالتالي فإن إنشاء مركز للمعلومات الخاصة بفرص التوظف من شأنه أن يقلل من مدة البحث عن العمل، و يتيح للأفراد الباحثين عن العمل فرصة الاختيار بين الامكانيات المتاحة بسرعة و كفاءة أكثر.
البطالة الهيكلية
يقصد بالبطالة الهيكلية Structural Unemployment، ذلك النوع من التعطل الذي يصيب جانبا من قوة العمل بسبب تغيرات هيكلية تحدث في الاقتصاد الوطني، و التي تؤدي إلى إيجاد حالة من عدم التوافق بين فرص التوظف المتاحة و مؤهلات و خبرات العمال المتعطلين الراغبين في العمل و الباحثين عنه. فهذا النوع من البطالة يمكن أن يحدث نتيجة لانخفاض الطلب عن نوعيات معينة من العمالة، بسبب الكساد الذي لحق بالصناعات التي كانوا يعملون بها، وظهور طلب على نوعيات معينة من المهارات التي تلزم لانتاج سلع معينة لصناعات تزدهر. فالبطالة التي تنجم في هذه الحالة تكون بسبب تغيرات هيكلية طرأت على الطلب.

كما يمكن للتكنولوجيا أن تؤدي إلى بطالة هيكلية. حيث من النتائج المباشرة للتطور التكنولوجي تسريح العمال و بأعداد كبيرة مما يظطرهم للسفر إلى أماكن أخرى بعيدة بحثا عن العمل أو إعادة التدريب لكسب مهارات جديدة. بالاضافة للأسباب السابقة يمكن أن تحدث بطالة بسبب تغير محسوس في قوة العمل و الناتج أساسا عن النمو الديمغرافي و ما ينجم عنه من دخول الشباب و بأعداد كبيرة إلى سوق العمل و ما يترتب عنه من عدم توافق بين مؤهلاتهم و خبراتهم من ناحية، و ما تتطلبه الوظائف المتاحة في السوق من ناحية أخرى.
بالاضافة إلى الأنواع السالفة الذكر للبطالة، هناك تصنيفات أخرى للبطالة مثل :
البطالة السافرة و البطالة المقنعة
يقصد بالبطالة السافرة، حالة التعطل الظاهر التي يعاني منها جزء من قوة العمل المتاحة و التي يمكن أن تكون احتكاكية أو هيكلية أو دورية. و مدتها الزمنية قد تطول أو تقصر بحسب طبيعة نوع البطالة و ظروف الاقتصاد الوطني. و آثارها تكون أقل حدة في الدول المتقدمة منها في الدول النامية. حيث العاطل عن العمل في الدول المتقدمة يحصل على إعانة بطالة و إعانات حكومية أخرى ، في حين تنعدم كل هذه المساعدات بالنسبة للعاطل في الدول النامية.
أما البطالة المقنعة Disguised Unemployment، فهي تمثل تلك الحالة التي يتكدس فيها عدد كبير من العمال بشكل يفوق الحاجة الفعلية للعمل، أي وجود عمالة زائدة و التي لا يؤثر سحبها من دائرة الانتاج على حجم الانتاج، و بالتالي فهي عبارة عن عمالة غير منتجة.
البطالة الاختيارية و البطالة الاجبارية
تشير البطالة الاختيارية Voluntary Unemployment إلى الحالة التي يتعطل فيها العامل بمحض إرادته و ذلك عن طريق تقديم استقالته عن العمل الذي كان يعمل به. إما لعزوفه عن العمل أو لأنه يبحث عن عمل أفضل يوفر له أجرا أعلى و ظروف عمل أحسن، إلى غير ذلك من الأسباب. في كل هذه الحالات قرار التعطل اختياري.
أما في حالة إرغام العامل على التعطل رغم أنه راغب في العمل و قادر عليه و قابل لمستوى الأجر السائد، فهذه الحالة نكون أمام بطالة اجبارية و مثال على ذلك تسريح العمال كالطرد بشكل قسري... و هذا النوع من البطالة يسود بشكل واضح في مراحل الكساد. كما أن البطالة الاجبارية يمكن تأخذ شكل البطالة الاحتكاكية أو الهيكلية.
المبحث الثاني أثــــــار البطـــــــــالـــــــــــــة
تمثل البطالة أحد التحديات الكبرى التي تواجه البلدان العربية لآثارها الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة، ومنذ سنوات والتحذيرات تخرج من هنا وهناك، تدق ناقوس الخطر من العواقب السلبية لهذه المشكلة على الأمن القومي العربي، ومع ذلك فإن معدلات البطالة تتزايد يومًا بعد يوم.
و يمكن تلخيص هذه الآثار في النقاط التالية:
المطلب الاول الآثار النفسية و الاجتماعية.
لا يوجد شيء أثقل على النفس من تجرع مرارة الحاجة والعوز المادي فهي تنال من كرامة الإنسان ومن نظرته لنفسه وعلى الخصوص عندما يكون الفرد مسئولا عن أسرة تعول عليه في تأمين احتياجاتها المعيشية، فعندما تشخص إليك أبصار الأطفال في المطالبة بمستلزمات العيش وترى في نظراتهم البريئة استفسارات كثيرة يقف المرء عاجزا لا يدري كيف يرد عليها وبأي منطق يقنعهم بقبول واقعهم المرير، كيف تشرح لهم أن رب الأسرة عاطل لا عمل لديه ولا يقدر على الاستجابة لرغباتهم والجوع كافر كما هو معروف؟. . . في عالم الأطفال هناك الصفاء والنقاء والعدالة والإحسان وليس الإجحاف وهضم الحقوق، وخصوصا عندما يتعلق ذلك بحق العيش الكريم واللقمة الشريفة دون مذلة مد اليد للآخرين.
وتؤكد الاحصاءات أنّ هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان، وتخلف أوضاعهم الصحية، أو تأخرهم عن الزواج، وانشاء الاُسرة، أو عجزهم عن تحمل مسؤولية اُسرهم. كما تفيد الاحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية، كما لها آثارها على الصحة الجسدية. إنّ نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل يفتقدون تقدير الذات، ويشعرون بالفشل، وأنهم أقل من غيرهم، كما وجد أن نسبة منهم يسيطر عليهم الملل، وأنّ يقظتهم العقلية والجسمية منخفضة، وأنّ البطالة تعيق عملية النمو النفسي بالنسبة للشباب الذين ما زالوا في مرحلة النمو النفسي. كما وجد أن القلق والكآبة وعدم الاستقرار يزداد بين العاطلين، بل ويمتد هذا التأثير النفسي على حالة الزوجات، وأنّ هذه الحالات النفسية تنعكس سلبياً على العلاقة بالزوجة والأبناء، وتزايد المشاكل العائلية. وعند الأشخاص الذين يفتقدون الوازع الديني، يقدم البعض منهم على شرب الخمور و تعاطي المخدرات، بل ووجد أن 69% ممن يقدمون على الانتحار، هم من العاطلين عن العمل. و نتيجة للتوتر النفسي، تزداد نسبة الجريمة، كالقتل والاعتداء، بين هؤلاء العاطلين. بالاضافة إلى ضعف الانتماء للوطن، وكراهية المجتمع، وصولا إلى ممارسة العنف والإرهاب ضده، فضلا عما تمثله البطالة من إهدار للموارد الكبيرة التي استثمرها المجتمع في تعليم هؤلاء الشباب ورعايتهم صحياً واجتماعياً.
المطلب الثاني الآثار الأمنية و السياسية
نلاحظ أحيانا بعض الفئات العاطلة و التي يكون قد نفذ صبرها ولم تعد تؤمن بالوعود والآمال المعطاة لها و هي ترفع شعار التململ والتمرد، و مع ذلك لا يمكن لومها ولكن لا يعني ذلك تشجيعها على المس بممتلكات الوطن وأمنه، ولكن لابد أن نلتمس لهم العذر، فمقابل مرارة ظروفهم هناك شواهد لفئات منغمسة في ترف المادة، ومن الطبيعي أن ينطق لسان حالهم متسائلا أين العدالة الاجتماعية والإنصاف؟ كما أن سياسة العنف المفرط في مقابل حركة العاطلين لا تخلق إلا المزيد من العنف والاضطراب وتفاقم الأزمة . فهناك حاجة إلى التعقل وضبط الموقف والنظر إلى القضايا من منظور واسع وبعين تقصي الأسباب في محاولة لتفهم موقف الآخرين ، حيث أن مبدأ إرساء أركان الحكم الصالح والعدالة الاجتماعية تملي على الجميع تكريس حق إبداء الرأي ورفع راية المطالبات بالوسائل السلمية المشروعة، كما أنها تلزم الأطراف المعنية متمثلة بالحكومة باحترام هذه الحقوق واتساع الصدر للآراء المختلفة، لأن المواطن في نهاية المطاف لا يطالب إلا بحق العيش الكريم والحفاظ على كرامته وإنسانيته في وطنه، وهي من جوهر حقوق المواطن والتي يجب على الحكومة أن تكفلها وتحرص عليها، لا أن تتكالب عليها فتكون هي والقدر مجتمعان على المواطن المستضعف.
المطلب الثالث الآثـار الاقتصـاديـة
إحدى نتائج ظاهرة البطالة زيادة حجم الفقر، الذي يعتبر ـ أيضًا ـ من العوامل المشجعة على الهجرة. ويقول الخبراء بأن مشكلة الهجرة إلى أوروبا تكاد تكون مشكلة اقتصادية بالأساس، فبالرغم من تعدد الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة، إلا أن االدوافع الاقتصادية تأتي في مقدمة هذه الأسباب. ويتضح ذلك من التباين الكبير في المستوى الاقتصادي بين البلدان المصدرة للمهاجرين، والتى تشهد ـ غالبًا ـ افتقارًا إلى عمليات التنمية، وقلة فرص العمل، وانخفاض الأجور ومستويات المعيشة، وما يقابله من ارتفاع مستوى المعيشة، والحاجة إلى الأيدي العاملة في الدول المستقبلة للمهاجرين، حيث تقدر منظمة العمل الدولية حجم الهجرة السرية بما بين 10 - 15% من عدد المهاجرين في العالم.. البالغ عددهم ـ حسب التقديرات الأخيرة للأمم المتحدة ـ حوالي 180 مليون شخص.
أما فيما يتعلق بالآثار الاقتصادية للبطالة على المستوى الكلي فالكل يعرف أن أهم مؤشر في اتجاهات الطلب على العمل هو نموّ الانتاج، و بالتالي فإن تباطؤ النموّ الاقتصادي يعني ارتفاعا في معدّلات البطالة. و هكذا فإن الوضع في المنطقة العربية بصورة عامة و منذ التسعينات تلخص في ضعف أداء الانتاج مقارنة بنمو سريع في القوة العاملة. كما تبين الاحصائيات أن النمو في القوة العاملة قد فاق الزيادة التي طرأت على فرص التوظيف في المنطقة العربية.
المبحث الثالث البطالة في الفكر الإقتصادي وسبل علاجها
المطلب الاول  النظرية الاقتصادية و مفهوم البطالة
تعتبرالبطالة من أهم التحديات التي واجهت و تواجه اقتصاديات العالم لكونها مشكلة ذات أبعاد تاريخيـة وجغرافية بمقدارارتباطها بمراحل التطورالاقتصادي. وقد حظي هذا الموضوع باهتمام المفكرين الاقتصادييـن على اختلاف مذاهبهم و أفكارهم من فترة زمنية إلى أخرى. ولعّل تنوع أشكال البطالة هو أحـد العناصـر المفسرة لتعدد التحاليل حول فهمها وتفسيرها،وسوف يتم عرض أهم هذه الأفكار بشيء من الإيجاز فيما يلي :
أ- البطالة عند الكلاسيك : يركز الكلاسيك في تحليلهم على المدى الطويل ،حيث يربطون البطالة بالمشكلة السكانية وبتراكم رأس المال والنموالاقتصادي والطاقات الإنتاجية للاقتصاد. كما يرتكزاهتمامهم بالبعد الاجتماعي والسياسي للظاهرة الاقتصادية، إذ يؤمن الكلاسيك بمبدأ التوازن العام، الذي يعنى أن "كل عرض سلعي يخلق الطلب المساوي له " ، أوما يسمى بقانون المنافذ عند "ساي".
فالتبادل في التحليل الكلاسيكي يكون على أساس المقايضة ولا مكان للنقود فيه، بمعنى آخـر: تسـاوي الادخار والاستثمار واستحالة حدوث البطالة على نطاق واسع ، ذلك أن التوازن الاقتصادي هو توازن التوظيـف الكامل.
في حين أن البطالة التقليدية تنشأ عن عدم كفاية عرض السلع لكون إنتاج المؤسسات اقـل مـن الطلـب نتيجـة لانخفاض معدلات الأرباح بسبب إرتفاع الأجور، وهو ما يعني أن القائمين على خطط الاستثمارسوف لن يرفعون من مستوى استثماراتهم القادرة على زيادة التشغيل تجنبا لتضخيم التكاليف ،و تعزى البطالة أيضا في نظر الكلاسيك إلى العمل الخاطئ لسوق العمل ، وفي حالة وجودهـا فـان آليـة الأجور كفيلة باستيعاب اليد العاملة العاطلة، ذلك أن تخفيض هذه الأخيرة سيرفع مستوى الأرباح، وهوما يشكل حافزا لزيادة الاستثمار وبالتالي رفع مستوى التشغيل، خصوصا في ظل التنافس على منصب العمل والقبـول بمستوى الأجور السائدة. نستنتج من ذلك أن الأجورهي عامل أساسي في آليات سوق العمل، إذ أنها تؤثرعلى عرض وطلب العمل في آن واحد .
ب‌- البطالة عند النيوكلاسيك : لقد اعتمد تحليل النيوكلاسيك على نظرية "التوازن العام" الذي يتحقق في سوق السلع والخدمات وسوق العمل نتيجة لإرتباط حجم العمالة بالعرض والطلب على العمل. ويرتكزهذا التحليل على بعض الفرضيات المستمدة من شروط المنافسة التامة (السوق الحرة) ومن أهمها: تجانس وحدات العمل، حرية تنقل اليد العاملة ودورالمنافسة في شراء وبيع قوة العمل مثل: بيع وشراء السلع وأن حجم اليد العاملة مرتبط بعرض وطلب العمل في السوق.
ومهما يكن من أمر فإن النظرية النيوكلاسيكية افترضت حالة التوظيف التام، ولم تولي للبطالة اهتمامـا كبيرا بسبب تبنيها لقانون "ساي" للأسواق، كما أن فرضية وجود المنافسة التامة لا تتحقق في الواقع، إضافـة إلى أنها اعتبرت أن التغير التكنولوجي هو متغير خارجي يتطوربشكل منعزل عن مستوى التطور الاقتصادي، لكن الواقع يثبت عكس ذلك إذ أن استخدام التكنولوجيا هو أحد العوامل الأساسية للإنتاج لأنه يرفع من حجمـه بأقل التكاليف ، و بالتالي فإن تشغيل الآلات قد يؤثر على حجم العمالة إذ تحل الآلـة محل العامل في أحيان كثيرة.
ج‌- البطالة في الفكر الماركسي: ينتقد الفكر الماركسي النظام الرأسمالي الذي يجزم بأن البطالة هي حالة عرضية، و نادرة الوقوع بسبب وجود آلية السوق التي تعيد التوازن بشكل تلقائي عن طريق تفاعل قوى العرض والطلب، وكل بطالـة هـي ناتجة عن: الزيادة الهامة في حجم السكان كنتيجة حتمية للتطورات التقنية progrès techniques) (les.
أما بالنسبة للماركسيين فإن الأزمات ماهي إلا مظهر من مظاهر نقص الاستهلاك لدى الطبقة العاملة، لأن قيمة الأجور لا تتساوى وقيمة الإنتاج. أي أن الرأسمالية تنتج أكثر مما تدفع من أجور ومما يزيـد الأزمـة تفاقما هو" أن تعمد الرأسمالية بفضل قانون الارتفاع المستمر في التركيب العضوي لرأس المـال (C/V) إلى إحلال الآلات محل اليد العاملة، فتلقي بالعمال إلى البطالة، مما يعني فقدان العامل لقوة شرائه " . وعليه فإن "البطالة هي نتيجة لزيادة إنتاجية العمل في الأنظمة الرأسمالية للتراكم" . أما بالنسبة لحجـم التشغيـل فإنه يرتبط أساسا بمعدل الربح الذي يحققه أرباب العمل، إذ أنهم يحولون دون إنخفاضه من خلال زيادة إنتاجهم الشيئ الذي يؤدي إلى فائض في الإنتاج ، خاصة أن التقدم التقني يتطلب رأسمال أكثر يأكل الجزء المخصـص للأجور. وبالتالي فإن العمال سوف يستمرون في إنتاج رأس المال وتحقيق تراكمه، بمعنى أنهم ينتجون بأنفسهم أداة إحالتهم للبطالة.
د-تفسير البطالة عند المدرسة الكينزية: يتحقق التوازن عند الكينزيين نتيجة للتوازن في سوق السلع والخدمات، وسوق النقد في آن واحد اذ أن الطلب على العمل دالة متناقصة بدلالة الدخل، وأن تعظيم الأرباح يتطلب تساوي الإنتاجية الحديـة للعمـل مع معدل الأجر الحقيقي. أي أن انخفاض معدل الأجورالحقيقية يمكن أن يتيح ارتفاعا في الطلـب علـى العمـل وبالتالي حجم العمالة، أماعرض العمل فإنه مرتبط بمعدل الأجر الاسمي (W)، لأن العمال يقعون في فخ الوهم النقدي، حيث يعتبرون أن كل زيادة في الأجر الاسمي هي زيادة فعلية في مداخيلهم بسبب جهلهـم لمستـوى الأسعار. وقد وجد كينز أن تطور الرأسمالية يصطدم بتناقضات حادة لا يمكن أن تزول عفويا مثل البطالة الجماهيرية المتزايدة، وعدم كفاية الطلب على البضائع ،مما يؤدي إلى عدم تطابقه مع العرض آليا.
من ناحية أخرى، يرفض كينز آلية الأجور كسبب للبطالة، لأن انخفاضها سيؤدي إلى انخفـاض دخل العمال. وبالتالي انخفاض الطلب على السلع مما يعقد مشكلة تصريف السلع بالأسواق. وعليه فإن سر وجـود البطالة يكمن فيما يلي: لقد لاحظ كينز أن حالة التوظيف الكامل ما هي إلا حالة خاصة جدا، وأن الطلب الكلي الفعال هوالمحدد للعرض الكلي، ومن أجل زيادة تشغيل العمال يجب رفع حجم هذا الطلب، والذي بدوره ينقسم إلى طلب على السلع الاستهلاكية وطلب على السلع الاستثمارية .
فالكلاسيك و النيوكلاسيك ينظران إلى الادخار والاستثمار أنهما وجهان لعملة واحدة والتعادل بينهمـا أمـر بديهي. أما كينز فقد أدخل العوامل المؤثرة عليهما، وبالتالي فإن كل اختـلال بينهمـا يـؤدي إلـى حـدوث الاضطرابات في دورة الدخل القومي مع احتمال وقوع الكساد، وفي حالة افتراض أن حجم الادخار أكبـر من حجم الاستثمار، فإن الطلب الكلي الفعال سيقل عن العرض الكلي و بالتالي يتزايد مخزون السلع و يتراكم، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار الذي ينتج عنه انخفاض في الأرباح وفي الناتج، وبالتالي تتزايد الطاقة العاطلة وتحـدث بطالة، الشيء الذي يؤدي إلى انخفاض الدخل الوطني .
أما في حالة ما إذا كان حجم الاستثمار أكبر من حجم الادخار فإن الطلب الكلي الفعال سيكون أكبر من العرض الكلي، وعليه سوف ينخفض مستوى مخزون السلع ، و تتزايد المبيعات ، وترتفع الأسعار والأرباح،وإذا كانت هناك طاقات إنتاجية عاطلة سوف يلجأ المنتجون لتشغيلها وهذا الانتعاش في الاستثمار يؤدي إلى زيادة في تشغيل عدد العمال وبالتالي تقل البطالة ولرفع مستوى الاستثمارات يرى كينز ضرورة تدخل الدولة من خلال سياسة استثمارية عامة لتعويض نقص الاستثمارات في القطاع الخاص، ويرى أيضا أن نقص الاستخدام ليس عارضا، بل ممكنا وغالب الوقوع، وبالتالي يجب استبدال آلية الدخل بالأسعار لأن المستثمرين هم الذين يتوقعون الطلب الحقيقي، و يقررون بناء توقعاتهم فيما يخص حجم الإنتاج واليد العاملة الضروريـة للوصول إلى مستوى التوظيف الكامل كما يجب، من خلال النقاط الثلاثة التالية :
- توظيف كل المدخرات في شكل مشاريع تتيح فرص عمل جديدة،
- إتاحة الفرصة للمدخرين لاستثمار أموالهم في المشاريع،
- التضحية بالاستقرار النقدي وموازنة الدولة في بادئ الأمر، لاعطاء عمل للعاطلين دون التمييز بيـن طبيعة العمل إذا كان منتجا أم لا .
وفي هذا الصدد يقترح كينز أن يشغل العمال أوقاتهم في أعمال بغض النظر عن مردوديتها إذ أن المهـم حسب رأيه هو أن يتلقوا مدا خيل مقابل ذلك، لتمكينهم من الاستهـلاك الـذي يضمـن تصريـف ما تنتجـه المؤسسات، إذ يقول كينز: " إن من الأفضل أن يدفع للعمال لقاء حفرهم خنادق في الأرض، وردمهـا من أن يبقوا بدون عمل" . لأن الدخل الذي سوف يتم توزيعه علىالعاطلين يرفع من مستـوى استهلاكهـم، ويحفـز المستثمرين على توسيع مشاريعهم وطلب يد عاملة إضافية لان الدخل كفيل بتعويض الخلل الواقع في البداية أي التضخم حسب كينز. وعليه فان البطالة الكينزية هي نتيجة لعدم كفاية الطلب الكلي، وبالتالي فإن أرباب العمل في مواجهة مع قيد التوظيف (Contrainte de débouche ).
وإذا كان كينز قد أوضح أثر نمو الاستثمارعلى الدخل، فإن الكينزيين الجدد حاولوا تجديد معدل النمو الضروري الذي يجب أن يتحقق حتى يمكن تجنب البطالة والوصول إلى مستوى التوظيف الكامل للطاقـات الإنتاجية والموارد البشرية، انطلاقا من نماذج النموالكينزية مثل: نموذج هارود، كالدور، جـون روبنسون، وغيرهم، والتي استخدمت أدوات التحليل الرياضي في بناء و تحليل هذه النماذج، مع إعطائهم البعـد الزمني أهمية خاصة في تحليل الظواهر الاقتصادية. وبالتالي فالإشكالية المطروحة هي: " البحث عن المعدل الذي يتعين أن ينمو به الدخل على المدى الطويل للمحافظة على التوظيف الكامل وتجنبالبطالة والكساد".
هـ - تفسير البطالة وفقا لمنحنى فيلبس : يرتكز اهتمام فيلبس على دراسة وتحليل سوق العمل في الاقتصاد الإنجليزي من خـلال دراسـته الإحصائية للمجتمع البريطاني من 1861 حتى 1957، حيث كشف وجود علاقة إحصائية قويـة بيـن نسبـة العاطلين إلى إجمالي السكان، ومعدل التغييرفي أجرالساعة للعامل خلال مدة زمنية معينة، بمعنـى أن الفتـرة التي تقل فيها معدلات البطالة ترتفع عندها الأجور النقدية و العكس صحيح، أو بمعنى آخـر وجـود معـدل ضعيف من البطالة يتناسب مع ارتفاع سريع في الأجور الاسمية و العكس بالعكس.
وعلى هذا الأساس تم التوصل إلى وجود دالة متناقصة بين المؤشرين وهو ما يعني " وجـود علاقة تجريبية عكسية بين معدل ارتفاع الأجر الاسمي ومعدل البطالة".
وقد ساهمت أبحاث كل من ر.ليبسي- -R.Lipsey 1960 وبـول سامويلسـون P. Samuelson. وسولو R.M-Solow بتطويرهذه الفكرة، إذ أمكن التوصل إلى وجود علاقة عكسية بين معدل التضخم ومعدل البطالة، وهوما يفسره منحنى فيليبس. الذي يمكن من خلاله استخلاص مايلي:
- أن ثمن خفض معدل البطالة هو ثمـن ذلك قبول معدل أعلى للتضخم.
وعلى هذا الأساس أصبحت معظم البرامج الاقتصادية للدول الصناعية تختـار النقطة التي تفضلها على منحنى فيلبس وما تشير إليه من معدل معين للبطالة ومعدل معين للتضخم، وتقوم بعد ذلك باختيار السياسة النقدية والمالية التي تحدد الطلب الذي يضمن تحقيق هذين المعدلين المرغوب فيهما.
لكن ومع بداية السبعينيات لوحظ أن المستوى العام للأسعار ظل يتجه نحو الارتفاع المستمر، في الوقت الذي تتزايد فيه معدلات البطالة. الشيء الذي شكل انتقادات لاذعة لهذا المنحنى وقصوره على تفسير تزامـن البطالة والتضخم معا أوما يسمى بالركود التضخمي (Stagflation) .
و‌- تفسير البطالة في النظريات النقدية: يفسر هذا التيار البطالة الدورية من خلال العوامل النقدية البحتة، وأن علاجها يكمن في استخـدام أدوات السياسة النقدية، ويضم هذا التيار مجموعة من المفكرين أمثال: هوتري (Howtrey)، فيكسل (Wiskell) من مدرسة شيكاغو. بإعطائهم للنقود أهمية بالغة في النشاط الاقتصادي، وأن كل التقلبات التي يعرفهـا الاقتصـاد ناتجة عن تغير عرض النقود. كما أن زيادة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية على النحو الذي شل من كفاءة آلية الأسعارفي سوق العمل، يعتبر من بين العوامل المفسرة للبطالة في نظرهم.
ويؤكدون على أن تعطيل زيادة إعانات البطالة تعطل من فاعلية سوق العمل، لأن العمال المستفيدين منها لا يبحثون عن العمل بجديـة.
و بالتالي فالبطالة في نظرهم اختيارية ولا مكانة للبطالة الإجبارية في تحاليلهم ويرون أن مواجهة البطالة يكمـن في: "عدم تدخل الحكومات لحل هذه المشكلة وتركها لكي تحل نفسها بنفسها عبر آليات السوق" يرى فريدمان أنه لا يوجد منحنى فيلبس في شكله التقليدي إلا في الأجل القصير، أما في الأجل الطويل فإن هذا المنحنى يأخذ شكلا مستقيما عموديا يحدد معدل بطالة طبيعية، ويميز عدم كفاية السياسة الاقتصاديـة لمحاربة البطالة إلا في الأجل القصير.
ح- تفسير البطالةوفقا لظرية رأس المال البشري: من مؤسسيها Beher,Shultخلال الستينيات وبالتحديد في 1964. اذ يفسر اختيار الوظيفة على أساس الفوائد التي يجنيها العامل من وراءها قصد تحسين إنتاجيته والاستفادة من أكبر دخل ممكن، وبالتالي سيضحي الأفراد بالوقت الضروري للتكوين من أجل رفع قدراتهم و مؤهلاتهم، باعتبار أن سوق العمل يبحث عن اليد العاملة المؤهلة. وعليه فإن الاهتمام يرتكز على الوظيفة وليس بمن يشرفون عليها.
ط-تفسير البطالة وفقا لنظرية تجزئة سوق العمل : ترتكز هذه النظرية التي ظهرت على يد D.B Doernberg , M.Piore ، في دراسة ميدانية لسوق العمل الأمريكية خلال الستينيات، التي تفسر أن قوة العمل الأمريكية تتعرض لنوع من التجزئة علـى أسـاس العرق والنوع والسن والمستوى التعليمي. وتهدف النظرية الى تفسير ارتفاع البطالة، والكشـف عن أسبـاب ارتفاعها في قطاعات معينة ووجود ندرة في عنصر العمل في قطاعات أخرى. وعلى هذا الأساس تميز النظرية بين خمسة أنواع من أسواق العمل وهي: السوق الداخلية، السوق الخارجية ، السوق الأولية، السوق الثانوية، و السوق الرئيسية.
ي- نظرية البطالة الهيكلية : ظهرت هذه النظرية لتفسير معدلات البطالة المرتفعة في السبعينيات وزيادة التطورالتقني الـذي طـرأ على الصناعة، فقد تعرضت بعض الفئات من العمال لظاهرة التعطل بسبب عدم قدرتها على التوافـق مـع الأساليب ، الحديثة في الفنون الإنتاجية. في حين ظهر فائض في فرص العمـل في أعمـال و مهـن أخـرى. وقد فسرت النظرية عدم التوافق بين فرص العمل المتاحة والمتعطلين بمجموعة من الأسباب أهمها: عدم القدرة على الانتقال بمرونة من مكان لآخر، الاعتبارات الشخصية في تفضيل العمال ، و عدم توفير فرص تدريب مناسبة للعمال حتى يتمكنوا من القيام بأعمال جديدة.
ز-نظرية اختلال التوازن : ظهرت على يد الاقتصادي الفرنسي E.Malinvand، كمحاولة لتفسير معدلات البطالة المرتفعة في الدول الصناعية خلال فترة السبعينيات. ويرتكز تحليله للبطالة على سوقين اثنين هما: سوق السلع و سوق العمل. وتبني هذه النظرية فرض جمود الأسعار والأجورفي الأجل القصير، ويرجع ذلك الى عجزهما عن التغير بالسرعة الكافية لتحقيق التوازن المنشود. ونتيجة لذلك يتعرض سوق العمل لحالة الاختلال متمثلة في وجود فائض في عرض العمل عن الطلب، مما يقود إلى البطالة الاجبارية.
و لا تقتصر النظرية على البحث عن أسباب البطالة في اطار دراسة سوق العمل، وانما تسعى أيضا لتحليلها من خلال دراسة العلاقة بين سوق العمل وسوق السلع.اذ يمكن أن ينتج عنه نوعين من البطالة هما:
النوع الأول و يتميز بوجود فائض في عرض العمل عن الطلب عليه، ويترتب على ذلك عدم قيام أصحاب العمل أو رجال الأعمال بتشغيل عمالة اضافية لوجود فائض في الانتاج لا يمكنه وهو ما يتطابق مع التحلـيل الكينزي.
و النوع الثاني في هذه الحالة تقترن البطالة في سوق العمل بوجود نقص في العرض من السلـع عن الطلب عليها، وتكون أسباب البطالة في ارتفاع معدل الأجور الحقيقية للعمال، مما يدفع المستخدمبن الى عـدم زيادة كل من عرض السلع ومستوى التشغيل بسبب انخفاض ربحية الاستثمارات، وهو ما يتطابـق مع التحليـل الكلاسيكي.
المطلب الثاني علاج البطالة في الفكر الاقتصادي:
‌أ. المدرسة التقليديةترى أن الدورة الاقتصادية لا تعدو إلا أن تكون مجرد ظاهرة نقديـة بحتـة. اذ تعـود التقلبات في مستوى النشاط الاقتصادي الى درجات التوسع والانكماش في المعروض من النقود ووسائل الدفع عموما( التسهيلات الائتمانية). وعلى اعتبار أن البطالةالسائدة تكون اختيارية أو احتكاكية، فان الأجور كفيلـة برفع الكمية المعروضة من العمل مقارنة بتلك المطلوبة للوصول الى مستوى التشغيل الكامل.
‌ب. المدرسة السيكولوجية إن حدوث التقلبات الدورية في مستوى النشاط الاقتصادي سببهـا التقلبـات التي تطرأ على سيكولوجية فئة المنظمين والمستثمرين، من خلال التوقعات حـول آفـاق الربحيـة لفـرص الاستثمار المربحة والمتاحة، ذات الأثر الايجابي على احداث مناصب الشغل.
‌ج. مدرسة قصور الاستهلاك: ترجع هذه المدرسة حالة الانكماش والركود الاقتصادي إلى انكماش حجم الطلب الكلي الفعال في المجتمع، ويرجعون ذلك لضعف القدرة الشرائية لدى الفئات الأجرية ومحدودىالدخل، نتيجة لسوء توزيع المداخيل بين الفئات المختلفة، وهو ما يؤدي الى انكماش في حجم الطلب الكلي الفعال في المجتمع لما لذلك من أثر على حالة الانكماش والركود .
‌د. مدرسة المغالاة في الاستثمار : ترى أن التوسع المفرط في الاستثمار لبعض الأنشطة والصناعة بدرجة أكثر تبرره الاحتياجات واعتبارات التناسق بين الأنشطة المختلفة للاقتصاد، سوف تدفع به ان آجلا أو عاجلا نحو الركود الاقتصادي، كما يمكن أن تحدث التقلبات الاقتصادية للعملية الانتاجية بسبب الاختراعات والاكتشافات الجديدة أوفتح أو فقدان أسواق جديدة .
هـ- مدرسة شيكاغو : ركزت على ضرورة الوصول إلى الاستقرار النقدي الذي يتحقق بوجود تـوازن بين نسبة التغير في كمية النقود وبين حجم الناتج الحقيقي. ويرجعون مصدر الإفراط في عرض النقـود إلى عجز ميزانية الدولة، والتي يتوجب عليها القضاء عليه تفاديا لكل نفقات إضافية مثـل: مدفوعـات الحمايـة الاجتماعية مما قد يجبر العمال على قبول الأعمال التي كانوا يرفضونها بسبب الإعانات المقدمـة للبطاليـن.
وللتأثير على حجم البطالة يقترح رواد هذه المدرسة أن تكتفي الدولة بوظائفها التقليدية دون البحث عن تحقيق التوظيف الكامل. وأن يتم إطلاق آليات السوق تعمل عملها لاستعادة التوازنات المفقودة خاصة في سوق العمل.
و- مدرسة اقتصاديات العرض : ترجع البطالة إلى نقص قوى العرض وليس قوى الطلب ،كما فسر ذلك الكينزيون، وترى أن الخروج من مأزق البطالة يتم بدفع حركة الاستثمارات والعمل على إنعاش الحوافـز التي من شأنها أن تزيد من قوى الادخار والاستثمار ومن أجل رفع مستوى الادخارات فقد اقترحوا تخفيض معـدلات الضرائب. إلا أن هذا الطرح يعني تفاقم عجز ميزانية الدولة بسبب انخفاض إيراداتها، وسوف لن يكون له أثـر علـى خفض معدلات البطالة، بدليل البرنامج الذي طبقه الرئيس الأمريكي – ريغان- أثناء عهدته الرئاسية.
‌ح. مدرسة التوقعات الرشيدة :اعتمدت هذه المدرسة على النظرة المستقبلية لسير النشاط الاقتصـادي على اعتبار أن البطالةفي تحاليلهم اختيارية ، كون آليات سوق العمل تتكيف بسرعة مع كل اختلالات التوازن التي قد تحدث به ( على أن تكون الأسعار والأجور مرنة، وأن تتوفر كافة المعلومات لبناء التوقعات المستقبلية). فإذا أرادت الدولة رفع معدلات النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات دعم الطلب الكلـي عن طريق زيادة كمية النقود المتداولة فان الأفراد سوف يتنبئون بحدوث التضخم، و سيطالبون برفع الأجور، مما يعني ارتفاع التكاليف ومنه ارتفاع الأسعارالتي قد يعجز المستهلك على تحملها، فتسعى المؤسسات إلـى خفـض تكاليفهـا بالتأثيرعلى اليد العاملة(تسريح العمال )، وعليه فإن هذه السياسة غير فاعلة.
أما إذا أرادت الدولة محاربة التضخم من خلال تطبيق سياسة انكماشية، سيؤدي ذلك إلى بطء الإنتاج وزيادة معدلات البطالةولتفادي ذلك فإنه يجب أن يكون هناك استقرار في السياسة الحكومية أولا، ثم ثانيـا تقييد دور الدولة في الحياة الاقتصادية وترك الحرية الاقتصادية والمنافسة التامة وآليات السوق تعمـل عملهـا بكل شفافية، مع ضمان المرونة في الأجور والأسعار تبعا لحالات الأسواق .
‌ط. المدرسة المؤسستية : اختلفت في رؤيتها للبطالة، اذ انتقدت التحليل النيوكلاسيكي من حيث الفروض، أو منهج التحليل وحتى النتائج المتوصل اليها. فلم تعد البطالة أزمة كم بل أزمة كيف ولا يمكن حلها بزيادة الطلب الكلي الفعال، خاصة في ظل تزايد الثورة التكنولوجية التي أدت إلى تخفيض الطلب علـى الأيدي العاملة، نتيجة لما حدث من اعادة هيكلة للعمل( اختفاء العديد من المهن والوظائف بلا رجعة) .
ويرى عدد من مفكري هذه المدرسة أن الخروج من أزمة البطالة سيكون من خلال التوسع في مجال الخدمات الإنسانية مثل: الخدمات الصحية رعاية المسنين، الترويج والسياحة، الأمن الشخصي ... الخ.
‌ي. المدرسة الكينزية الحديثة: يرىأنصارهذه المدرسة أن علاج البطالة يكمـن في زيادة معدلات النمو الاقتصادي، حتى ولو كان ذلك بزيادة معدلات التضخم، قصد الانتقـال مـن مرحلـة الركود إلى مرحة الانتعاش،الذي يتطلب موارد مالية كبيرة يمكن توفير جزءا كبيرا منها عن طريق المدخرات الوطنية والتراكم والإنتاجية. وبما أن احتياجات سوق العمل تتطلب أيدى عاملة مؤهلة، فإنهم يقترحون إجراء دورات وبرامج تدريبية وتكوينية لكي تتكيف مع هذه المتطلبات، ويقترحون أيضا الرجوع إلى سياسة الأشغال العامة الكبـرى التي من شأنها خلق فرص عمل أكثر وبالتالي الرفع من مستوى التوظيف والدخل.
‌ك. وجهة نظر الخبراء والمنظمات الدولية :
يشير خبراء منظمة العمل الدولية وعدد من الاقتصاديين إلى:
- ضرورة انتهاج سياسة اقتصادية تهدف إلـى رفـع معدلات النمو الاقتصادي. و خفض تكلفة العمل الذي يرتبط أساسا بتكاليف الإنتاج، حيث تشكل الأجور الجانب الأساسي منها. مع تعديل ظروف سوق العمل بإلغاء قوانين الحد الأدنى للأجور وتعديل نظام إعانات البطالة والضمان الاجتماعي بالشكل الذي يجعل المداخيل التعويضية متوازنة مـع الحاجة إلى تحفيز ميول العمال نحو العمل.
- إلزامية التوسع في سياسة التدريب للعاطلين لتنمية مؤهلاتهم ومهاراتهم بما يتلاءم ومتطلبات أسواق العمـل والتكنولوجيات الحديثة. تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومشاريع القطاع غيرالرسمي وتذليل العقبات التـي تواجههـا لضمان وصولها إلى الأسواق الوطنية والعالمية مثل: تسهيل حصولها على الائتمان، نقل التكنولوجيات الحديثة إليها وتوفير المعلومات التي تحتاجها لاداء مهامها، الامتيازات الضريبية... الخ.
- تشجيع التقاعد المبكر لتوفير فرص عمل جديدة خلفا للذين أحيلوا إلى التقاعد.
- تطوير نظام المعلومات المتعلقة بأسواق العمل في الإستثمار، وتداولها بأقل تكلفة ممكنة، لتمكيـن طالبـي العمـل والعارضين له من الالتقاء في أسرع وقت بالنظر إلى حاجة المستثمر ومؤهلات العمال.
ويظل الاقتراح الذي ينادي بفكرة تقسيم الأعمال أكثرها انتشارا، حيث يتم بموجبها توزيع حجم العمل على عدد أكبر من العمال مما يؤدي إلى: احتفاظ العمال المشتغلين فعلا بوظائفهم، وإتاحة فرص تشغيل إضافية جديدة. وذلك من خلال تخفيض ساعات العمل والأجور، فبدل أن يعمل العمال خمسة أيام في الأسبوع، فانه سيخفض أسبوع العمل إلى أربعة أيام مقابل خفض الأجور وبالتالي يمكن تقاسـم الأعمال المتاحة لمزيد من العمال.
المبحث الرابع  أسباب البطالة في الجزائر وطرق معالجتها
المطلب الأول   أسباب البطالة :
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى تفشي البطالة ونقص التشغيل في أوساط الفئة النشيطة، خاصة عنصر الشباب بغض النظر عن مؤهلاتهم ومستوياتهم التعليمية والتكوينية، ويمكن أن نجمع هذه الأسباب في نقطتين:
تشمل الأولى العوامل الخارجة عن سيطرة الحكومة وهي تلك التي لا تعتبر الحكومة مسؤولة عنها مسؤولية مباشرة، أما الثانية فتتناول من خلالها الأسباب التي تدخل في نطاق سيطرة الحكومة بصفة مباشرة أو غير مباشرة، اعتمادا على ما يلي:
أهم العوامل الخارجة عن سيطرة الحكومة:
لعل من بين العوامل التي تقف وراء هذه الأسباب مايلي:
- باعتبار أن عددا كبيرا من الدول النامية تعتمد في صادراتها الخارجية عن المحروقات التي تشكل الجزء الأكبر منها، وبالتالي فإن إيراداتها من العملة الصعبة مرتبطة بشكل أساسي بعائداتها. وبما أنه يصعب التحكم بأسعارها بالرغم من مجهودات منظمة الأوبيك التي تعتبر الجزائر أحد أعضائها، ترتب عن ذلك انكماش الاقتصاد الجزائري بشكل خاص والدول المصدرة للنفط بصفة عامة بداية من النصف الثاني من الثمانينات، الشيء الذي أدى إلى انخفاض النمو الاقتصادي سبب تراجع المصدر الأساسي للدخل الوطني، مما أثر سلبا على النشاط الاقتصادي و فرص التوظيف بالتبعية، وقد كان من الطبيعي أن يؤثر ذلك عكسا على حجم تجارتهاالخارجية، ومن المعروف أيضا أن انخفاض حصيلة الصادرات يكون له آثار انكماشية مضاعفة على مستويات الدخل والعمالة خاصة في قطاعات التصدير والأنشطة المرتبطة بها.
- تخفيض سعر صرف الدولار الأمريكي في مواجهة العملات الأخرى، الشيء الذي ترتب عليه اضعاف القوة الشرائية للموارد المتاحة من العملات الأجنبية، لأن الجزء الأكبر منها في شكل دولار، وبالتالي تقييد قدرتها على الاستيراد بتلك العملات.
- تخفيض سعر صرف الدولار الأمريكي في مواجهة العملات الأخرى، الشيء الذي ترتب عليه إضعاف القوة الشرائية للموارد المتاحة من العملات الأجنبية، لأن الجزء الأكبر منها في شكل دولار، وبالتالي تقييد قدرتها على الاستيراد بتلك العملات.وما سيتبعه هذا من انكماش في دعم الواردات من السلع الاستهلاكية أو الإنتاجية. وبتعبير آخر تبقى المدفوعات بالدولار كما هي مقابل أحجام متناقصة من الواردات، وأي انخفاض في الكميات المستوردة له تأثير سلبي على حجم الإنتاج والعمالة في المؤسسات التي تستورد مستلزمات إنتاجها من الخارج.
- النمو الديمغرافي باعتبار أن هذا العنصر يؤثر مباشرة في زيادة حدة البطالة خصوصا إذا كانت الزيادة في عدد الوظائف لا تتناسب ومعدلات النمو السكانية التي تميل إلى الارتفاع في الدول النامية، فقد أدت الزيادة السكانية إلى تزايد العروض من طالبي العمل في سوق العمل الجزائرية، ونظرا لارتباط القضية السكانية بعوامل متباينة يصعب السيطرة عليها لذا اعتبرت من ضمن العوامل الخارجة عن سيطرة الدولة.
- نقص مصادر التمويل لإنعاش وتمويل المشاريع الاقتصادية، وهذا راجع لضعف أداء الجهاز الإنتاجي وضالة الادخار لمختلف الأعوان الاقتصاديين بسبب انخفاض القدرة الشرائية للعائلات، وكذلك بسبب نظام الفوائد المطبقة في البنوك غير الإسلامية والذي لا يشجع على الادخار لأسباب عقائدية تجنبا لكل أنواع الربا، بالإضافة إلى عدم مرونة التعاملات البنكية في بعض الأحيان. وتجدر الإشارة إلى أن من بين أهداف التمويل المحدد من طرف « FMI » في الجزائر لفترة تطبيق برنامج التعديل الهيكلي (95/98): رفع الادخار الوطني لتمويل الاستثمارات بـ:5.5 % من الناتج المحلي الخام وهذا من خلال الحد من نمو الانفاق الجاري.
- أزمة المدفوعات الخارجية التي تعرفها الجزائر والتي تمتد جذورها إلى بداية الثمانينات، رغم تأخر تأثيرها على الاقتصاد الوطني، فقد بدأت تظهر منذ سنة 1986 نتيجة لانهيار أسعار النفط من حوالي 35دولار عام 80-1981 إلى نحو 15دولار في مارس 1986. إضافة إلى مدى تأثير خدمات الديون والشروط القاسية التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية بموجب الإصلاح والإنعاش الاقتصادي، والتي تتميز بارتفاع التكلفة الاجتماعية وما يصاحبها من تسريح جزئي وجماعي للعمال نتيجة لهيكلة الاقتصاد الوطني، وعليه فإن مستويات التشغيل لليد العاملة تكون في تناقص ويرتفع معدل البطالة آليا.
المبحث الخامـــس  واقع البطالة وقياسها
المطلب الاول  قوة العمل
يشير مفهوم قوة العمل إلى أولئك القادرين من الناحية الصحية والبدنية على العمل وتبلغ أعمارهم سن العمل ذكورا وإناثا، سواء أكانوا ضمن العاملين أو العاطلين. وهذا التعريف يخرج بالطبع جميع الملتحقين بالمراحل الدراسية والقائمين بالأعمال المنزلية وغير القادرين على العمل والمحالين على التقاعد أو غير العاملين ولا يبحثون عن عمل وليس لديهم الاستعداد للعمل.
المطلب الثاني مفهوم التشغيل الكامل
التشغيل الكامل 2 هو نقيض البطالة، بالمفهوم الواسع. ولذلك فإن هدف مكافحة البطالة في بلد نام كالجزائر يتعين أن يكون بناء البنية الاقتصادية والمؤسسية الهادفة لتحقيق التشغيل الكامل.
وعلى وجه التحديد، يعنى التشغيل الكامل، توافر "عمل جيد" لكل من يطلب عملا. عمل منتج، يوظف الفرد فيه قدراته وإمكاناته، ويحقق فيه ذاته، وتتوافر له فيه فرص النمو والتطور، تحت ظروف تكون فيها الكرامة الإنسانية محفوظة، ويكسب منه ما يكفي لتفادي الفقر.
في هذا المنظور، يتضح أن البطالة تعتبر أحد أصناف الفقر، حينما يعرف الفقر حسب تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بمعنى قصور القدرة الإنسانية عن الوفاء بأحقيات البشر في حياة كريمة، وبالتالي ينظر إلى البطالة على أنها أحد أسباب الضعف الاجتماعي وأنها أحد المسببات الأساسية للفقر. حيث القدرة على العمل تعتبر رأس المال ربما الوحيد، أو الأهم، للغالبية العظمى من الأفراد في سن العمل والعطاء. ورغم أن أفقر الفقراء لا يطيقون ترف البطالة السافرة، حيث يتعين عليهم التعلق بعمل ما من أجل البقاء، فإن مستوى الرفاه الناتج عن نوع الأعمال التي يقومون بها، أو ظروف العمل، تكون من التدني بحيث لا يمكن وصفها بأنها أعمال "جيدة"، وتندرج، من ثم، تحت صنف من أصناف البطالة.
وبناء على ذلك، يصبح خلق فرص العمل المنتجة والمكسبة، في المجتمعات التي ينتشر فيها الفقر وتتفاقم بها البطالة وتكون شبكات الحماية الاجتماعية بها نادرة أو معدومة، أهم وسيلة لمكافحة الفقر، والتخلف والانحراف بوجه عام.
المطلب الثالث حجم البطالة ونسبتها:
يتحدد حجم البطالة من خلال احتساب الفارق بين حجم مجموع قوة العمل الجزائرية وحجم مجموع العاملين الجزائريين. أما نسبة البطالة فتحسب بقسمة حجم البطالة على إجمالي قوة العمل من الجزائريين ذكورا وإناثا مضروبا في مائة، وذلك وفقا للمعادلة التالية 7:
] نسبة البطالة = ( عدد العاطلين ) / ( إجمالي القوى العاملة ) 100 [
ومن الأهمية الإشارة إلى أن نتائج المعادلة السابقة ومخرجاتها تتأثر بعاملين رئيسين:
- الأول ذو علاقة بتحديد العمر الزمني المصرح به رسميا لدخول قوة العمل.
- أما العامل الثاني فيتعلق بتحديد فترة الانقطاع عن العمل، التي بموجبها يمكن اعتبار الفرد عاطلا عن العمل.
الخـــاتــــــــــــــــــمــــــــــــــــــــة :
.........................................

يتبع البحث   بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش2
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ندوش
 
 
ندوش


عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 29/11/2013

بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1   بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1 Emptyالثلاثاء 3 ديسمبر 2013 - 7:00

جميل آسأل الله ان يجعله بميزان أعمالك ، لكن هناك بعض الاخطاء ارجو مراجعتها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بـــحث حول البطالة بالمراجع والتهميش1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المدية :: - القســــم الجامعــــي - :: كلية العلوم الاقتصادية و التجارية و علوم التسيير :: منتدى الجذع المشترك علوم التسيير-
انتقل الى: