منتدى المدية
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى, و شكرا.
إدارة المنتدى

منتدى المدية
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى, و شكرا.
إدارة المنتدى

منتدى المدية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اسم الله : "الودود"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المديـر
 
 
المديـر


الرتبة
عدد المساهمات : 994
تاريخ التسجيل : 06/01/2010
العمر : 34

اسم الله    :  "الودود" Empty
مُساهمةموضوع: اسم الله : "الودود"   اسم الله    :  "الودود" Emptyالخميس 4 فبراير 2010 - 21:10

المحاضرة رقم "26" : اسم الله : "الودود"



بسم الله الرحمن الرحيم

مع الاسم السادس والعشرين من أسماء الله الحسنى والاسم هو الودود ، لقول الله عز وجل ، في سورة البروج :


(سورة البروج)
الله سبحانه وتعالى ودود ..
الودود على وزن فعول ، من صيغ مبالغة اسم الفاعل ، واسم الفاعل وادّ والمصدر هو الودُّ ، إذاً اسم الودود أصله من الودِّ ، فماذا تعني كلمة ود ؟
في المعاجم ؛ الود هو الحب ، ولماذا سُميَ الحب حباً ؟ قال الحب مأخوذ من حَبَب الأسنان ، وحبب الأسنان صفاؤها وبياضها ونقاؤها ، وأسنان بيض ناصعة نظيفة نقية صافية ، فالذي يُحب الله عزَّ وجل من خصائصه الصفاء والنقاء والطُهر والإخلاص .
والحُب مِن أحبَّ البعيرُ ؛ أي استناخ ، فالمُحب خاضع لمحبوبه ؛ فنأخذ من حبب الأسنان الصفاء والنقاء ، ونأخذ من أَحَبَّ البعيرُ أي أناخ أي خضع ، فإنَّ المُحب لمن يحب يطيع ، والمُحَب : مستعل ، والمُحِب خاضع ، والمحِب متواضع ، والمُحب مُتذلل ، والحُبُ هو القرطُ ، والقرط ما تضعه النساء من الحلي في آذانهن ، ومن شأن القرط أنه دائم التقلقل فالمُحِب يتقلّب في اليوم الواحد من عشرين إلى أربعين حال ، أما هذا الذي يلزم حالاً واحدة فهو منافق ؛ فالمحِب يتقلب من الخوف إلى الرجاء ، إلى السكينة إلى القلق إلى السرور إلى السعادة إلى الشعور بالخطر إلى القلق على محبوبه وما دام هناك حياة فله حركة ، أما الميّت فهو ساكن ، والذي مات قلبه تسكُن أحواله ، إذاً من معانيه : والمُنافق يمضي عليه أربعون عاماً ولا يتغير ، حالُه حال السكون ، لكنَّ الحياة فيها غليّان ، وفيها تقلّب وفيها تغيّر من حال إلى حال . فالحُبُّ ؛ إذاً من معاينة : القرط ، ومن شأن القرط التقلقل والتحرك .
والحَبّ ؛ من الحبة التي تنبت شجرة ، فالحَب له ثمار يانعة مثلُ كلمة طيبة ، أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين .
وهذا يعني أنك إذا أحببت الله ، فحُبُكَ لله عز وجل بذرة ، تنبت شجرة وارفة الظِلال يانعة الثمار باسقة الأغصان ، خيرها دائم وظِلُها كل هذه المعاني ، الصفاء والنقاء والخضوع والتذلل والتقلقل ، والنماء والخير العميم أي كل هذه المعاني مستفادة من الحب ، لكن السؤال الدقيق هل الُودّ هو الحب ؟ إذا قلنا نعم فيأتي سؤال وما الفرق بينهما ، وهل في اللغة اسمان مختلفان لمُسمىً واحد ؟ ، أم أنَّ الاختلاف في المبنى دليل اختلاف المعنى؟ ، لا شك أن هناكَ فرقاً دقيقاً بين الحُب والود ، الحب ما استقر في القلب ، والود ما ظهر على السلوك ، فإن كنت تُحب فلاناً فمشاعر الميل نحوه هي الحب ، وابتسامتك في وجهه هي الود ، وإذا قدمت له هديةً فهي ود أو أعنته في مشكلة فهي ود ، أو عُدته إذا مرض فهي ود أو قدمت له هديةً في زواجه فهي ود أو نصحته فذلك ود ، فالمشاعر الداخلية هي الحب ، والمسالك المادية هي الود فكل ودود محب ، وليسَ كلُ مُحب ودوداً .
ويمكن لإنسان أن ينطوي على محبة ولا تظهر في سلوكه ، و كل ودود مودته أساسها مشاعر الحب في قلبه ، والله سبحانه وتعالى يقول :
" وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ " .
يعني كل هذا الكون تودََدَّ من الله إلى الإنسان ، فالكون والمجرات والسماوات والأرض ،و الشمس والقمر ، والأمطار ، ومليون نوع من السمك ، ود وتسعمائة ألف نوع من الطيور ، ود ، والآلاف المؤلفة من أنواع الأزهار بِشتّى الأشكال والروائح ود ، وأنواع الفواكه ود وهذا الطفل الصغير الذي يملأ البيت حيوية ود ، وهذه الزوجة التي صُمِّمَت تكريماً للإنسان ، وهذا الزوج الذي خُلق تكريماً للمرأة ود ، وهذا الصوف الذي خلقه الله لنا ليقينا برد الشتاء ود ، و أيُّ شيٍء سُخرَ لهذا الإنسان هو في الأصل ود ، و الخلق، والكون كله قد سخره الله لهذا الإنسان تسخير تعريف وتكريم ، فالوَدود هو الذي يُنتقل حبه إلى سلوك .
وهنا تطالعنا حقيقة ملموسة وهي أن الإنسان إذا أحب يميل ، فإذا ابتعد المحبوب أَلَمَّ بالمحبَّ ألمّ ، وهذا ألمُ الفِراق ، وما من إنسان يودّع محبوباً في المطار إلا ويبكي ، وما من أُم يفارُقها عنها ابنها إلا وتبكي فهل يصح هذا المعنى بالنسبة إلى الله عز وجل ؟ ،
إن علماء التوحيد قالوا : " لا ، فالميل الذي من شأنه الضعف والتحسر والألم ، هذا لا يصح على الله عز وجل ، ولكن الإنسان إذا أحب أحسن ، وإذا أحب خضع وإذا أحب تذلل "، فالإنسان هكذا يفعل ، ولكن الله إذا أحب أحسن ورحم وأكرم ، فحُب الله عز وجل للمؤمنين ثابت في القرآن الكريم والدليل :


(سورة المائدة)
محبة الله عز وجل للمؤمن تعني حِفظه ، وتأييده ، ونصره وإكرامه ، وإنزال الرحمة على قلبه ، وإنزال السكينة ، وإغناءَه بكل ما يحتاج، هذا هو الحب الإلهي أما حُب الإنسان لله عز وجل فيعني الميل فإذا جفاك ربك وأبعدك عن أنواره شعرت بألم لا يطاق .

فما حبنا سهل ولكن من ادعــى سهولته قلنا له قد جهلتنــا
فأيسر ما في الحب للصبّ قتله وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنا
والإنسان إذا أحب الله مالَ إليه ، وخَلَدَ إلى ظِلِهِ وإلى أنوارهِ وإلى تجليّاتهِ وإلى سكينته ، وإلى الشعور بأن الله يحميه ويحفظه ، لكن حُب الله للإنسان يعني التأييد والنصر والحفظ وما شاكل ذلك ، أمّا الودّ فهو ما يتجسّد به الحب ، وهذه مقدمة أظنها ضرورية ومفيدة .
ونتجاوز المقدمة الآن إلى المعاني الدقيقة التفصيلية لمعنى الودود فالله سبحانه وتعالى يقول : " وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ " .
الودود بوزن فَعول ، والفعول هنا بمعنى فاعل ، الوادّ ، الذي يُكرم عباده ، والذي تُعَدُّ نِعَمُهُ مظهراً لحُبهِ لعباده ، فأنت مثلاً وبشكل بسيط إذا أحببت إنساناً ورأيت على ظهره نملة ، فإنك تنجّيها عنه ، وإذا أحببت إنساناً ورأيته يرتجف برداً فإنك تعطيه معطفك ، وإذا أحببت إنساناً ورأيته بحاجة إلى شيءٍ ما فأنت تقدمه له ، فالود هو المظهر المادي للحب وربنا عز وجل وهو الغفور الودود ، والوادّ .
كل هذا الكون مظهر لحبه ، وكل هذا الكون نوع من أنواع الود الإلهي ، إنه تودَّدَ إلينا بهذا الكون . ومن أجل ألاّ نبتعد عن هذا الموضوع كثيراً ، فهذه الدواب ألا تأكل طوال حياتها الشعير فقط ، فهو بالنسبة لها المقبلات وهو الحلويات وهو الفواكه ، وليس لها غير الشعير والأعشاب أما الإنسان فيمكن أن يأكل إلى شهر كل يوم لوناً من الطعام ، ويمكن أن يتذوّق أنواعاً كثيرة من الفواكه ، ويمكن أن يستعمل الأزهار .
وإذا دخلنا إلى محل عطورات فشيء يأسِر ويدهش ، إذ منها ألوف الأنواع ، وكلها في الأصل من خلق الله عز وجل ، فهذا الياسمين وهذا البنفسج وهذا الورد ، وكل أنواع الروائح عطاءُ فيضٍ من خلق الله عز وجل .
خلَقَ هذه الروائح الطيبة ، وخلق هذه الحاسة الدقيقة التي تتذوق هذه الروائح الطيبة ، إذاً : خَلَقَ الشيء وخَلَقَ الجهاز المُستقبِل لَهُ ، وخَلَقَ هذه النِعمة وخَلَقَ ما يستقبِلُهَا ، فهذا هو الود.
إذاً : هنا الودود يعني الوادّ ، و الودود هو الذي يتودد إلى عباده بالنِعم ، فإذا صحت الرؤية واستيقظَ القلب وتفتّحَت البصيرة ، رأيت أنَّ كل هذا الكون ما هو إلا تودد من الله إلى هذا الإنسان .
والآن أنت حينما تصلي وتصوم و تحج ، وحينما تغض من بصرك وتتصدق ، و تكون أميناً ، و تنصح المسلمين ، و تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وتنفق من مالك ، كل هذه الأفعال من اعتقادات إلى عبادات إلى معاملات إلى آداب، هي في حقيقتها تودد إلى الله عز وجل هو تودد إلينا بالكون ، وأوجدنا بالخلق ، وسخر لنا هذا الكون ، وأعد لنا جنة عرضها السماوات والأرض ، ونحن نتودد إليه بالإيمان به ، وبعبادته وطاعته ، وامتثال أمره ، وبترك ما نهى عنه ، وبالتخلّق بأخلاق نبيّه وبالبذل والعطاء ، ويكون الكون كله من قبل الله تودد إلى هذا الإنسان ، وكل أعمال الإنسان الصالحة هي في حقيقتها تودد إلى هذا الخالق العظيم . " وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ " أي الواد ، الذي يتودد إلى عباده بنعمه .
أسألك بالله عزيزي القارئ ، لو دعاك أحدهم إلى بيته ، ورأيت هذا البيت مُدفَّأً مسبقاً إكراماً لك ، والماء العذب الزلال المُعطّر بماء الزهر والأرائك ، والمشروبات اللذيذة المتقنة و الطعام النفيس العطر ، والورود والهدايا ، ألا تخجل ، ألا تذوب حُباً له ، ألا تشكره من أعماقك، ثم ألا تقول له : والله يا أخي ، فضلت عليَّ ، والإنسان عبد الإحسان ، ولماذا تتحسس إذ أدى إنسان عنك الإجرة في سيارة ؟ طوال الطريق تبقى خجلاً منه : وتقول يا أخي والله خجلتني .. كلها من أجل ليرتين ، أو إن جاءك إنسان مهنئاً ومعه هدية ، تحار كيف تُكرمه ، ولماذا هذا التحسس بفضل الإنسان ؟ وهذا الفضل الإلهي وأوّلُه أنه ؛ خلقك من لا شيء ، ألاّ يستحق منك كامل التحسس ، قال تعالى :

(سورة الإنسان)
هذا الفضل الإلهي من دون تحسس ، ومن دون شكر ، هل قلت من أعماق أعماقك ؟ يا رب لك الحمد على أن خلقتني ، يا رب لك الحمد على أن عرّفتني بذاتك ، يا رب لك الحمد على أن أعنتني على طاعتك ، ثم يا رب لك الحمد على أن نوّرت قلبي بنورك ، و يا رب لك الحمد على أن ألهمتني أعمالاً صالحة ، فالله يقول لك : أنا سأسمع ؛ فقل وتكلّم لأسمعك ، فتقول له سَمِعَ الله لمن حمده ، ألا تفعل هذا في الصلاة ألا تقول سَمِعَ الله لمن حمده ، يعني يا عبدي أنا أسمعك فيما تقول ، ربنا لك الحمد والشُكر ، وهناك من يقول : يا رب لك الحمد والشُكر والنعمة والرضا ، هناك من يقول : يا رب لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً بعدد خلقك ، يعني ما نَشَأَ بقلب الإنسان من شعور عميق بالحمد فلله عز وجل ، واذكروا دائماً أنّ كل هذا الكون تودد إليك.
مرةً سافرت ، فانتظرني شخص بالمطار و أخذني إلى بيته وخصص لي سائقاً وسيارة، وأنزلني بأفخم فندق في مكة المكرمة وبالمدينة كذلك ، وعمل دعوتين أو ثلاثاً ودعا إليها عشرات الأشخاص وقدم معروفاً لا أنساه حتى الموت ، و كلما جاء إلى الشام أحار كيف أُكرمه وكيف أُقدم له الهدايا و أدعوه ، وهو إنسان استضافني عشرة أيام في موسم الحج .
فالنِعم الإلهية التي تترى على هذا الإنسان لا حصر لها ، فعندما يدخل إلى الخلاء يُفرغ مثانته ، من دون آلام و لا تمييل ، ولا حصر بالبول ، ولا صراخ ، ولا إسعاف إلى المشفى ، هذه نعمة عظيمة ، بدأت بذكرها لأن كثيراً من الناس غافلون عنها . فهل من مذّكر .
والقلب يعمل بانتظام ، والدسام يعمل بانتظام ، الأوردة والشرايين والمعدة والأمعاء و الكبد والكليتان ، وجهاز التنفس والأعصاب والإنسان يتمتع بنعمة عقله في رأسه وهذه من نِعم الله العظمى .
فكل هذا الكون تودُّد لهذا الإنسان ، ويجب أن يكون لسان حال المؤمن :


(سورة الأنعام)
فحياتي كلها ، ووقتي كله ، وطاقتي ومالي وإمكانياتي و علمي وأولادي ، وبيتي في خدمة عبادك ، ومهنتي في خدمة عبادك ، ومالي امتثالاً لأمرك وإيماناً بك . وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان : "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " .
ذات مرةٍ رويتُ واقعة ؛ قسم منها واقعي والقسم الثاني تكملة إنَّ رجلاً كان يريد أن يلقي بكيسٍ في حاوية القمامة ، فوجد كيساً أسود يتحرك ، فانتشله فإذا فيه طفل صغير وُلِدَ توّاً ، هذه قصة واقعية في الشام فأخذه إلى دار التوليد ، فأنعشوه في الحاضنة ، حتى تحسنت صحته ، ثم نقله إلى البيت واعتنى به عناية بالغة حتى صار في سن الدراسة ، فأدخله إلى المدرسة ، إلى آخره .
التكملة تابع تعليمه إلى أن تخرج طبيباً ثم بعثه للتخصص وعاد بشهادة البورد ، فاشترى له بيتاً وعيادة ، وزوجه ، فهذا الطبيب اللامع حينما يعلم أن هذا الإنسان سبب حياته ، واللهُ هو المُحيي ، وسبب هذه المرتبة العليّة ، كيف يكون موقفه منه ؟ إنه يقول له دائماً : أنا لا أنسى لك هذا الفضل حتى الموت . فأنت الشيء نفسه ، لم تكن شيئاً مذكوراً خلقك تنعم من أول لحظة بهديتين نفيستين :

(سورة البلد)
فأول هدية أنه حينما يولد الإنسان فيلهمه الله عز وجل عملية بالغة التعقيد هي المص ، الآن ولد ، وخلال دقائق يضع شفتيه على حلمة الثدي ويُحكم إغلاقَهما ويسحب الهواء ، فلولا أن الله يُلهمه هذا السلوك المُعقّد لما كُنا على وجه الأرض جميعاً .
والهدية الثانية ؛ هي الأم ، مَن هذا الكائن ؟ إنها الأم آية من آيات الله ؛ فوجودها من أجل ابنها ، و أعصابها وإدراكها ومشاعرها إنها تتفاعل مع ابنها تفاعلاً عجيباً ، وكأن هناك اتصالاً دائماً ، فإذا كانت عند الجيران ، تقول لقد استيقظ ابني ، كيف عرفت ؟ لقد طفّ الحليب من ثديها .
فالأم هدية ، والأب هدية ، وقد قال لي رجل أنا خادم مخلص بلا أجرة ، فما أريد في هذه الدنيا سوى طعامي وكسائي ، إنني أتعب من أجل أولادي ، فالأب خادم لأولاده ، يشقى ليسعدوا ، ويريد تأمين بيت لأحد أبنائه مثلاً يسعى ليزوج آخر وهكذا ... فالأب هدية ، والزوجة هدية والأولاد هدية .
هذا الهواء ، وهذا الماء العذب الزلال ، فكل ليتر ماء تكلّف تحليته من خمسة إلى ستة ريالات في المملكة العربية السعودية ، ستة ريالات تعني سبعين ليرة ، فأنت تأخذ ماء عذباً زلالاً، ففي كل ثانية تستهلك دمشق ستة عشر متراً مكعباً من مياه عين الفيجة ، ماء مُصفّى عذباً فراتاً ، فالماء هدية من الله عز وجل .
وما تقول بأنواع الفواكه ، أيضاً ؟ وكذلك منحك الله عقلاً فأتقنت أعمالك وسعدت به ، فإتقان العمل كرامة ، ولك دخل ثابت ، فهذه حِرفة وكلّ له اختصاص ، فهذا طبيب وهذا مهندس، فلذلك بحثنا هذا شامل شمولاً كبيراً جداً ، فكل الكون تودد من الله إليك ، ويجب أن تكون حياتك ومماتك ونُسُكُكَ وعبادتك ومالك لله قال أحدهم لشيخه : يا سيدي كم الزكاة ؟ فقال : يابني أعندكم أم عندنا ؟ قال : ما هذا السؤال ؟ مَن نحن ومَن أنتم ؟ قال : عندكم اثنان ونصف بالمائة ، أما عندنا ، أهل الحب فالعبد وماله لسيده .. فهل تتفهم هذا الكلام الذي تبدأ به صلاتك ؟


(سورة الأنعام)
هذا هو المعنى الأول
والمعنى الثاني ؛ أن يكون معنى كونه ودوداً أي يخلُق المودة بين خلقه ، فمن ألقى حُب الأبناء في قلوب الأمهات ؟ ادخلْ مشفى الأطفال فإنك ترى منظراً يُبكّي ، فالأم البدوية تبكي من أجل ابنها ، والسافرة والمثقفة ، والجاهلة ، والمؤمنة المحجبة كلهن يبكين إنه نمط واحد ، فكل هؤلاء الأمهات أودع الله في قلوبهن محبة تجاه أبنائِهنْ .
إذاً ، أحد معاني كلمة : "ودود" ؛ أنه يخلق الود بين عباده ، الأب أب ، والابن ابن ، والأخ أخ ، والزوجة زوجة كلهم يتواددون فيما بينهم قال تعالى :

(سورة الروم)
من خلق هذه المودة ؟ ..
لي قريب كان مسافراً خارج القطر لأربع أو خمس سنوات وعنده في كل سنة إجازة شهر ، فكل سنة ليتزوج ، فلا يرى شيئاً مناسباً و تنتهي إجازته ثم يعود ويسافر ، وبعد أن أمضى سنوات عدة توتر توتراً شديداً ، ما هذه الظروف المعاكسة ؟ يقول هذا البيت لأهله مشكلة، و لهذه الفتاة مشكلة ، وهذه لا تُناسب ، وفي السنة الرابعة وفي آخر يوم بالإجازة وجد فتاة مناسبة ، فأحبَّ ألاّ يغادر إلاّ وقد عُقِدَ العقد ، إذ والدته تعرفت إليها عصراً ، فتواعدوا في اليوم التالي ظُهراً أن يأتي موظف المحكمة ليعقد القران ، إقلاع الطائرة الساعة الرابعة عصراً ، فحدثوني أن هذه الفتاة حينما خرجت بعد أن عُقد قرانها على هذا الشاب قد بكت حتى ماتت من البكاء ! البارحة كان يوم الخطبة إنه يوم غريب ، مداه أربع وعشرون ساعة إلا أنه كان يوماً عجيباً ، وفي اليوم التالي كان الوداع فبكت هذه الخطيبة وبكت . ولما يمض على العقد إلاّ سويعات . قال تعالى :
" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "
أول معنى هو يُودكم ، بهذه الصحة بالنِعم بالماء بالطعام بالشراب بالفواكه ، بالأسماك بالأطيار ، وأحياناً ترى أسماك زينة وليست للأكل ، ويكلف الحوض عشرة آلاف أو أكثر ، ومنها أسود ومنها أخضر و منها خيوط فانظر هذه الأسماك ، لماذا خُلقت ؟ من أجلك ، ومن أجل أن تستمتع بمنظرها فقط وهذه العصافير الجميلة لماذا خُلِقت ؟ .. وهذه الأصوات الرائعة لماذا خُلِقت ؟ هذه الروائح الزكية لماذا خلقت ؟ وهذه الورود ، صدقاً اطلّعت على كتاب من ثمانية عشر جزءاً ، وهو كتاب كبير الحجم ، وفي كل صفحة صورة وردة ، ثمانية عشر جزءاً كل صفحة فيها صورة لنوع من أنواع الورود ، و ليس ورود أبصال ، وعندنا ورود وأبصال فقط ، فلمن هذا ؟ أعطوْا الدابة وردة فأكلتها ، فالذي أعطاها الوردة هو الغبي ، فهذه للشم وليست للأكل، و ليس الورد للدواب .
و في الشتاء في غرفة الجلوس تُحب أن تستمتع بنباتات ضمن الغرف لا تحتاج في غوها إلى شمس ، وهي تنمو وتتنامى ، وهي جميلة إنها نباتات صالونات ، وهناك نباتات للمياه، و نباتات للحقول .
ثلاثمائة نوع عنب ، التفاح أنواع منوّعة ، أخ من إخواننا كان في إفريقيا ، أحضر لي موزتين ، من غينيا لِمَ هاتان ؟ قال هاتان لأجل القلي ، ما هذا الكلام !! ، هذا للطبخ فقط ، وبينما الموز عندنا فاكهة للأكل ، وعندهم للطبخ ، ذقتها فوجدتها لا تؤكل ، نيئة قليناها مثل البطاطا فهي طيبة شهية ، فكم نوعٍ خَلَقَ الله من الموز ؟ والقمح ثلاثة آلاف وخمسمائة نوع .
أنواع البرتقال ، منها ماء ، ومنها ناشف ، وحلو وحامض كبير وصغير ، وما وردي ، كلها مودة من الله عز وجل ، والنوع الواحد من الفاكهة أنواع منوعة ، هذه المودة .
فالمعنى الأول أنَّ الله يودك ، والمعنى الثاني يخلق المودة بين خلقه ، تدخل إلى سهرة في بيت أهلك فترى مودة ، منها مزاح ومعاونة والإنسان كائن اجتماعي ، فمن صممه هذا التصميم ؟ ، يقول لك : سهرنا إلى الثالثة ، مسرورين بما بينهم من مودة بينهم ، وأحياناً بحسب السن وبحسب الحِرفة ، تجلس مع أطباء يتحدثون عشر ساعات في حرفتهم مسرورين ، ومع المهندسين الشيء نفسه ، مع المدرسين ، يقول لك مزهواً الدرس الفلاني أتقنته والطلاب أعجبوا به ، اجلسْ مع التجار يقولون لك : هذه الصفقة ممتازة وهذه لم تربح وهذه أرباحنا فيها كانت خيالية كل مجتمع له حديث ممتع وله ترتيبات ، فهذه هي المودة ، خلق بين عباده الود .
المعنى الثالث بمعنى فعول : أي أن الله سبحانه وتعالى يتوددُ عبادُه إليه ،و هو يتودد إلى عباده ، وهو يخلق المودة في قلوب عباده بعضهم لبعض ، فعباده يتوددون إليه ، أي ثلاثة معانٍ دقيقة للود ، من الله إلى عباده ، ومن العباد إلى ربهم وبين العباد فيما بينهم . لهذا يقول عليه الصلاة والسلام :
" رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس " .
و أعقلُ عمل ، أحكمُ عمل ، وأذكى عمل يفعله المؤمن بعد أن يؤمن بالله أن يتودد إلى الناس ، حتى يسري الحق إليهم ، قال تعالى :


(سوروة آل عمران)
قال الخليفة لأحد العلماء عِظْني : فقال له العالم : سأنصحك وسأغلظ عليك ، قال : ولِمَ الغِلظَة يا أخي ، لقد أرسل الله مَن هو خير منك إلى من هو شر مني ؛ لقد أرسل موسى وهارون إلى فرعون ومع ذلك قال لهما : فقولا له قولاً ليناً .. فلِمَ الغِلظَة ؟ من قال لك إن النصح يحتاج إلى غِلظَة ؟.
الإمام الرازي كان من كبار العلماء ، إنه الفخر الرازي ، وله هيبة كبيرة ، وله موكب فخم ، وقد كان في درسٍ من دروسه ، فخرج من المسجد ، ثياب أنيقة ومعه تلاميذه ، ووجهه منير متألق مهيوب ، فرآه يهودي ، عامل مجارير ، فقير مسحوق ، جوعّ على مرض على حرمان على فقر على احتقار الناس له ، فنظر هذا اليهودي إليه وقال له : يا هذا يقول نبيكم الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، فأي سجن أنت فيه وأي جنة أنا فيها ، فقال له الإمام الرازي : يا هذا ما أنا فيه إذا قيس إلى ما أعدَّ الله للمؤمن فأنا في سجن ، وما أنت فيه إذا قيس بما أعد الله للكافر من عذاب فأنت في جنة . يُقال ثم إِنه تفكر ملياً وقال أشهد ألا إله إلا الله ، حقاً إنه جواب مفحم أي ما أنا فيه من هذا العِزّ إذا قيس إلى ما وعدني الله به من جنة عرضها السماوات والأرض فأنا في سجن .
وهكذا قال عليه الصلاة والسلام ، انتقال المؤمن من الدنيا إلى الآخرة كما ينتقل الجنين من ضيق الرحم إلى سعة الدنيا ، فالجنين يعيش في سبعمائة وخمسين سنتمتراً مكعباً بالضبط ، والرحم تجويفه قبل الحمل حوالي سنتمترين مكعبين وكأنه لا يوجد تجويف ، بل عبارة عن عضلة على شكل إجاصة ، وجحمه أثناء الحمل أو بأعلى نسبة سبعمائة وخمسين سنتمتراً مكعباً، والإنسان إذا ولد ثم كبر وتجوّل يقول لك : والله كنا في أمريكا واستغرق سفرنا عشر ساعاتِ طيران ، كان محبوساً في سبعمائة وخمسين سنتمتراً ثم طار في الأجواء ، فكيف ينتقل الإنسان من ضيق الرحم إلى سعة الدنيا ، قالوا : المؤمن حينما يموت ينتقل من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ، ولهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين :


(سورة يس)
هذه هي البطولة ، أن يأتي هذا اليوم وأنت في منجاة ، وأنت من أهل الجنة ، نسعى كلنا ونجتهد ، ونحضر دروس علم ،و نغضّ بصرنا ونخاف من الله ، ونضبط ألسنتنا ، ونضبط جوارحنا ، و نقرأ القرآن ونخدم بعضنا ، حتى يأتي هذا اليوم الذي نسعد فيه .
فحظ العبد من هذا الاسم أن يتودد إلى العباد ، فهنا طفل توددْ إليه ، وهناك كبير توددْ إليه ، وأكبر منك عامله بالاحترام ، وأصغر مِنكَ فبالرحمة ، وبمستواك فبالإحسان ، هذا هو المؤمن ، يجعل من إحسانه طريقاً إلى الدعوة إلى الله عز وجل .
وبعد ، فهناك سؤال لا بد منه : هل الود هو الرحمة ؟ فهمنا أن الود هو الحب والحب مشاعر داخلية تنتقل إلى سلوك مادي ، هذا هو الود ، الود والمحبة وجهان لشيء واحد ، مثل الإخلاص والعبادة ، من الداخل إخلاص ومن الظاهر طاعة ، فالشعور الداخلي حب ، والسلوك العملي مودة .
وهل هناك فرق بين المودة والرحمة ؟ ، إنه : لفرق كبير فالرحمة متعلّقة بمخلوق ضعيف ، بمخلوق يستجير ، وبإنسان مريض وبإنسان مُعذب ، بإنسان فقير ، فأنت ترحمه ‍‍! أمّا الود فليس للضعيف فأنت حين تقدّم شيئاً إلى إنسان من دون أن يسألك ، فابتداءً هذا هو التودد وأحياناً يطرق بابك إنسان ، فيتوسل إليك ويقول : أقرضني أرجوك أسعفني ، اقبلني عندك ضيفاً ، أو أوصلني إلى هذا المكان ، أو ارحمني خذني إلى الطبيب الفلاني ، فهذا إنسان مستجير ، وأنت إذا فعلت ما يناسب فما اسمك ؟ اسمك رحيم ، وذاك مخلوق ضعيف استجار بك، أما إذا زُرتَ صديقاً في أوج صحته وقوته وشبابه ، ومكانته ، وقدمت له هدية بمناسبة زواجه ، و هو لم يستجر بك ، فالود ابتداء ، وأمّا الرحمة فيسبِقُها طلب والود لغير الضعيف ، والفقير والمستجير ، هناك فرق بين الود والرحمة ، فربنا عز وجل حينما خلقنا كان ودوداً ، ونحن لم نكن موجودين ، فهو خلقنا وأكرمنا وأنعم علينا ، مودته لنا ابتداء وهي أرقى بكثير .
ولقد قرأت قصة من أدق القصص ، عن أحد ولاة العباسيين في الشام ، إذ حدثت فتنة في الشام فضيّقوا الخِناق على الوالي فولّى هارباً مع بعض أعوانه ، وتَبِعَهُ رجال ليقتلوه فدخل بيتاً واستجار به ، وصاحب البيت أجاره ، وبقي عنده أربعة أشهر ، فأكرمه أبلغ إكرام ولم يسأله عن اسمه ، ثم طلب أن يذهب إلى بغداد فجهز له عبداً ودابتين وفرساً وصندوق أمتعة ، وطعاماً وشراباً ، وألحقه بقافلة ، وأكرمه إكراماً منقطع النظير أربعة أشهر يقدم له كل شيء من دون أن يسأله عن اسمه ، فلما أزمع السفر إلى بغداد وقد قدم له كل شيء ، واعتذر منه يقوله : لعلّنا قصًّرنا في حقِك ، ولم يعرف اسمه ، وفي بغداد صار هذا الرجل الطريد في منصب صاحب الشرطة يعني وزير داخلية عند المنصور ، وبينما كان في حضرة المنصور جاء الجنود برجل يكاد يموت من شدة التعذيب ، فألقوه مكبلاً بالقيود في حضرة المنصور ، وقالوا هذا فلان جئنا به، ويبدو أن الوقت متأخر فقال المنصورلصاحب شرطته ، خذه في عهدتك إلى غد ، وكان شخصاً خطيراً جداً ، فطبعاً غداً سيُقتل ، و لشدة حرص الأمير صاحب الشرطة على حياته على حياته أخذه إلى بيته ، وقال له من أين أنت ، قال أنا من الشام ، قال : وما قصتك ، قال: ثارت فتنة هوجاء في الشام وأُلصقت بي هذه التهمة وعُذبت وساقني المنصور إلى بغداد وسيقتلني غداً وأنا بريء ، قال له : بارك الله في أهل الشام ، أنا كنت في الشام مرةً وثارت فتنة كما تقول والتجأت إلى بيت وذكر له قصته مع صاحب ذاك البيت بشكل مفصّل ، وقال : والله لا أتمنى على الله إلا أن يجمعني به لعلي أُقدم له بعض الجميل ، قال : إن الله عز وجل قد أكرمك وجمعك به عن غير قصد ، فأنا ذلك الرجل ، ومن شدة الآلام والتعذيب فإن ملامحه قد تغيرت ، يقولون : إن صاحب الشرطة أول شيء فعله وقف مرتعداً وطلب الحداد وقال له فُك قيوده ، و فوراً فُكت قيوده ، فأدخله الحمام وألبسه أحسن الثياب ، وقال أنت حر فافعل ما تشاء ، وأنا سأتحمل عنك غداً كل مسؤولية عند الخليفة ، وهذا أقل ما أفعله معك ، قال : والله لو توجهت إلى أي مكان فسوف يأتي بي ويقتلني ، اذهب إليه ، فلما دخل على المنصور قال له : أين فلان ، والله لو قلت لقد هرب لأضربن عنقك ، قال : هذا كفني تحت إبطي واسمع قصتي وافعل بي ما تشاء ، قال : هذا الرجل فعل معي كذا وكذا يوم كنت والياً الشام ، فيقول المنصور ، أكرمك الله ، لقد أكرمك وهو لا يعرفك ، وأنت الآن فعلت معه ما فعلت وأنت تعرفه ، لكني أنا الذي سأكافئه عنك ، اذهب إليه واستقدمه إلي وأمنّهُ ، فالمنصور عيّنَهُ والياً على الشام ، وانقلب أمره ، من القتل إلى الولاية . فما هذا المعروف!!.؟
استرعى نظري في القصة ، أنه أكرَمَكَ وهو لا يعرِفُك ، هذه هي المودة أما أنت فإكرامك له الآن ردُّ جميل لا أكثر ، أنت مديون له ولو قدمت نفسك مكانه لما فعلت إلا القليل ، هو قدم لك الحياة ، فقد كنت مقتولاً ، وأدخلك إلى البيت ودافع عنك وقدم لك كل شيء أربعة أشهر واعتذر منك وهو لا يعرفك ، الأولى أبلغ من الثانية ، قال له : مهما فعلت فلن تكافئه وأنا سأكافئه ، واستقدمه ، فاعتذر عن قبول الولاية بالشام فأرسل كتاباً إلى والي الشام أن يعتني به وأن يبالغ في إكرامه .. البر لا يبلى ، والذنب لا يُنسى ، والديّان لا يموت اعمل ما شئت كما تدين تدان .
لكن الإنسان إذا ما تحسس فضل الله عز وجل ، " أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ " وفي سورة أخرى " يَاأَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ، الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلكَ ، فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ " وقال تعالى :

(سورة عبس)
ماذا ينتظر الإنسان وماذا يفعل ؟ وما الذي منعه أن يتوب إلى الله؟ وما الذي يمنعه أن يصلي ؟ وأن يذكر الله عز وجل ، وأن يفعل الخير مع الناس جميعاً .
ولقد حدثني أخ من إخواننا الكرام ، عن حادثة ، قال كنت راكباً سيارتي وماراً في ضاحية دمر ، والحادثة قديمة منذ عشر سنوات أو أكثر فوجدت رجلاً في الساعة الثانية عشرة ليلاً واقفاً مع امرأة ويحمل أحدهما طفلاً صغيراً ، قلت لعلهم غرباء أوْ لهم حاجة ، فوقف وقال خيراً ، فوجد الطفل بحرارة مرتفعة جداً ، والأب والأم من لبنان هاربان من الأحداث وهو يسكن في منزل بالإجرة عند جيران ، والابن مريض ولا يعرفان شيئاً في الشام ، قال أركبتهم وبقيت معهم من طبيب إلى طبيب إلى مستشفى .. للمعالجة وتوفير العلاج ، ولصيدلية مناوبة حتى الساعة الرابعة صباحاً وأرجعتهم إلى المكان الذي أخذتهم منه ، ثم أقسم لي هذا الأخ الكريم أنه بقي أسبوعين وهو غارق في السعادة ، يعني إذا أردت أن تسعد فأسعد الآخرين .
لا يعرف طعم الإحسان إلا المُحسن ، وسيدنا عمر كان يتمشى ذات ليلة في المدينة مع سيدنا عبد الرحمن بن عوف ، فلما رأى قافلة في أطراف المدينة وقد نام أصحابها ، قال لصاحبه تعال نحرسها لوجه الله إنهم تُجّار ومعهم متاع وبضاعة فبكى طفل صغير ، فقال لأمه أرضعيه سكت الطفل ، ثم بكى ، فقام إليها وقال أرضعيه ، أسكتته ثم بكى ، فغضب فقام إليها وقال يا أَمَةَ السوء أرضعيه ، قالت يا هذا ما شأنك بنا ، إنني أفطمه وعمر لا يعطينا العطاء إلا بعد الفطام ، " العطاء يعني التعويض العائلي " في زماننا ، يقول سيدنا عمر قد ندّت منه صيحة وضرب رأسه وقال ويحك يا ابن الخطاب كم قتلت من أطفال المسلمين ، .. فكل هذا التعذيب مني وأنا السبب ، لأن العطاء بعد الفطام وهي الآن تفطمه وتجيعه فأصدر أمراً فورياً أن العطاء بدءاً ساعة الولادة ، ثم صلى الصبح وما سمع أصحابه من قراءته شيئاً لشدة بكائه ، وكان يقول: يا رب هل قبلت توبتي فأهنِّئ نفسي أم رددتها فأعزيها .
المُحسن أسعد الناس ، وقد قرأت كلمة في مجلة ، وهي أربع كلمات فأحياناً تنتهي المقالة في المجلة ويبقى في صفحة منها فراغ فيزينونها بكلمة مثل هذه " إذا أردت أن تسعد فأسعد الآخرين "
عزيزي القارئ اذكر دائماً : الله عز وجل مُحسن ، ويحبك أن تكون محسناً .

والحمد لله رب العالمين

******

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اسم الله : "الودود"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أسماء الله الحسنى : "هو الله"
» أسماء الله الحسنى : " مؤتي الحِكمة "
» أسماء الله الحسنى " القابض الباسط "
» أسماء الله الحسنى " المُعزّ المُذِل "
» أسماء الله الحسنى : " المتكبر "

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المدية :: - دينــــــــــي الحنيــــــــف - :: المنتــدى الإسلامـــي :: قســم أسمـــاء الله الحسنـــــى-
انتقل الى: