منتدى المدية
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى, و شكرا.
إدارة المنتدى

منتدى المدية
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى, و شكرا.
إدارة المنتدى

منتدى المدية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني10

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Hamykaly
 
 
Hamykaly


عدد المساهمات : 176
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
العمر : 34
الموقع : سوق أهـــراس

شرح  كتاب العلم  من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني10 Empty
مُساهمةموضوع: شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني10   شرح  كتاب العلم  من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني10 Emptyالسبت 6 مارس 2010 - 17:59

قصة إعتاق أبي عوانة من الرق

إذاً: هذا الحديث رواه ثمانية مع عارم بن الفضل أبي النعمان ، كلهم قالوا: حدثنا وأبو عوانة ؛ أبو عوانة هذا اسمه: وضاح بن عبد الله اليشكري ، ثقة ثبت، إلا أنه كان أحياناً يحدث من حفظه فيهم، وكان أبو عوانة مملوكاً من سبي جرجان، ومالكه كان اسمه: يزيد بن عطاء ، وكان ضعيف الحديث، أما أبو عوانة فكان في القمة بالنسبة لمولاه، وكان أبو عوانة هذا القائم على التجارة الخاصة بـيزيد بن عطاء ، ففي يوم من الأيام جاء إلى أبي عوانة شحاذ -أي: متسول- فقال له: أعطني درهمين، وسوف أنفعك، قال له: كيف تنفعني؟ قال: ستعلم، فأعطاه الدرهمين، فذهب هذا الشحاذ وطاف على رؤساء البصرة -لقد كان يزيد بن عطاء رجل له أبهة، وغني، ومن الأكابر، ومعروف في البصرة- فهذا الشحاذ طاف على كل رؤساء البصرة وقال لهم: ألا تذهبون إلى يزيد بن عطاء لتهنئوه وتشكروه؛ لأنه أعتق أبا عوانة ، ومعلوم أن هذا لم يحصل، ففوجئ يزيد بن عطاء أن هذا الجمع كلهم جاءوا وقالوا له: هنيئاً لك، لقد أحسنت حيث أعتقت أبا عوانة ، فأَنِف الرجل أن يردهم، فكلهم جاءوا ليسلموا عليه، ويهنئوه على فعله، أيعقل بعد هذا أن يقول لهم: أنا لم أفعل؟ فأنف، وأعتق أبا عوانة . فأحياناً قد يوضع الإنسان في مثل هذا الموقف فيحرج. فهذا يزيد بن عطاء عندما جاء إليه أهل البصرة ليهنئوه بأنه قام بإعتاق أبي عوانة لم يجد بداً من إعتاقه، مع أن يزيد بن عطاء خيَّر أبا عوانة بين أن يعتقه وبين أن يكتب الحديث، فاختار كتابة الحديث مع الرق. كم من ضعيفٍ متضعفٍ أعزه الله بالعلم . فهذا يزيد بن عطاء لا أحد يعرفه؛ لكن أبا عوانة في القمة . فكم من ضعيفٍ متضعفٍ أعزه الله بالعلم، (إن الله ليرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع آخرين) . وأبو بشر شيخ أبي عوانة في هذا الحديث، هو جعفر بن إياس وهو ثقة، وكثير من العلماء تكلموا في بعض حفظه، لكن رواية أبي عوانة عنه صحيحة، و يوسف بن ماهك ثقة أيضاً، و عبد الله بن عمرو بن العاص صحابيٌ جليل معروف . بهذا نكون قد وقفنا على عتبة المتن . يعني: تكلمنا عن الإسناد ووقفنا على عتبة المتن .

معنى الحاء الموجودة في بعض الإسناد

ونريد أن ننبه هنا إلى سبب وجود حرف (الحاء) في الإسناد، فهذه (الحاء): هي حرف تحويل، يعني: الإمام يريد أن يقول لك: أنا سأحول الحديث إلى شيخٍ آخر لي، يعني: بعدما يروي الحديث بسنده عن شيخه، مثل أول حديث في صحيح مسلم الذي افتتح به كتابه، قال: حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب ، حدثنا وكيع ، عن كهمس ، عن ابن بريدة ، عن يحيى بن يعمر ، ثم قال: (ح) ثم قال: وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري وهذا حديثه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا كهمس عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر . فشيخه الأول هو زهير بن حرب أبو خيثمة ، وهو هنا كأنما قال: أنا سأحول الإسناد إلى شيخٍ آخر، يعني أن حديثي يسنده إسنادان . وأحياناً يحول إلى ثلاثة أو أربعة . فحرف (ح) أول ما تراها في الأسانيد اعرف أنها حرف تحويل، أي: هو لتحويل الإسناد، وتجدونه بكثرة في صحيح مسلم، وتجدونه بقلة في صحيح البخاري. ثم أخيراً ما يرويه الطحاوي في شرح معاني الآثار عن سهل بن بكار ، عن أبي عوانة ، فهؤلاء تسعة يروون الحديث عن أبي عوانة ، عن أبي بشر ، عن يوسف بن ماهك ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص .

اهتمام البخاري بالفقه ومسلم بالصناعة الحديثية

والبخاري لم يتصد لبيان الأسانيد، إنما كان همه الأكبر المتن والفقه، أما مسلم فقد تفنن في الصناعة الحديثية، يعني: لما تقرأ: صحيح مسلم وأنت فاهم، فإنك تهز رأسك هكذا، وتقول: يا الله! ما هذه البراعة والإتقان؟! هذا عندما تمر على صحيح مسلم تحس بالصنعة . وتفعل نفس الفعل لما تقرأ كتاب: التاريخ الكبير للإمام البخاري . فالتاريخ الكبير للإمام البخاري كتاب معجزة، ويكفي أن إسحاق بن راهويه شيخ البخاري لما صنف البخاري هذا الكتاب، مِن كثرة إعجابه بالكتاب دخل على عبد الله بن طاهر الأمير وقال: أيها الأمير! ألا أريك سحراً؟! ألا أريك عجباً؟! وأراه هذا الكتاب . وربما أن عبد الله بن طاهر لم يفهم منه كلمة واحدة؛ لكن إسحاق بن راهويه بمجرد إطلاعه على الكتاب دخل على عبد الله بن طاهر -مع أن البخاري تلميذه، انظر إلى إنصاف أئمة الزمن الماضي! انظر إلى التواضع، شيخ يشيد بكتاب تلميذه، ويقول: ألا أريك سحراً؟! ألا أريك عجباً؟! فأراه الكتاب. فـالبخاري في الصحيح، وفي كتاب التاريخ يتعامل مع أناس يفهمون، لا تصلح كتب البخاري لغبي، فالغبي لا تنفعه قراءة صحيح البخاري، ولا يمسكه بيده، فهذا يُرِيْحُ نفسَه، ويبحث له عن كتاب متوسط يفهمه. البخاري يقول الكلمة مرة واحدة فقط، مثلاً: المشهور عن البخاري أنه يقول في مسألة ثبوت اللقاء: أنه لا يحدث اتصال راوٍ من راوٍ إلا إذا ثبت سماعه ولو مرةً واحدة، ولو في إسنادٍ واحد، فـالبخاري ينظر هل يوجد راوٍ معين مختلف في سماعه من شيخه، حينها يأتي بعشرة أو خمسة عشر سنداً وراء بعض، فالعلماء أول ما يقرءون الأسانيد بترتيبها، يقولون: هل البخاري يثبت السماع أو ينفيه؟! فـالبخاري له مذهب في ترتيب الأسانيد، وأهل العلم يعرفون هذا المذهب وهو أنه يريد بهذه الأسانيد إثبات السماع. فـالبخاري رحمه الله لم يكن يتصدى في الصحيح لمسألة الأسانيد . بينما مسلم هو الذي تصدى وتفنن، وأظهر براعته وفَهمه العالي لمسألة الإسناد في الصحيح، ولم يتصدَّ لاستنباط الأحكام العملية من الأدلة التفصيلية، ولذلك لم يبوب مسلم صحيحَه، كل التبويب الذي تراه في صحيح مسلم ليس من مسلم . وهذا التبويب هو تبويب النووي رحمه الله، لكن مسلماً رتب الكتب، قال: كتاب الإيمان، كتاب الصلاة، كتاب الطهارة، كتاب الزكاة، فترتيب الكتب من مسلم، أما الأبواب فإنه لم يبوب هذه الأحاديث مثل البخاري ، فالبخاري اعتنى بالتبويب، يقول: باب كذا؛ لأن البخاري أودع فقهه في تراجم كتابه، فلذلك لا تجد الصنعة الحديثية المثالية في صحيح البخاري، فإذا أردت الصنعة الحديثية المثالية فاقرأ صحيح مسلم.

تقدم البخاري ومسلم في علم الحديث

فلا تعترض على البخاري ولا على مسلم ؛ لأن هذين الإمامين اتفق أهل العلم على تقدمهما في صناعة الحديث، والمعروف أن كل صنعة لها أهلها. فلما يقال -مثلاً-: اتفق سيبويه و الكسائي -مع اختلاف المدرستين- على شيء في اللغة، فمثله وأعظم منه في الحديث إذا قيل: اتفق عليه البخاري و مسلم . فلما يتفق أهل الصنعة على شيء يقال: فلان هذا مقدم، فلا تعترض عليه إذا ظهر لك اختياره . فـالبخاري وإن كان الراوي مُتَكَلَّمٌ فيه، إلا أنه انتقى من أحاديثه ما لم يغلط فيه . إذاً: لا تأت وتقول له: كيف أخرجتَ له والعلماء تكلموا فيه؟ فسيقول لك: أنا أعرف أنهم تكلموا فيه؛ لكن هذا الذي أخرجتُه له مما لم يغلط فيه . وسأورد لكم مثالاً -واعذروني على إتياني بمثال كهذا- لو كان هناك قفص (طماطم) أو قفص (مانجو) وفيه -مثلاً- ستون أو سبعون حبة، منها ثلاثون أو أربعون حبة معطوبة، فماذا ستعمل؟ تنتقي من هذا القفص الحبات السليمة . فأنا يمكنني أن أقول لك: هذا القفص كانت فيه حبات معطوبة . ستقول: أنا أعلم أن فيه حبات معطوبة، ولكن هل أتركُه كلَّه؟ أنا انتقيت ما لم يدركه العَطَب . كذلك علماء الحديث، إذا كان الراوي متكلماً فيه، فالمعروف أن هذا الرجل لم يغلط في كل أحاديثه، إنما غلط في بعض أحاديثه، فأنا بما لي من الخبرة والعلم والدربة والممارسة عرفتُ أن هذا الراوي أخطأ في عشرة أحاديث، أو عشرين حديثاً، أو مائة حديث، أو ألف حديث، والباقي لم يغلط فيها، فأخذت ما لم يغلط فيه وخرَّجته عندي، أي ملامة عليَّ في ذلك؟ فالإمامان البخاري و مسلم عملا هكذا . من أجل هذا لا تنظر في أسانيد الصحيحين، فإن أسانيد الصحيحين صحيحة، إلا بعض أحرف قام الدليل على الغلط فيها، وأهل العلم يعتذرون عن البخاري وعن مسلم بحيث إذا صادفنا شيء من ذلك ذكرناه؛ لكن لا يختلف اثنان في تقدم البخاري رحمه الله، فإذا أخرج البخاري لراوٍ مُتَكَلَّمٍ فيه حديثاً، فهو قد انتقى من حديثه ما لم ينكروه عليه، ويكفي أن نعطي مثلاً بأول حديث في صحيح البخاري الذي قال فيه: حدثنا الحميدي ، قال: حدثنا سفيان بن عيينة ، قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري ، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم التيمي ، قال: سمعت علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه -وفي رواية للبخاري : على المنبر- يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أيها الناس! إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ...) إلى آخر الحديث المشهور. فهذا الإسناد (نظيف) و(مذهَّب)، ما عدا محمد بن إبراهيم التيمي ، سئل عنه الإمام أحمد فقال: له مناكير . فرب واحد يقول لك: إذاً ما دام له مناكير، فكيف خرَّج له الشيخان؟ نقول: الإمام أحمد قال: له مناكير، ولم يقل: كل أحاديثه مناكير، أو هو منكر الحديث، بل قال: له مناكير . فهذا الحديث مما اتفق أهل العلم جميعاً على أن محمد بن إبراهيم التيمي حفظه، وأنه لم يغلط فيه، فلا يقول قائل: هذا الحديث -وإن كان في الصحيحين- في إسناده محمد بن إبراهيم التيمي، وقد قال أحمد : له مناكير، فإنه يسقط . إذاً: أي إسناد في الصحيحين فيه راوٍ مُتَكَلَّمٌ فيه، اعلم أن هذا مما انتقاه صاحب الكتاب، وأن هذا ليس من جملة ما غلط فيه هذا الراوي . إذاً: عندنا ثلاثة رواة عند البخاري يروون هذا الحديث عن أبي عوانة ، وثمة آخرون من الثقات يروون هذا الحديث عن أبي عوانة ، فهذا الحديث يرويه مسلم في صحيحه أيضاً من طريق شيخيه أبي كامل الجحدري فضيل بن حسين و شيبان بن فروخ ، قالا -هذان الاثنان-: حدثنا أبو عوانة ... قلنا: البخاري في هذا الموضع قال: حدثنا عارم ، أليس كذلك؟! وفي كتاب العلم سيأتي بعد ذلك، قال: حدثنا مسدد ، وفي كتاب الوضوء قال: حدثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي أبو سلمة ، فهؤلاء ثلاثة قالوا: حدثنا أبو عوانة . فكم واحد في البخاري ؟ ثلاثة . إذاً: هؤلاء ثلاثة في البخاري . ومسلم روى هذا الحديث من طريق شيبان بن فروخ ، وأبي كامل الجحدري فضيل بن حسين ، قالا: حدثنا أبو عوانة . فكم شخصاً رواه عن أبي عوانة ؟ خمسة . وأحمد قال في المسند: حدثنا عفان بن مسلم ، قال: حدثنا أبو عوانة . فكم صاروا؟ صاروا ستة . والطحاوي في: شرح معاني الآثار يرويه من طريق أبي داود الطيالسي . فصار هؤلاء سبعة . وعندنا أبو عوانة يرويه من طريق معلى بن أسد ، قال: حدثنا أبو عوانة . كم صار العدد؟ ثمانية . فهذه الأسماء كلها متابعات . إذاً: هذه الطبقة هي طبقة شيخ البخاري ، انظر كم واحداً روى الحديث! كلهم يأخذ الحديث عن نفس الشيخ وبنفس السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

احتياط البخاري ومسلم في الرواية عن المتكلم فيهم

ومع ذلك فقد احتاط البخاري قبل مسلم -وهو شيخه-، و مسلم على وجه الخصوص ؛ لأن الصناعة الحديثية في صحيح مسلم أكثر منها في صحيح البخاري. فاحتاط مسلم في رواية مَن تُكُلِّمَ فيه، وبالذات هؤلاء الثلاثة الذين اعترض عليهم أبو زرعة الرازي ، فـأسباط بن نصر ليس من شيوخ مسلم ، ولكنه من شيوخ شيوخه، يروي عنه بواسطة، ولم يرو مسلم لـأسباط إلا حديثاً واحداً فقط في الصحيح، وهو الحديث الذي يرويه أسباط بن نصر ، عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الأولى، ثم استقبله صبيان فجعل يمسح خَدَّي أحدِهم، فلما مسح خَدِّي وجدتُ لكفه برداً وليناً كأنها خرجت من جؤنة عطار) هذا هو الحديث الوحيد الذي أخرجه مسلم لـأسباط بن نصر . أما أحمد بن عيسى المصري الذي تكلم فيه أبو زرعة الرازي وأشار إلى لسانه، كان الخطيب البغدادي يقول فيه: لم أجد حجةً لمن ترك حديث أحمد بن عيسى المصري . وأحمد بن عيسى المصري له في صحيح مسلم اثنان وثلاثون حديثاً تقريباً، لم يرو له مسلم منفرداً في صحيحه، إلا ثلاثة أحاديث، توبع عليها جميعاً، والمتابعون كلهم من خارج مصر، إذاً: لم يتفرد أصلاً بها . وبقية الأحاديث كان مسلم يقرن ما بين رواية أحمد بن عيسى وغيرِه، فكثيراً ما يقول: حدثنا أبو الطاهر -الذي هو أحمد بن عمرو بن السرح- و أحمد بن عيسى ، أو يقول: حدثنا حرملة بن يحيى ، و أحمد بن عيسى ، أو عمرو بن سواد و أحمد بن عيسى ، يعني: أن مسلماً يروي لـأحمد بن عيسى مقروناً بغيره، فقد احتاط، والأحاديث التي أخرجها وانفرد بها أحمد توبع عليها في الكتب الأخرى، في السنن وصحيح ابن حبان و مستدرك الحاكم وغيرها . بقي قطن بن نسير لم يرو له مسلم في صحيحه إلا حديثين: الأول متابعةً، والآخر مقروناً بغيره . في المتابعات أخرج الحديث الذي رواه أنس ، لما نزل قوله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [الحجرات:2]: (اعتزل ثابت بن قيس وكان رجلاًَ جهوري الصوت -صوتُه عالٍ-، وقال: أنا من أهل النار؛ لأنني كنت أرفع صوتي على صوت النبي، فافتقده النبي صلى الله عليه وسلم أياماً، فسأل عنه سعد بن معاذ ، قال: يا أبا عمرو ! ما فعل ثابت ، أشتكى؟ -أي: أهو مريض؟- فقال: يا رسول الله! أنا جاره وما علمته يشتكي، ثم انطلق إليه يسأل عنه، فإذا هو معتزلٌ في داره لا يخرج، قال: ما لك، قال: أنا من أهل النار؛ لأنني كنت أرفع صوتي فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، فرجع سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: قل له: أنت من أهل الجنة) . فهذا الحديث رواه الإمام مسلم رحمه الله أولاً بسندٍ (نظيف)، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال: حدثنا الحسن بن موسى الأشيب ، قال: حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، هذا السند الذي افتتح به مسلم هذا الحديث في صدر الباب، سند كالشمس، صحيحٌ أن حماد بن سلمة مُتَكَلَّمٌ فيه بكلام يسير، لكنه كان أوثق الناس في ثابت البناني ، إذا سمعتَ حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني فاعلم أنه لا غبار عليه؛ لأن حماداً كان أوثق الناس، من الممكن أن يُضَعَّف في بعض الشيوخ الآخرين؛ لكن في ثابت لا . بعد أن أورد الإمام مسلم هذا الحديث بهذا السند (النظيف): أبو بكر بن أبي شيبة ، عن الحسن بن موسى الأشيب ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت بن أسلم البناني ، عن أنس بن مالك قال: .... الحديث. وحدثنا قطن بن نسير ، أليس قطن هذا هو الذي اعترض عليه أبو زرعة ؟! الإمام مسلم أخَّرَ رواية قطن ولم يقدمها؛ لأن مسلماً في البداية إنما يعتمد على سندٍ متين، ثم يجيء بعد ذلك بأسانيد قد يكون في بعضها مقال، يريد أن يقول لك: لو اعترضتَ على السند الثاني هذا، فأنا اعتمادي على السند الأول، وبه يثبت الحديث، إنما أوردتُ هذه الأسانيد ليكون نوعاً من التقوية، أي أنه نور على نور. فبعد أن أشرتُ أن الإسناد أولاً جاء بسند (نظيف)، جاءَ برواية قطن ، قال: حدثنا قطن بن نسير ، قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، عن ثابت بن أسلم البناني ، عن أنس بن مالك . فانظر إلى السند الأول: حماد بن سلمة ، عن ثابت . وهنا: جعفر بن سليمان ، عن ثابت . فهذان اثنان عن ثابت . ثالثاً: ثم رواه مسلم بعد ذلك عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت . رابعاً: ثم رواه عن سليمان التيمي عن ثابت . إذاً: هؤلاء أربعة يروونه عن ثابت بن أسلم البناني . فـمسلم روى هذا عن قطن بن نسير متأخراً في المتابعات، فيكون مسلم بهذا قد احتاط.

اعتراض أبي زرعة على بعض رواة مسلم وجواب الإمام مسلم عليه

أقول: يبقى الجواب الذي أجاب به الإمام مسلم رحمه الله عن نفس هذا الاعتراض، الذي وجهه إليه سعيد بن عمرو البرذعي وهو أحد الملازمين لإمام الجرح والتعديل عبيد الله بن عبد الكريم ، الذي هو أبو زرعة الرازي . الخطيب البغدادي روى في تاريخه عن سعيد بن عمرو البرذعي قال: شهدت أبا زرعة الرازي وعرض عليه كتاب: الصحيح لـمسلم -هل تعرف أن أبا زرعة الرازي ، و أبا حاتم الرازي ، والإمام مسلماً ، والإمام البخاري أقران -يعني: أقران في كل من الطلب والزمن- فـسعيد بن عمرو البرذعي جالس عند أبي زرعة الرازي فجاءه رجل وقال له: هذا الكتاب لـمسلم بن الحجاج ألفه وسماه: الصحيح، وثَمَّ عالم اسمه: الفضل الصائغ أيضاً صنف في ذلك الوقت كتاباً سماه: الصحيح، فقيل لـأبي زرعة : فما رأيك في هذا الصنيع؟ قال: فرأيت أبا زرعة يستنكر ذلك ويقول: هؤلاء قومٌ أرادوا رئاسة لأنفسهم قبل أوانها، فصنفوا كتباً يتتوقون بها -يتتوقون بها يعني: أنفسهم تتوق إلى شيء- ثم بدأ أبو زرعة الرازي يقلب صفحات صحيح مسلم وإذا حديث لـأسباط بن نصر ، فقال أبو زرعة : أسباط بن نصر يُروَى له في الصحيح؟! ثم قلَّب ورقتين أو ثلاثاً أو أربعاً وإذا به يجد قطن بن نسير وهو من شيوخ مسلم ، قال: وقطن يُخَرَّج له في الصحيح؟! هذا أهم من الأول، ثم قلَّب ورقتين أو ثلاثاً وإذا به يجد أحمد بن عيسى المصري ، قال: و عيسى المصري ؟! ما رأيت أهل مصر يشكون في أنه ... وأشار إلى لسانه . ماذا يعني هذا؟ يعني: أن أهل مصر يقولون: إن أحمد بن عيسى يكذب، فكيف يروي أحمد بن عيسى في الصحيح؟! ثم قال: يترك ابن عجلان ونظراءَه ويمهد الطريق لأهل البدع علينا، حتى إذا لم يروِ الحديث قالوا: ليس بالصحيح؟! قال: ورأيته يعظِّم ذلك ويستنكره . قال سعيد بن عمرو البرذعي : فلما رجعتُ إلى مسلم حكيتُ له اعتراض أبي زرعة . فانظر ماذا سيقول الإمام مسلم ، هذه الإجابة التي ينبغي أن لا نغفلها، ونحن ننظر إلى الأسانيد التي في الصحيحين، وفي بعضها كلام . قال مسلم : إن ما قلته من الاعتراض صحيح، وأنا أقر به. إذاً: مسلم يعلم أن هؤلاء الرواة مُتَكَلَّم فيهم، ومع ذلك خَرَّج لهم . إذاً: ما عُذْرُك أيها الإمام؟ قال: إن الحديث قد يكون معروفاً بنزولٍ من رواية الثقات، وهو معلومٌ عند أهل العلم، فوقع لي من طريق هؤلاء عالياً، فخرَّجته رجاء العلو، والحديث معروفٌ أصلُه عند أهل العلم من روايات الثقات . ما معنى هذا الكلام؟ هناك في الحديث: العلو والنزول، وأشرف أنواع العلو: هو: تقليل عدد الوسائط، بأن تصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسنادٍ (نظيفٍ) وبِعددٍ قليل . يعني مثلاً: عُدَّ معي: أحمد بن حنبل قال: حدَّثنا سفيان بن عيينة -ما شاء الله! حُفَّاظ- عن الزهري عن أنس ، فهذا إسناد رباعي . حسن كم هؤلاء؟! أربعة . ولو قلنا: سفيان بن عيينة قال: حدثنا الزهري ، عن أنس : كم بين سفيان وبين الرسول صلى الله عليه وسلم؟ اثنان. وكم بين أحمد وبين الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ثلاثة. فأيهما أعلى سنداً: سفيان أم أحمد ؟ سفيان لماذا؟ لأن عدد الوسائط بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أقل، وهكذا، كلما كان الإسناد ثلاثياً كان أعلى، أو رباعياً كان أنزل، أما لو كان خماسياً فالرباعي أعلى منه، وهكذا . فأعلى سند في البخاري بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة، يسمونه العلماء: ثلاثيات البخاري .



علو الإسناد وأهميته عند علماء الحديث

فأشرف أنواع العلو أن تصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسنادٍ نظيف، يقل فيه عدد الوسائط بينك وبينه صلى الله عليه وسلم، لأنه -صلى الله عليه وسلم- مثل المصباح، كلما اقتربت إلى المصباح ازداد الضوء، وكلما ابتعدت عنه قل هذا الضوء، وإن ابتعدت كثيراً أوغلت في الظلمة، لهذا كان العلماء يتهافتون على العلو . الإمام البخاري أرفع الأسانيد من جهة العلو عنده: بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة، حتى يصل إلى خمسة، فيكون بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم خمسة، فأنت مثلاً لو قُدِّر أن يكون لك سند إلى البخاري ، فتعد الوسائط التي بينك وبين البخاري ، ثم بعد البخاري وشيوخه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وتنظر كم بينك وبين النبي عليه الصلاة والسلام . السندي كان يقول: لمثلي فليسعَ! بيني وبين البخاري تسعة، وهذا كان أعلى سند موجود في الدنيا، والبخاري كذلك بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة رواة، فيكون بـالبخاري أربعة، فالأربعة مع التسعة يصبحون ثلاثة عشر راوياً فقط، إذاً: السندي متأخر، لما يكون بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر راوياً فقط فهذا أعلى إسناد، في سنن النسائي ، و النسائي كما تعرفون من طبقة البخاري ، يعني: أدرك أغلب مشايخ البخاري وتسعون بالمائة من مشايخ البخاري أدركهم الإمام النسائي وروى عنهم، بين النسائي في هذا الحديث وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية، فأنزل سند موجود في سنن النسائي : بين النسائي وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية. فالقصد أن الإمام مسلم لرغبته في العلو يقول: رب حديثٍ يكون الراوي المُتَكَلَّم فيه -لو أنني أخذت الإسناد من طريقه إلى النبي صلى الله عليه وسلم- بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم خمسة، أو أربعة، فإذا أردتُ أن آخذه من طريق غيره من الثقات نزلتُ درجة أو درجتين . فيكون بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم إما ستة أو سبعة، أو أكثر. فيقول: لا . أنا علمتُ أن هذا الراوي المُتَكَلَّم فيه لم يغلط في هذا الحديث بدلالة المتابعات من الثقات، والحديث معروفٌ لدى أهل العلم جميعاً أنه صحيح، وأن الثقات رووه، وأنا ثبت لديَّ أن هذا الراوي وإن تُكُلِّمَ فيه لكنه لم يغلط في هذا الحديث، فرغبةً مني في أن أعلو بسندي، اخترت هذا الطريق، وتركتُ الطريق الآخر لنزوله، واكتفاءً بشهرته عند أهل العلم . فالإمام مسلم قال: إن هذا هو عذري في التخريج لمن أخرجت عنه وهو مُتَكَلَّمٌ فيه .

رواية المختلط يحكم عليها بالمتابعة

غالب المحدثين فقهاء، وغالب الفقهاء ليسوا محدثين. إذاً المحدثون كل راوٍ تكلموا فيه رفضوا مروياته، مثل عارم بن الفضل الذي قالوا فيه: إنه اختلط، واختلط بمعنى تغيَّر حفظه، مثال الاختلاط: رجل يدخل على أبيه -هل يلتبس الابن على الأب؟!- فلما يدخل عليه يقول له: أين أبوك؟! هل أبوك بخير؟! ما رأيتُه منذ مدة؟! أهو مسافر أم ماذا؟! فلما يقول هذا الشخص هذا الكلام يكون قد اختلط، فسقط تمييزه، هذا معنى الاختلاط عند المحدثين، أنه يتكلم بكلام غريب مثل المثال الذي ضربته الآن . فالمحدثون يقومون بضبط تاريخ اليوم الذي اختلط فيه؛ لأنه شيخ، وكل يوم له مجلس ويقول: حدثنا، وأخبرنا، فهم يريدون أن يميزوا ما بين أحاديثه وقت الاختلاط، وأحاديثه قبل الاختلاط؛ لأنه لما اختلط سيدخل الأسانيد في بعضها، والمتون في بعضها، وهذا دين وشرع يجب المحافظة عليه. فحينئذٍ لابد من تمييز الوقت الذي اختلط فيه . فـعارم اختلط سنة (220هـ) فـأبو حاتم الرازي يقول: من سمع منه قبل سنة (220هـ) فسماعه جيد، وسمع منه أبو زرعة الرازي سنة (222هـ)، إذاً: سمع منه في الاختلاط أم لا؟ فإذا رأينا في الأسانيد حدثنا أبو زرعة الرازي ، قال: حدثنا عارم نقف، ونبحث هل عارم هذا حفظ هذا الحديث، أم كان من جملة ما اختلط فيه؟! إذاً: ربما تقول: وأنا ما أدراني هل اختلط أم لم يختلط، هذا موضوع بعيد؟! نقول لك: يُعْرَف ذلك بما يسميه أهل الحديث بالمتابعة. ما هي المتابعة؟ المتابعة معناها: الموافقة . مثل هذا الإسناد . وأنا أرى يا إخواننا أنكم تساهلتم في طلب العلم، كيف ذلك؟! تأتون إلى الدروس بدون دفاتر وبدون أقلام، وبدون كتب. أقول: إن من حق العلم علينا أننا نأتي بالكتاب وبالأقلام، ونقيد الفوائد بالكتابة، وكما قال الأول: أيها الطالب علماً ائتِ حماد بن زيد فاستفد حلماً وعلماً ثم قيده بقيد أي معلومة لا تقيدها تفر منك في أسرع وقت، ومهما حاولت الإتيان بها فلن تستطيع. فمن حق العلم أنك تأتي إلى مجلس العلم بسمت طالب العلم .

كيفية المتابعة ومعناها

نذكر إسناداً ونأتي بأئمة مشاهير لندلك على كيفية المتابعة: نقول: أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أنس ، هذا إسناد رباعي لماذا؟ لأنه مكون من أربع طبقات . أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أنس ، هؤلاء أربعة، كل واحد من هؤلاء الرجال نسميه طبقة، فإذا أسقطنا هنا الإمام أحمد أصبحوا ثلاثة، سفيان بن عيينة ، و الزهري ، و أنس . فلو روى هذا الحديث عن سفيان ، عن الزهري ، عن أنس رجلٌ آخر غير الإمام أحمد ، مثل: قتيبة بن سعيد ، أو مسدد بن مسرهد ، أو عارم مثلاً، أومحمد بن أبي عمر العدني ، أو أحمد بن منيع ، أو أبي ربيع الزهراني ، أو أحمد بن عبدة الضبي ، كل هؤلاء من أقران الإمام أحمد بن حنبل ، فلو روى واحدٌ مثل: قتيبة بن سعيد أبي رجاء فقال: حدثنا سفيان عن الزهري عن أنس ، فنحن نقول: إن قتيبة تابع أحمد بن حنبل على رواية هذا الحديث، أي وافقه على ذكر الحديث بالسند والمتن . يعني: نفترض أننا الآن في زمان الرواية، فأنا رويت حديثاً عن الشيخ الألباني ، و الشيخ الألباني يرويه عن الشيخ ابن باز ، و الشيخ ابن باز يرويه عن الشيخ أحمد شاكر ، ولنفترض أنه كلام للشيخ أحمد شاكر ، فأنا قلت: حدثنا أبو عبد الرحمن ناصر الدين الألباني ، قال: حدثنا الشيخ ابن باز قال: حدثنا أحمد شاكر ...، ثم يروي هذا الكلام الشيخ سيد سابق فيقول: حدثنا أبو عبد الرحمن الألباني ، قال: حدثنا ابن باز ، قال: حدثنا أحمد شاكر ...، فيكون الشيخ سيد تابعني وأنا تابعته، كلانا تابع الآخر على رواية الإسناد والمتن، هذا يسميه علماء الحديث متابعةً تامة، أن يروي جماعةٌ حديثاً عن شيخ مشترك بينهم، مثل المثال الذي ضربناه، أحمد بن حنبل ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أنس ، ففي طبقة أحمد ذكرنا جماعة من الرواة: قتيبة بن سعيد ، و أحمد بن منيع ، و محمد بن أبي عمر العدني ، وأبي ربيع الزهراني ، ومسدد بن مسرهد كل هؤلاء لو قالوا: حدثنا ابن عيينة ، فيكون كل واحد منهم تابع الآخر . إذاً عرفنا ما معنى المتابعة!! تعني: الموافقة، وهي موافقة أهل الطبقة لبعضهم، أحمد بن حنبل طبقة، سفيان بن عيينة طبقة، الزهري طبقة، أنس طبقة . فالرواي المُتَكَلَّم فيه لما يروي حديثاً، ونحن نريد أن نعرف هل غلط الراوي في هذا الحديث أم لا، ماذا نعمل؟ ننظر إلى أهل طبقته، هل وافقه الثقات منهم على هذا الحديث، أم هو لوحده أتى به، ولا أحد معه؟ فإذا كان هذا الراوي المُتَكَلَّم فيه تابعه الثقات الكبار، دل ذلك على أنه حفظه، بدليل أن هذا الحديث وُجِد عند العلماء الكبار من أهل طبقته، ومن أصحاب شيخه الذي هو ابن عيينة مثلاً . أما إذا كان هذا الراوي المُتَكَلَّم في حفظه انفرد بهذا الحديث ولم يوافقه أحد، نسأله ونقوم بمحاكمته، هو روى عن سفيان بن عيينة حديثاً، فنقول له: تعال! أنت لست معروفاً بحفظ، ولا مشهوراً بطلب علم، وكلما قالوا لك: حدِّثنا، تقعد فتحدث بما في رأسك، ولا تأتي بالمعلومة إلا بعد ما تتلكأ وتظل ساكتاً برهة، قل لي إذاً: هذا الحديث كيف أتيت به عن سفيان ؟ وأين أصحاب سفيان الكبار الذين جلسوا معه ولازموه ليل نهار، حتى يخصك أنت لوحدك بهذا الحديث؟ ماذا يعني هذا؟ فأصحاب سفيان الكبار الذين جلسوا معه ليل نهار، كلهم لا يعلمون شيئاً عن هذا الكلام، وأنت رغم أنكن لست معروفاً بحفظ ولا بفقه ولا بمجالسة طويلة، ولا .. ولا .. فتأتي بهذا الحديث عن سفيان ؟! هذا منكر، نحن لا نقبله منك . إذاً: الراوي لَمَّا يُتَكَلَّم فيه، ننظر هل تابعه أحد من أهل طبقته أم لا؟


كلام أهل العلم في عارم بن الفضل

نأتي على عارم بن الفضل المُتَكَلَّم فيه، برغم أن أبا حاتم الرازي زكاه، وتزكية أبي حاتم الرازي مثل المسمار في الساج، كما يقول الدارقطني و الدارقطني لا يقصد أبا حاتم ، فـالدارقطني له عبارة هكذا، عندما يحب أن يوثق أحداً يقول: وأوثق الناس ولا أحد يشبهه، هو مثل المسمار في الساج، والساج نوع من الخشب انظر لما تأتي بمطرقة ومسمار كبير وتدقه في الساج، هل تستطيع أن تخرجه؟ لن تستطيع إخراجه. فيريد أن يقول لك: إنه ثبت كثبات المسمار في الساج . وعلماء الجرح والتعديل لهم عبارات كهذه، فـأبو حاتم الرازي إذا سئل عن راوٍ وقال: بين يدي عدل، يعني على شفيرها، وهذا جرح من أبي حاتم الرازي . وسنأتي على شيء من كلام العلماء، في الجرح والتعديل في مكانه إن شاء الله. أبو حاتم الرازي الذي تعتبر تزكيته مثل المسمار في الساج، يقول الذهبي : إذا وثق أبو حاتم رجلاً فشد يديك به، فإنه لا يوثق إلا صحيح الحديث؛ لأن أبا حاتم الرازي من طبقة المتشددين من أئمة الجرح والتعديل، يعني إذا وثَّق رجلاً فهنيئاً له، لماذا؟ لأنه كان يجرح الراوي في الغلطة والغلطتين، والمفروض أن يفوتها له، يعني: لو أن شخصاً حفظ مائة ألف حديث وغلط في حديث يقوم أبو حاتم -ولا يعطي له فرصة- ويبين غلط هذا المحدث، ويشدد النكير عليه، وأنه سيئ الحفظ وغير ذلك. فلما يكون الشخص متشدداً مثل أبي حاتم ويقول : إن عارم بن الفضل ليس بأقل من عفان بن مسلم . وكان سماك بن حرب يقدمه على حماد بن زيد ، فزكى أبو حاتم الرازي عارماً، لكن تكلم فيه العلماء بسبب اختلاطه .

الرد على من يقول: إن بعض رواة الصحيح متكلم فيهم

ورب قائل يقول: ها هو البخاري الذي ما فتئتم تقولون: إنه لا يخرِّج في صحيحه إلا أصح الصحيح، مِن الرواة الذين هم في القمة، فها هو أحد رواته مُتَكَلَّمٌ فيه! كيف خرَّج له البخاري وقد تَكَلَّم فيه أهل العلم؟ نقول له: أولاً: الإمام البخاري لما روى هذا الحديث رواه من طريق شيخين آخرين هما في القمة، إذاً: هاذان الاثنان تابعا عارم بن الفضل أم لا؟ نعم تابعاه . انتهى الإشكال! إذا كنت غضبان من عارم فاجعله جانباً، بقي الحديث الصحيح من الطريق الصحيح؛ لكن هذا يدل على أن عارماً حفظه، ولم يخلط فيه، بدلالة متابعة مسدد بن مسرهد ، ومتابعة موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي ، كلاهما روى هذا الحديث عن أبي عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري ، عن أبي بشر ، عن يوسف بن ماهك ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص . فمن الأشياء التي يدفع بها العلماء ضعف الراوي أو الكلام فيه: المتابعات الصحيحة . هذا أولاً . ثانياً: نفترض أن البخاري روى لـعارم ولم يوجد له متابعة في صحيح البخاري ، فما ردك؟ نقول: ننظر إلى هذا الحديث خارج صحيح البخاري ، فسوف نجد متابعة لهذا الراوي خارج الصحيح، من الثقات، فيكون لا عتب على البخاري ؛ لأن هذا الراوي توبع خارج الصحيح . إذاً نفترض أن هذا الراوي ليس له متابعة داخل الصحيح، ولا خارج الصحيح، والعلماء تكلموا فيه، فما جوابك عن البخاري ؟
يتبع لكتاب
11

thanks thanks thanks thanks thanks thanks thanks thanks thanks thanks thanks thanks تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية تحية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://hamykaly113.skyrock.com
rama88
 
 
rama88


عدد المساهمات : 892
تاريخ التسجيل : 16/01/2011
العمر : 36
الموقع : منتدى المدية

شرح  كتاب العلم  من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني10   شرح  كتاب العلم  من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني10 Emptyالأربعاء 11 مايو 2011 - 12:01

thanks 2 thanks 2 thanks 2 thanks 2 thanks 2 thanks 2 thanks 2 thanks 2 thanks 2 thanks 2 thanks 2
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني10
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني1
» شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني2
» شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني3
» شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني4
» شرح كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري لفضيلة الشيخ أبي إسحاق الحويني5

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المدية :: - دينــــــــــي الحنيــــــــف - :: المنتــدى الإسلامـــي-
انتقل الى: