وداعاً لداء السكري
يوماً ما اعتبر التيفوئيد من الأمراض القاتلة و كانوا يحسبون السل من الأمراض المستعصية على المعالجة ، ثم تقدمت العلوم الطبية و أصبحت هذه الأمراض و غيرها قابلة للعلاج و بنتائج مؤكدة . و في العالم المتقدم و منذ سنوات قليلة ماضية كان المرضى المصابون بالداء السكري من النموذج الثاني ينعون حظهم العاثر في كونهم سيقضون حياتهم مع المعاناة من هذا الداء اللعين ، و أنهم جميعاً مقبلون في النهاية على تناول الإنسولين حقناً تحت الجلد و في معظم الأحوال مرتين يومياً ، ناهيك عن الاختلاطات المرافقة ، كالتهاب الأعصاب السكري الذي يتجلى بالخدرو النمل في الأطراف السفلية ، و القرحات السكرية ، و تصلب الشرايين ، و ارتفاع التوتر الشرياني ، و ، و ، و، و، .
لكن و بعد طول انتظار أقبل القرن الجديد الواحد و العشرون ، و أقبلت معه المفاجئة ، نعم لقد أصبح الداء السكري داءً جراحياً و تشفيه الجراحة ، و يشفى معه ارتفاع التوتر الشرياني ، و آلام المفاصل ، و تشحم الكبد ، و البدانة .
في أمريكا ، و في فرنسا ، و في إيطاليا ، و في ألمانيا و غيرها من البلاد المتقدمة ، أصبح الداء السكري من الأمراض التي تشفى بالجراحة الاستقلابية
الجراحة الاستقلابية .
حتى الآن أجرينا عمليتين موثقتين لمعالجة الداء السكري تكللتا بالنجاح التام حيث انخفض سكر الدم في الحالة الأولى من 400 ميلي غرام إلى 90 ميلي غرام ، و في الحالة الثانية من 385 ميلي غرام إلى 96 ميلي غرام .
نقول هذه الجراحة هي جراحة نوعية اختصاصية لمعالجة الداء السكري ، و ارتفاع التوتر الشرياني ، و ارتفاع الكوليستيرول ، و تشحم الكبد.
لقد أصبح واضحاً من خلال الدراسات في السنوات الأخيرة أن الجهاز المعدي المعوي و الأمعاء الدقيقة بشكلٍ خاص تلعب دوراً دقيقاً في تنظيم مستوى سكر الدم ، و استقلاب الشحوم ، و في ضبط الشهية و وزن الجسم .
لقد ثبت أن التداخل الجراحي على التسلسل التشريحي للجهاز المعدي المعوي يؤدي إلى تحسن واضح في الداء السكري يصل بمستوى السكر في الدم إلى الحدود الطبيعية ، و الاستغناء عن تناول الإنسولين أو الأدوية الخافضة للسكر الفموية .
إن هذا التحسن في الداء السكري يمثل ثورة في تاريخ معالجة الداء السكري الذي اعتبرَ من الأمراض المزمنة و الغير قابلة للتراجع .
لقد أجمع المجتمعون من العلماء في علوم الغدد و الداء السكري و فيزيولوجيا الجهاز المعدي المعوي في مؤتمر جراحة الداء السكري الذي عقد في روما إيطاليا خلال شهر آذار لعام 2007 ، على أن هذه النقلة التاريخية ، تمثل خياراً جديداً لمعالجة الداء السكري لدى الكثيرين من المرضى السكريين بعد إجراء الدراسات السريرية و المخبرية الخاصة و التي يمكن أن تؤهلهم لهذا النوع من المعالجة الجديدة .
بناءً على ذلك فإن العديد من المراكز الطبية العالمية المتقدمة بدأت بمعالجة المرضى السكريين الذين تنطبق عليهم الشروط الخاصة لمثل هذه الجراحات و أصبحت الجراحة الاستقلابية إجراءً معترفاً به في معظم الدول المتقدمة .
و تقول تقارير الجمعية الأمريكية للداء السكري ( أن هناك ما يقرب من 21 مليون مواطن أمريكي مصابون بالداء السكري نموذج 2 الذي هو ثابت بأنه غير قابل للشفاء بالمعالجة الدوائية الحاضرة .و لا تزال المقاومة للمعالجة بالإنسولين في تزايد عالمياً . من المعروف أن البدانة تزيد في خطورة الإصابة بالأمراض الإستقلابية ، و على الأقل فهي تزيد المقاومة للإنسولين ) .
إن الجراحة الاستقلابية يمكن أن تقدم للمريض السكري الشفاء التام ، و في الحقيقة فإن مستوى التحسن في الداء السكري بعد الجراحة الاستقلابية لا يمكن مقارنته بنتائج المعالجة الدوائية للداء السكري .
و يقول البروفسور كورت رئيس قسم الجراحة في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا ، الولايات المتحدة الأمريكية : ( تصور أن يراجعك مريض في العيادة الخارجية بشكوى داء سكري وهو يتناول معالجة فموية أو بالإنسولين ، و حمية قليلة الملح لإصابته بارتفاع التوتر الشرياني ، و يسألك عن تدبير للداء السكري ، يبدو من السخف أن لا تنصحه بإجراء الجراحة الاستقلابية ) نقلاً عن مجلة إنكلترا الجديدة الطبية ( (N. Engl. J. Med. 2007;357:741-52 and 753-6.
ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلااااااااااااااااااااااااااااااااام الله
نـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــور